01 فبراير 2019
داعش المغربي في "المؤشر العربي"
خارج الانطباعات العامة التي تَتْركها الأرقام المُنتشرة حول الحُضور المغربي في تنظيم "داعش"، نستطيع اليوم، فقط، أن نحمل فكرةً تقريبيةً حول ما سمته الصحافة "حزب داعش في المغرب"، انطلاقاً من استطلاع المؤشر العربي الذي ينجزه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والذي اشتغل على عينة ضمّت 1500 مواطن مغربي.
كتبت في صيف 2014 في "العربي الجديد" عن المغاربة الدواعش. كانت الأرقام صادمة: العدد الإجمالي للمقاتلين المغاربة في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، يصل إلى 1122 توجهوا، أساساً، عبر تركيا إلى سورية والعراق، فيما يبلغ العدد الكلي للمغاربة، حاملي الجنسيات الأخرى، الأوروبية خصوصاً، بين 1500 و2000. وكان قد لقي أكثر من مئتي مغربي في "داعش" حتفهم، أقدم عشرون منهم، منذ إعلان "الدولة الإسلامية" عن نفسها، على عمليات انتحارية.
وبموازاة هذا الوجود الكمي، لوحظ حضور نوعي لافت، فالمغاربة ممثلون داخل قيادات هذا الكيان الملغز، في قائمة طويلة من "أمراء التنظيم"، بينهم "أمير عسكري"، "قاض شرعي"، "أمير على اللجنة المالية"، "أمير منطقة جبل التركمان"، و"أمير الحدود الترابية".
ولعل هذا الواقع المُثير للمخاوف ما كان قد دفع السلطات المغربية، في الشهور الأخيرة، إلى إعداد مشروع قانون مُعدّلٍ لقانون الإرهاب الصادر العام 2003، حرصاً على تطوير بنية النص الأصلي، بهدف سد الفراغ التشريعي الذي أبانت عنه التوترات الإقليمية، وما أفرزته من حركات تجنيد وتنقل ودعاية للتنظيمات الارهابية، حيثُ أصبحت تعتبر جرائم إرهابية أفعال الالتحاق، أو محاولة الالتحاق، فردياً أو جماعياً، في إطار منظم أو غير منظم، بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية، أيا كان وجودها. ونصّ مشروع القانون على اعتبار تلقي التدريب داخل أرض الوطن أو خارجها، أو محاولة ذلك، بقصد ارتكاب أفعال إرهابية داخل المملكة المغربية أو خارجها، يصنف ضمن خانة الجرائم الإرهابية، ومثل ذلك تجنيد أو تدريب أو تكوين شخص أو أكثر، من أجل الالتحاق بكيانات أو جماعات إرهابية داخل الأراضي المغربية أو خارجها. وتشمل الأفعال الإرهابية، كذلك، وفقاً لهذا النّص، الدعاية أو الإشادة أو ترويج كيانات إرهابية، أو بإقناع الغير بارتكاب جريمة إرهابي.
جاء استطلاع المؤشر العربي، ليُعزّز، في السياق المغربي، من حالة الخوف الطبيعي من الأثر السياسي والأمني لتمدّد تنظيم داعش، ذلك أن إحدى أقوى نتائجه توضح أن لدى 8% من المغاربة نظرة إيجابية، أو إيجابية جداً، تجاه "داعش". وإذا كان 68% من المُستجوبين يحملون نظرةً سلبيةً ضد "داعش"، ففي المقابل لم يُعبر 7% عن أي موقف إيجابي وسلبي تجاه التنظيم، ما يُعمق منسوب القلق من اتجاهات الرأي العام المغربي نحو الظاهرة الدّاعشية.
قلقٌ مشروعٌ ،عندما نُصادف في نتائج الاستطلاع أن نحو الثلثين هم فقط من يؤيدون مقولة "ليس من حق أي جهة تكفير الذين ينتمون إلى أديان أخرى"، وهو ما يجعل ثلث المُستجوبين يعتبرون التكفير حقاً دينياً مشروعاً!
وتُقدم القراءة المُتقاطعة لمُجمل النتائج، موزعةً على المتغيرات المُختلفة للاستطلاع، إمكانياتٍ لتنسيب حقيقة هذا التأييد المغربي للتنظيم، من ذلك أن جزءاً مُعتبراً من مؤيدي داعش (10%) يوافقون على فصل الممارسات الدينية، كمُمارساتٍ خاصةٍ، عن الحياةِ العامة، كما أن ما يُماثل ذلك الجزء لا يعترض بتاتاً على المعاملات البنكية الحديثة، بما فيها نظام الفوائد. وتصل المفارقة إلى قمتها هنا، عندما نكتشف أن نظرة 8% ممن قدموا أنفسهم للاستطلاع غير متدينين إيجابية تجاه تنظيم داعش.
تتقاطع قراءة هذه النتائج مع المحاولات التفسيرية التي اشتغلت على الحالة الجهادية لدى هذا التنظيم، حيث يعتبر باحثون أن التعاطف مع "داعش" يعود، بالأساس، إلى عوامل سياسية مُختلفة، ليس الدين مُحدداً لها، حيث إنها تبدو عنوان جذبٍ جديدا، يضم خليطاً غير مُتجانس، توحده مشاعر الرفض والاحتجاج تجاه سياسات الغرب غير العادلة.
