خطاب لعبد الملك زرزور..

24 ديسمبر 2014
نحن لا نحب الحاكم الطيب أو الغلبان!
+ الخط -

عبد الملك زرزور هو أحد أبطال فيلم "إبراهيم الأبيض"، عبارة عن معلم يسكن منطقة الإباجية في مصر المحروسة، يتاجر في البُن ظاهراً، والمخدرات والسلاح باطناً، وهو واحد من مؤسسي دولة الظل.

دولة الظل هي تلك الدولة التي تحتكم إلى قانون خاص، واقتصاد خفي، ومنطق ولغة مختلفين، لكنهما مفهومان لكل رواد هذه الدولة من المناطق العشوائية في حزام القاهرة وما حولها، واليوم تصبح نصائحه هامة، فالعشوائيات التي كانت جزءا من الدولة، صارت هي الدولة، وغطى قانونها قانون الدولة ومنطقها.

عبد الملك زرزور أسطورة حقيقية، ليس في طريقة إدارته لمنطقة الظل التي يعيش فيها، ولكن في الحِكَم السياسية المبدعة التي تعبر عن رجل حكيم وممارس سياسي قدير.

كل السياسيين في بلادنا لم يتعلموا منه أن "أخد الحق صنعة وبالأصول، وإن دخلة السيما اللي بيدخلوها دي لا فيها صنعة ولا هوبت من الأصول، وإنها دخلة إنك لميت وإنهم لميتون". وهذا المبدأ السياسي الأساسي الذي يتعلمه كل ممارس سياسي، أن الصراع الصفري ليس صراعا سياسيا، وأن كيفية استخلاص الحق لا تتطلب هذه البروباجندا والمظلومية التي يعيش فيها كل التيار المنخرط في السياسة، ولكنها صنعة ولها أصول.

يحتاج عبد الملك زرزور أن يزور رئيس الجمهورية، ليخبره أن "الجرأة حلوة مفيش كلام، لكن ياما راح زيك وأكبر منك كانوا عاملين 100 راجل في بعض". ففكرة مذبحة القلعة التي أدارها محمد علي، أو التخلص من مراكز القوى التي أدارها السادات، لم تغن عنهم شيئا، وبقي الوطن وغاب الأشخاص، فلا تجعلوا الأوطان عرضة لمغامراتكم.

لو سمع الساسة والعسكريون وقادة الجماعات في بلادنا نصيحتك لأولادك "لو في نخلة فِرعها في حوش بيتك وجذورها مدت وهيجيلها يوم تضايقك تقطعها على طول ولا تستنى بلحها الأول وبعدين تقطعها؟!" لتعلموا أن مصلحة الوطن "البلح" تتطلب أن تصبر على خصمك، وأن العجلة في قطع كل نخلة (فِرعة) سيؤدي بنا إلى بلد خاوٍ من الثمر، وستصبح البلاد كأعجاز نخل خاوية، ثم لا نسمع بعدها إلا "أجيب منين معنديش.. مش قادر".

"كانت أغلى مهرة في سوق الرهاوين، وبعد سنتين كانت نمرة واحد في سوق الأحصنة، وبعدين تتعلق وتشد كارو دنيا غريبة.. مكتوب". لو فهم كل سياسي منافق وكل إعلامي فاشي أن الدنيا (دوارة)، وأن كل نظام سابق كان في بدايته (أغلى مهرة)، وأن بظلمه والفاسدين الملتفين حوله أصبح (متعلق) وبيجر (كارو)، لأدرك الجميع أنه ليس من مصلحة أحد الرهان على نظام وسحق كل القيم، وليس من مصلحة الوطن أن يصبح ضميره لعبة في يد أحد.

نحن لا نحب الحاكم الطيب أو الغلبان، فما الفائدة بحاكم طيب حوله مجموعة من الفاسدين؟! ولكن لابد أن يكون في مكتب كل المساعدين مقولتك الخالدة "تعكّ من ورا ضهري تصبح عدوي"، حتى يعلم المساعدون أنهم في دولة وليس (عزبة)، وأن المحاسبة أهم قيم الحكم الرشيد.

عزيزي عبد الملك زرزور "وإحنا بإيدينا إيه نعمله، العمل عمل ربُنا.. الإنسان ضعيييييف"، أنت كنت ضعيفا أمام امرأة أثارت عواطفك وغرائزك، ونحن ضعفاء أمام ثورة أثرت حياتنا وردّت لنا الروح، أنت نسيت هيبتك وهيلمانك فلم تعد الحياة والهيبة إلا هي، ونحن نسينا أحلامنا وإنجازاتنا، فلم تعد الحياة إلا هي، ولم يعد المجد إلا لمن ماتوا في سبيلها.

يا صديقي أنت عاشق ونحن عشاق، ولكن في بلادنا العشق جريمة، والقتل عادة، ووأد الأحلام في مهدها عبادة كل طاغية.

"الإنسان ضعييييييييييييييييف"

في الحقيقة أنا ممتن كثيرا لتلك الحكاية التي ألفها عباس أبوالحسن، وأخرجها مروان حامد، وقام بتجسيد شخصيتك باقتدار، محمود عبد العزيز، في ملحمة تعكس حقيقة الدولة في مصر، من العنف والقتل وغيبة القانون، وتعكس بؤس الفقر والعشوائيات، وهما يحكمان دولة العز والكرم. فهل يتعلم الرئيس الحالي من بعض نصائحك أم ستأخذه الجرأة الكذوب، وإطراءات الغمز والتطبيل؟!


*مصر

المساهمون