فوفق تقرير مفصل نشرته "نيويورك تايمز" على الصفحة الرئيسية لموقعها الإلكتروني، أنجزت خطة وزارة الدفاع بالفعل، وتمّ تقديمها للمستشارين الأمنيين لأوباما، وهي شاملة وتتضمن توصيات وتصورات مفصلة لغارات جوية لأهداف تنظيم (الدولة الإسلامية)" (داعش)، من معسكرات تدريب إلى مراكز قيادته ومخازن ألغامه، وذلك في 4 مناطق ليبية بمعدل 30 إلى 40 هدفا.
الأكثر إثارة في رواية "نيويورك تايمز"، أن الرؤية الأميركية لا تزال تشدد على تزامن العملين السياسي (الانتهاء من حكومة الوحدة الوطنية المتعثرة) والعسكري بشكل متوازٍ، لكن الجديد هو أن الانتظار ريثما يجهز الاتفاق السياسي "يجب ألا يحصل على حساب تمدد التنظيم أكثر"، بحسب ما نصت عليه الخطة.
أما عن الهدف من الغارات الجوية بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، فهو "فتح الطريق أمام المليشيات الليبية المدعومة من الغرب على الأرض في تقدمها البري ضد (داعش)".
اقرأ أيضاً: هولاند: نسعى لحكومة ليبية تتمكن من طلب الدعم الدولي
وبحسب الصحيفة الأميركية نفسها، فإنّ الخطة وضعها 5 مسؤولين أميركيين بقيادة قائد القوات الخاصة للقوة الأميركية في أفريقيا، الجنرال دونالد بولدوك وقدمت لوزير الدفاع أشتون كارتر الذي قدمها بدوره لمستشاري أوباما في 22 فبراير/شباط الماضي. ووفق "نيويورك تايمز"، لم يوافق أوباما بعد على الخطة على اعتبار أن الأولوية لا تزال برأيه "لجهود الحل السياسي"، والمقصود منها طبعاً مساعي إقرار حكومة تجمع طرفي الصراع الليبي، أي أن أوباما لا يزال يميل إلى رأي وزارة الخارجية لا المؤسسة العسكرية، في صراع يتفاقم بين الطرفين منذ بدء الثورة السورية تحديداً، ولا يزال أوباما يرجّح كفة "رأي السياسيين" على حساب "موقف العسكر".
لكن الأكيد بحسب ما تسرب من الخطة، هو أن الولايات المتحدة، وفي انتظار الموافقة النهائية من البيت الأبيض، ستواصل غاراتها المتفرقة ضد كل من سبق له أن استهدف أميركيين أو مصالح أميركية، على غرار ما حصل الشهر الماضي في مدينة صبراتة، غرب ليبيا.
وقد يكون أحد أسباب تأخر تنفيذ خطة التدخل العسكري الأميركية في ليبيا، عائدا لخلافات داخل الإدارة الأميركية حول الأهداف النهائية للحملة، بدليل أن تعليق وزارة الخارجية على خطة وزارة الدفاع جاء سلبياً ومليئاً بالتحذيرات إزاء احتمال أن تؤدي الغارات الجوية إلى عرقلة الجهود الدولية الرامية للتوصل إلى حل سياسي.
حلّ سياسي تتوجس المصادر العسكرية في الإدارة الأميركية إزاء المبالغة في إيلائه الأهمية، بدليل تعليق قائد القوات المشتركة في الجيوش الأميركية، الجنرال جوزف دونفورد، الذي قال، الأسبوع الماضي، تعليقاً على رأي وزارة الخارجية المصرة على أولوية الحل السياسي في ليبيا، إنه سيقدم للوزير (الخارجية) اقتراحات أخرى بديلة.
ونظراً لحساسية الموضوع، رفض مسؤول القيادة الأميركية في أفريقيا، الجنرال دايفيد رودريغيز، الردّ على سؤال السيناتور جون ماكين حول الخطة العسكرية الخاصة بليبيا، وذلك خلال جلسة مساءلة في مجلس الشيوخ قبل يومين.
أما فيما يتعلق بالتسريبات التي تحدثت عن انتشار قوات خاصة من إيطاليا وفرنسا وبريطانيا على الأرض الليبية، فإنّ الصحيفة الأميركية تؤكد أن هذه القوات تقوم بأدوار جمع معلومات واستطلاع وتقديم النصح والاستشارة لـ"المليشيات الشريكة الجيدة" حول الخطط العسكرية المثلى لمحاربة "داعش".
في الخلاصة، يبقى أن كل الخطط الأميركية العسكرية تواجه تحذيرات من خبراء أميركيين وغير أميركيين، تصب جميعها في خانة واحدة: إن الإقدام على أي تدخل عسكري في ليبيا قبل التوصل إلى حل سياسي يُترجم بحكومة وحدة وطنية، قد يؤدي إلى زيادة منسوب الصراعات العسكرية، وتعزيز نفوذ المليشيات المحلية، وإدخال ليبيا في مرحلة أكثر تعقيداً من اللااستقرار والفوضى، بحسب خبراء عسكريين استطلعت "نيويورك تايمز" آراءهم.
اقرأ أيضاً: فرنسا:لن نتدخل بليبيا إذا لم نخفض طلعاتنا بمناطق أخرى