خمسة أحلام

29 مايو 2016
("بيوت بلا ناس وناس بلا بيوت"/ غرناطة)
+ الخط -

في المجموع، رأيت في منامي إدموندو بيلمونتي خمس مرات. بيلمونتي رجل أربعينيّ نحيف وتعبير وجهه خبيث، ممقوت في كل مكان وموضوع إجباري في كل محادثة على طاولات الموظفين أو الصحافيين.

في أول حلم، كان بيلمونتي يتجادل مطولاً وبشراسة معي. لا أتذكر جيداً موضوع حديثنا، لكن نعم أتذكر أنه كان يكرّر على مسامعي كأنه يقرع على الطبل. "أنت شخص جريء، تبتكر جنحاً لاتهام الآخرين" وأحياناً كان يضيف: "أنت تتهمني مع أنك تعلم علم اليقين أن كل هذا كذب" أنا كنت أظهر له الوثائق التي تورطه وهو كان ينتزعها من يدي ويمزقها. وفي وسط هذا الخراب بالذات استيقظت.

في الحلم الثاني، كان يخاطبني بحميمية أكبر ويبتسم بسخرية. تهكمه كان مبنياً على بعض الشيب المبكر الذي ظهر في شعر رأسي. في الأخير، الدعابة انتهت بقهقهة نهائية مسموعة، والتي بطبيعة الحال أيقظتني من نومي.

في الحلم الثالث كنت أقرأ شيئاً للكاتب الإيطالي سيفيفو وأنا جالس على مقعد في ساحة كاغانشا، هو كان يقترب مني، إلى أن أخذ مكاناً بجانبي وبدأ يحكي لي الدوافع المعقدة التي جعلته يجرح إلى حد الموت سنة 1995 أحد معلقي كرة القدم.

من المنطقي أنني رحت أسأله كيف أنه يعيش مسروراً إلى هذا الحد رغم ما فعله، وكيف أنه يمشي في الأرض كأنه سيّد الكون، ساعتها كان يعود إلى الابتسام بسخرية: "أتريد أن أحكي لك السر؟ لكنني استيقظت بعد هذا السؤال مباشرة.

في الحلم الرابع كان يحكي لي بترف التفاصيل أكبر حب عرفته حياته المضطربة، وهو حبّه لمومس متألقة تعمل في شارع بيريو، والتي بعد خمس سنوات من علاقة إيروتيكية مدهشة جمعته بها لم يكن في وسعه عمل شيء آخر غير خنقها لأنها كانت تخونه مع رجل ألباني عديم الشأن.

أصررت من جديد على سؤالي المعتاد (وكيف أنه يمشي حراً طليقاً). "تجارة المخدرات يا عزيزي، تجارة المخدرات" كانت دهشتي قوية جداً إلى درجة أنني استيقظت وأنا ما أزال مفزوعاً.

أخيراً، في حلمي الخامس والأخير ظهر بيلمونتي الفريد من نوعه في مكتبي. كان سلوكه عنيفاً جداً إلى حد اللامعقول، لم أستطع معه أن أوقف أسناني عن الاصطكاك.

- لماذا وشيت بي أيها التافه؟ -كانت هذه الجملة مقدمته الصاخبة- أنت تحسب نفسك محترماً وعزيز النفس أليس كذلك؟ طالما حذرتك أن اللعب معنا لا ينفع. وأنت أيها الغبي أردت اللعب. لهذا لا تتفاجأ ممّا هو قادم.

فتح بيلمونتي فجأة حاملة الأوراق وأخرج منها مسدساً براقاً. اعتدلت في جلستي مفزوعاً حقاً، لكن قبل أن أتلعثم أو أن أسأل شيئاً، أطلق عليّ بيلمونتي عيارين ناريين. واحد أصابني في الرأس والآخر في الصدر. الغريب هو أنني على عكس المألوف لم أستيقظ من هذا الحلم الأخير بعد.


* شاعر وروائي وقاص وكاتب مسرحي أوروغواياني (1920-2009) من أعماله رواية "الهدنة" والمجموعة القصصية "صندوق بريد الزمن". وهذه القصة من مجموعته "مستقبل ماضيّ" (2003).


*ترجمة عن الإسبانية: إبراهيم اليعيشي



 

دلالات
المساهمون