خلّيهم يتسلّوا

03 أكتوبر 2014
الثورة مستمرة حتى القصاص (GETTY)
+ الخط -

كان الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، "المخلوع"، ملهماً عندما قال جملته الشهيرة: "خلّيهم يتسلّوا"، قبل فترة قصيرة من قيام ثورة طالبت بإزاحته عن الحكم.

كان مبارك يتحدث عن معارضيه "الشكليين" الذين أعلنوا تدشين "برلمان مواز"، نكاية ببرلمان 2010 الذي جاء بتزوير حكومي فاضح وانفرد به الحزب الحاكم.

ظلّت "خليهم يتسلوا" قائمة بعد مبارك، وربما هي مستمرة لسنوات قادمة في مصر، يعلم الله عددها، حيث الشعب وحكامه يلعبون بمصير البلاد، دون وعي بما يمكن أن تنتهي إليه تلك اللعبة الخطرة، الأقرب إلى عربة طائشة مسرعة بلا مكابح.

وكان القيادي الإسلامي، حازم أبو إسماعيل، "المعتقل"، ملهماً عندما قال جملته الشهيرة أيضاً: "السيسي ممثل عاطفي"، أثناء حكم الرئيس محمد مرسي، "المعزول"، بعدما بدأ وزير الدفاع وقتها، عبد الفتاح السيسي، يظهر في وسائل الإعلام بخطابه غير المعتاد من رجال الجيش، والذي يصفه كثيرون بأوصاف لها علاقة بطريقة حديث النساء، بما فيه من تدلّل و"تقصّع"، وأحياناً مغازلة رخيصة.

لا شك أن مبارك كان يعرف جيداً قيمة معارضيه، فهم تربوا "على عينه"، ولديه خبرة طويلة بمواقفهم، وبالتالي كان يرى ما يمكن أن تؤول إليه الأمور، ويدرك أن قسماً من الشعب سيقسم لاحقاً بحياته، و"ما تعرفش قيمة أمك إلا لما تشوف مرات أبوك"، وفق المثل الشعبي.

ولا شك أيضاً أن السيسي يعرف أن المصريين يعجبهم هذا النموذج للحاكم الذي يكذب ليل نهار، بينما تبدو عليه "أمارات" التأثر وتصديق النفس، خاصة إنْ كان يستند إلى قوة السلاح في تثبيت سلطته، في مواجهة شعب "يخاف ما يختشيش"، وفق المثل الشعبي.

ربما يبدو تذكّر المواقف السابقة ضرورياً، فمبارك كان محقاً فيما يخص المعارضين له، والذين وإنْ شاركوا، نوعاً ما، في الإطاحة به، إلا أنهم ظلوا بعدها في حالة أطلق هو عليها "التسلية"، وهي حالة كارثية لا تصنع مستقبلاً ولا تبني بلداً، ونهايتها العودة إلى الوراء.

كما كان أبو إسماعيل محقاً في ما يخص وصفه للسيسي، الذي يثبت في كل ظهور جديد أنه بالفعل ممثل عاطفي، وأن رجلاً من هذا النوع لا يمكن له أن يستمر في حكم البلاد طويلاً، وإنْ استمر، فإنها ستذوق على يديه الأمرّين، وقد بدأت بالفعل.

أنا أحد المصريين الذين يرون أن مصر مقبلة على كارثة كبيرة، لكني أيضاً بين مَن يرون أن هذا البلد يحتاج تلك الكارثة بشدة، وأدعو أن تحدث قريباً، وحجتي أن البلاد المشابهة لمصر والمواطنين المماثلين للمصريين لا يمكن أن يفيقوا إلا على وقع كارثة مدوية. اليابان بعد القنبلة الذرية وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية مثالاً.

المساهمون