على أن هذه القراءات، ومُفارقات التحليل المُتقاطع للنتائج، لا تغير، في النهاية، من حقيقة القلق الطبيعي تجاه خطر مُتربصٍ، اسمه "حزب داعش في المغرب".
كتبت في صيف 2014 في "العربي الجديد" عن المغاربة الدواعش. كانت الأرقام صادمة: العدد الإجمالي للمقاتلين المغاربة في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، يصل إلى 1122 توجهوا، أساساً، عبر تركيا إلى سورية والعراق، فيما يبلغ العدد الكلي للمغاربة، حاملي الجنسيات الأخرى، الأوروبية خصوصاً، بين 1500 و2000. وكان قد لقي أكثر من مئتي مغربي في "داعش" حتفهم، أقدم عشرون منهم، منذ إعلان "الدولة الإسلامية" عن نفسها، على عمليات انتحارية.
وبموازاة هذا الوجود الكمي، لوحظ حضور نوعي لافت، فالمغاربة ممثلون داخل قيادات هذا الكيان الملغز، في قائمة طويلة من "أمراء التنظيم"، بينهم "أمير عسكري"، "قاض شرعي"، "أمير على اللجنة المالية"، "أمير منطقة جبل التركمان"، و"أمير الحدود الترابية".
ولعل هذا الواقع المُثير للمخاوف ما كان قد دفع السلطات المغربية، في الشهور الأخيرة، إلى إعداد مشروع قانون مُعدّلٍ لقانون الإرهاب الصادر العام 2003، حرصاً على تطوير بنية النص الأصلي، بهدف سد الفراغ التشريعي الذي أبانت عنه التوترات الإقليمية، وما أفرزته من حركات تجنيد وتنقل ودعاية للتنظيمات الارهابية، حيثُ أصبحت تعتبر جرائم إرهابية أفعال الالتحاق، أو محاولة الالتحاق، فردياً أو جماعياً، في إطار منظم أو غير منظم، بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية، أيا كان وجودها. ونصّ مشروع القانون على اعتبار تلقي التدريب داخل أرض الوطن أو خارجها، أو محاولة ذلك، بقصد ارتكاب أفعال إرهابية داخل المملكة المغربية أو خارجها، يصنف ضمن خانة الجرائم الإرهابية، ومثل ذلك تجنيد أو تدريب أو تكوين شخص أو أكثر، من أجل الالتحاق بكيانات أو جماعات إرهابية داخل الأراضي المغربية أو خارجها. وتشمل الأفعال الإرهابية، كذلك، وفقاً لهذا النّص، الدعاية أو الإشادة أو ترويج كيانات إرهابية، أو بإقناع الغير بارتكاب جريمة إرهابي.
جاء استطلاع المؤشر العربي، ليُعزّز، في السياق المغربي، من حالة الخوف الطبيعي من الأثر السياسي والأمني لتمدّد تنظيم داعش، ذلك أن إحدى أقوى نتائجه توضح أن لدى 8% من المغاربة نظرة إيجابية، أو إيجابية جداً، تجاه "داعش". وإذا كان 68% من المُستجوبين يحملون نظرةً سلبيةً ضد "داعش"، ففي المقابل لم يُعبر 7% عن أي موقف إيجابي وسلبي تجاه التنظيم، ما يُعمق منسوب القلق من اتجاهات الرأي العام المغربي نحو الظاهرة الدّاعشية.
قلقٌ مشروعٌ ،عندما نُصادف في نتائج الاستطلاع أن نحو الثلثين هم فقط من يؤيدون مقولة "ليس من حق أي جهة تكفير الذين ينتمون إلى أديان أخرى"، وهو ما يجعل ثلث المُستجوبين يعتبرون التكفير حقاً دينياً مشروعاً!
وتُقدم القراءة المُتقاطعة لمُجمل النتائج، موزعةً على المتغيرات المُختلفة للاستطلاع، إمكانياتٍ لتنسيب حقيقة هذا التأييد المغربي للتنظيم، من ذلك أن جزءاً مُعتبراً من مؤيدي داعش (10%) يوافقون على فصل الممارسات الدينية، كمُمارساتٍ خاصةٍ، عن الحياةِ العامة، كما أن ما يُماثل ذلك الجزء لا يعترض بتاتاً على المعاملات البنكية الحديثة، بما فيها نظام الفوائد. وتصل المفارقة إلى قمتها هنا، عندما نكتشف أن نظرة 8% ممن قدموا أنفسهم للاستطلاع غير متدينين إيجابية تجاه تنظيم داعش.
تتقاطع قراءة هذه النتائج مع المحاولات التفسيرية التي اشتغلت على الحالة الجهادية لدى هذا التنظيم، حيث يعتبر باحثون أن التعاطف مع "داعش" يعود، بالأساس، إلى عوامل سياسية مُختلفة، ليس الدين مُحدداً لها، حيث إنها تبدو عنوان جذبٍ جديدا، يضم خليطاً غير مُتجانس، توحده مشاعر الرفض والاحتجاج تجاه سياسات الغرب غير العادلة.
على أن هذه القراءات، ومُفارقات التحليل المُتقاطع للنتائج، لا تغير، في النهاية، من حقيقة القلق الطبيعي تجاه خطر مُتربصٍ، اسمه "حزب داعش في المغرب".