خلية "الضابط اللاجئ" تتفاعل بألمانيا: إرباك بين المسؤولين والجيش

04 مايو 2017
اتهامات لأورسولا فون ديرلاين بـ"التقصير" (فيليب غيو/Getty)
+ الخط -
لا تزال قضية اكتشاف وزارة الدفاع الألمانية، الأسبوع الماضي، للضابط في الجيش الألماني "فرانكو أ."، الذي انتحل صفة لاجئ سوري، والمشتبه في تخطيطه لـ"عمل إرهابي"، تتفاعل مع اكتشاف المزيد من التفاصيل.


ويبد واضحا أن التحقيقات التي أجريت حتى الآن تفيد بتورط خلية صغيرة، إلا أنه يجري إحاطة القضية بالكثير من الغموض، ولا تزال محط متابعة حثيثة في الوسط السياسي الألماني.


وبعدما ذكرت تقارير صحافية أن الرئيس الألماني السابق، يواخيم غاوك، ووزير العدل، هايكو ماس، وعضو حزب الخضر، كلاوديا روت، كانوا من بين المستهدفين، ألغت وزيرة الدفاع، أورسولا فون ديرلاين، رحلتها التي كانت المقررة أمس الأربعاء إلى واشنطن، وذلك بعد أن وجهت إليها الاتهامات بـ"التقصير".  


وتواجه الوزيرة ضغوطا فرضت عليها أن تكون قريبة ومطلعة عن كثب على مجريات التحقيق، الذي يتولاه الادعاء العام الألماني، والذي يهدف، بحسب ما أعلن المفتش العام للجيش، فولكر فيكر، في حديث لمحطة "آي إر دي"، صباح اليوم الخميس، إلى "معرفة مدى الإساءة والفهم الخاطئ للولاء وللعقيدة العسكرية، وروح التضامن في صفوف الجيش"، التي ساهمت في الكثير من المشاكل في صفوفه. 



وأكد فيكر على "أهمية إعادة تقويم شامل"، وتحقيقات على المستويات العليا في الجيش، للتثبت من داعميه في صفوف الجيش، وهو ما سيتم التطرق إليه مع أكثر من 100 من قيادي الوحدات العليا في الجيش، اليوم، بحضور الوزيرة فون ديرلاين.


ورأى فيكر أن "التحقيقات لا تعكس بالضرورة اشتباها عاما في القيادات الوسطى داخل الجيش، ولكنها محل قلق محق".


ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن اكتشاف الخلية، بدأت "المشاحنات" السياسية بين المسؤولين وتبادل الاتهامات، بحيث هاجمت وزيرة الدفاع الجيش وعبرت عن اعتقادها بـ"وجود سوء قيادة داخل القوات المسلحة، وضعف في القيادة على مختلف المستويات"، مشيرة إلى أن "الفكر اليميني المتطرف لدى الضابط المشتبه به كان معلوما لدى رؤوسائه السابقين انطلاقا من أن رسالة الماجستير التي حصل عليها عام 2014 انطوت على فكر قومي بالغ الوضوح"، مشددة على "ضرورة عدم التساهل والتسامح مع التطرف السياسي والديني في صفوف الجيش"


لكن كلام فون ديرلاين لم يمر مرور الكرام، فجاءها الرد من رئيس رابطة الجيش الألماني، آندريه فوستنر، الذي عبر، في حديث صحافي، عن شعوره بـ"الصدمة" من تصريحات الوزيرة، والاتهامات الخطيرة التي ساقتها للجيش، لافتا إلى أنها "غامرت كثيرا وعرضت العلاقة بين الجيش والسياسيين للضرر"، مطالبا بـ"إعادة تصويب تصريحاتها"، ومحذرا من مدى تأثيرها على معنويات الجيش و"إضعاف الثقة بالسلطة السياسية المهتزة في الوقت الحالي".


وكانت التحقيقات قد أشارت، بعد إلقاء القبض على فرانكو، إلى تغلغل شبكة يمينية متطرفة منذ العام 2014 في صفوف الجيش، وإلى أن عددا من الضباط الذين يشاركونه الفكر اليميني المتطرف باتوا معروفين من قبل القيادة، بحسب ما صرح المفتش العام للجيش لوكالة الأنباء الألمانية. 


وكان قد ألقي القبض على الضابط المتهم والموقوف على ذمة التحقيق في قاعدة عسكرية في ولاية بافاريا، بعدما شكّت السلطات بتصرفه المريب وإخفائه السلاح في مطار فيينا، فضلا عن الاشتباه بسرقته للذخيرة من مخازن الجيش والعودة لاستعادتها لاحقا. وبحسب ما ذكرت تقارير صحافية، فإن ما دفع الادعاء العام إلى التوسع في التحقيق هو المعلومات التي أشارت إلى أنه انتحل شخصية لاجئ سوري واشتبه بتحضيره لعمل إرهابي يهدد أمن البلاد، وإلصاق التهمة بالأجانب الذين يكنّ لهم الكراهية، بحسب ما بينت محادثات صوتية مع مشتبه به ثان.


وكانت وزراة الداخلية قد أعلنت أنها أخطأت في تقدير حالة الضابط وكيفية حصوله على اللجوء، بعد أن تقدم بطلبه مع نهاية العام 2015، مؤكدة أنه سيتم فحص كافة ملابسات القضية وإجراء التحقيقات في المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، والبحث عما إذا كانت هناك من حالات مشابهة، لا سيما أنه حصل على المعونة الاجتماعية كلاجئ سوري رغم أنه يخدم في صفوف الجيش منذ ثمانية أعوام ولا يتقن اللغة العربية.


وعن الأسباب التي أدت إلى هذا الخرق، يرى خبراء في الشؤون الداخلية الألمانية أن هناك نوعين من المسببات، الأول يتمثل في الضعف لدى الإدارات الرسمية المكلفة بالتدقيق في ملفات اللجوء، والثاني "التقصير من قبل القيادة العسكرية واللامبالاة تجاه الفكر اليميني المتطرف، الذي يحاول بشتى الطرق إحداث خروقات في الإدارات والمؤسسات العامة، ونشر ثقافة تخدم إيديولوجيته المتطرفة".



ويؤكد الخبراء على "ضرورة التيقظ"، وخاصة أن ألمانيا دخلت عمليا في مرحلة انتخابية، ومن الطبيعي أن يسعى اليمين المتطرف الذي تراجعت أسهمه في الفترة الأخيرة إلى إحداث خرق وبلبلة، لتأليب الرأي العام مجددا على الائتلاف الحاكم المكون من أقوى وأكبر الأحزاب التقليدية في البلاد، التي اعتمدت ثقافة الترحيب باللاجئين.