خطوات "محفوفة بالمخاطر" لرئيس الوزراء العراقي نحو فتح ملفات الفساد

31 اغسطس 2020
محاربة الفساد أحد أبرز تعهدات الكاظمي (خالد محمد/ فرانس برس)
+ الخط -

قال مسؤولون عراقيون إن اللجنة التي أعلن عن تشكيلها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس الأحد، والخاصة بالتحقيق بملفات الفساد، ستباشر عملها خلال الأيام القليلة المقبلة، وأن الصلاحيات المخولة بها تمنحها إمكانية فتح أكبر ملفات الفساد في البلاد وإعادة التحقيق بها.
في المقابل، حذّر مسؤولون آخرون من خطورة بعض الملفات المرتبطة بجهات تتمتع بسلطة ونفوذ كبيرين، والتي قد تصدر عنها ردود فعل وخطوات تخريبية.
ويعد ملف الحرب على الفساد أحد أبرز مطالب المتظاهرين العراقيين، إذ تسبب تفشيه منذ عام 2003 بتكبد البلاد خسائر فادحة بلغت مئات المليارات من الدولارات، تورطت أحزاب وقوى سياسية ومسؤولون بارزون فيه.

يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية من قبل الكاظمي تجاه محاربة الفساد


وأعلن الكاظمي، مساء أمس، أنه قرر "تشكيل لجنة تحقيقية عليا مرتبطة بمكتبه، تختص بالتحقيق في "قضايا الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية"، مؤكدا أن "اللجنة سوف تمنح كلّ الصلاحيات المطلوبة لتحقيق هيبة القانون في المجتمع واستعادة حقوق الدولة والمواطن من الفاسدين والمعتدين".
وتابع قائلا "لدينا الإصرار للتمسك بالتزاماتنا، وسنكون على العهد مع شعبنا للعبور بهذه المرحلة"، مشددا على أنه "ليس هناك أحد فوق القانون".

ووفقاً لمسؤول حكومي رفيع، فإن "اللجنة من المقرر أن يكتمل تشكيلها خلال الأسبوع الجاري، وستباشر خطواتها الأولية في غضون 10 أيام على أبعد تقدير"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "عمل اللجنة سيركز على إعادة مراجعة ملفات الفساد في الوزارات السابقة، وحتى ملفات الفساد التي أغلق التحقيق فيها".
وحسب المسؤول ذاته، فإن الملفات التي سيشملها عمل اللجنة بينها "قضية صفقات الأسلحة الروسية التي أبرمت خلال حكومة نوري المالكي، وصفقة المدارس الإيرانية، وصفقة مشروع قناة الجيش ومجمعات سكنية وقروض الإصلاح الزراعي وغيرها من الصفقات". كما أوضح أنه سيناط بها مراجعة عمل لجان التحقيق السابقة، لا سيما لجنة التحقيق بملف سقوط الموصل بيد تنظيم "داعش" الإرهابي.
وأضاف أن "نتائج اللجنة لا يمكن أن تنجز خلال الفترة الحالية، بل ستواصل عملها بفتح الملفات تباعا وتقديم أي ملف يحتوي شبهات إلى السلطة القضائية لمتابعته"، مشيرا إلى أن "اللجنة سيكون عملها دائما، بموازاة عمل الوزارة، وأنها ستتابع عمل اللجان الأخرى في عموم الوزارات، وبصلاحيات واسعة تخولها ذلك".
من جهته، أثنى النائب عن تحالف "الفتح" أحمد الكناني على خطوة الكاظمي، معتبرا أن "أي جهد يبذل لوقف أو تحجيم الفساد في البلاد من قبل الحكومة هو خطوة ضرورية"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة تمر بكثير من التحديات، وأن هذه التحديات تحول دون إمكانيتها في محاربة الفساد، وأن وجود تلك التحديات تجعل من أي خطوة حكومية لمحاربة الفساد منجزا يحسب لها".
وأضاف الكناني "اعتدنا في السابق على تشكيل اللجان الحكومية وغير الحكومية، وأن أغلبها تسوف الحقائق ولا تكشفها، نتمنى أن نرى من هذه اللجنة خطوات حقيقية تحد من عمليات الفساد المستشري في الدوائر الحكومية"، مشيرا إلى أنه "يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية من قبل الكاظمي، تجاه محاربة الفساد، لا سيما أنه يمتلك الصلاحيات الإدارية والقانونية التي تمنحه القدرة على القبض على حيتان الفساد".
أما النائب عن تحالف "عراقيون"، علي البديري، فحذّر من خطورة توجه الكاظمي نحو فتح ملفات الفساد، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أنه "يجب أن يراعي الكاظمي خطورة بعض القوى المتورطة بالفساد، والتي ستلجأ إلى التخريب إذا ما مست تلك اللجان بها". ولفت إلى أن "الخطورة ليست على شخص الكاظمي، بل قد تمس المواطن".
وشدد على أنه "إذا ما أحس الكاظمي بأن فتح تلك الملفات سيحدث مخاطر ستمس المواطن، فإنه قد يتوقف أو يؤجل عمل اللجنة، التي نأمل ألا تكون كحال اللجان السابقة التي لم تحقق شئيا"، مؤكدا أن "إجراءات الكاظمي قد تختلف عن السابقين، إذ إنه على علم بفشل اللجان السابقة، الأمر الذي يدفعه لتجاوز أخطاء السابقين".

وكانت مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة إلى العراق، جينين هينيس-بلاسخارت، قد أكدت خلال إحاطة قدمتها أمام مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الفائت، استمرار الفساد في العراق، وأنه ما زال مستشريا، وأن تكلفته الاقتصادية لا توصف، حيث إن سرقة الموارد التي يحتاجها العراقيون تسرق يوميا.

وتعهدت حكومة الكاظمي، التي قامت على أنقاض حكومة عادل عبد المهدي التي أجبرها الشعب على الاستقالة بسبب حجم الفساد المستشري في البلاد، بتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومحاربة الفساد، وضبط السلاح المنفلت بيد الجماعات المسلحة، وهذه تمثل مطالب المتظاهرين.