وعلى الرغم من عدم نشر تفاصيل المبالغ وكيفية توزيعها على الداخل السوري ودول الجوار رسمياً، إلا أن جهات من المعارضة السورية تخشى من أن يتمّ توزيع المساعدات وفقاً لما تمّ خلال المؤتمرين الأول والثاني. في مؤتمر المانحين الأول (يناير/كانون الثاني 2013)، بلغت حصة نظام الرئيس السوري بشار الأسد أكثر من 600 مليون دولار من أصل 1.5 مليار دولار تمّ إقرارها، في وقتٍ لم يصل منها سوى الفتات للداخل السوري، الذي يعاني معاناة حقيقية، ولدول الجوار كلبنان والأردن، اللذين يستضيفان أعداداً هائلة من النازحين السوريين.
وتتحوّل المبالغ حصراً إلى الأمم المتحدة ومؤسساتها، أي أن جهات المعارضة السورية ومؤسساتها الممثلة بـ"الائتلاف الوطني" المعارض، والحكومة المؤقتة، ووحدة تنسيق الدعم (الذراع الإغاثي للائتلاف)، لا تستلم أياً من هذه المبالغ، بل تصل إلى منظمة "أوشا"، التي تُعتبر المظلّة الدولية للمنظمات غير الحكومية، ومصدر دعم لباقي المنظمات، وتؤدي دورها كمؤسسة ناظمة لعمل المنظمات الإغاثية والإنسانية وغيرها.
ولعلّ الأمم المتحدة لم تستثمر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139، المتعلّق بإيصال المساعدات الإنسانية في سورية، والعمليات الإغاثية عبر الحدود وعبر خطوط النزاع، إلا في حدوده الدنيا، وما زالت تتجنّب العمل مع مؤسسات المعارضة، "حرصاً على سلامة مكاتبها وموظفيها في دمشق". مع العلم أن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتي لا تصلُها الأمم المتحدة، هي المناطق الأكثر حاجةً وتضرراً.
من جهته، يشير مصدر في "وحدة التنسيق والدعم في الائتلاف المعارض"، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "منظمة أوشا توزع المساعدات والدعم على المنظمات غير الحكومية المختلفة، وفقاً لما تراه من انجازات ومعايير ثابتة لديها. كما تنسق مع النظام السوري لإدخال المساعدات إلى المناطق المنكوبة، كونه الجهة الرسمية التي تحتل المقعد السوري في الأمم المتحدة".
ويلفت إلى أن "الجدل حول هذا الموضوع كبير، لناحية اتهام النظام باستغلال المساعدات الاغاثية والانسانية واحتكارها، بل يصل الحال أحياناً إلى بيع هذه المساعدات بدلاً من توزيعها لمستحقيها. كما يحصل النظام على حصة كبيرة من هذه المبالغ، وتذهب أجزاء منها إلى دول مجاورة لدعم النازحين".
اقرأ أيضاً: مؤتمر المانحين يتعهد بـ 3.8 مليارات دولار للشعب السوري
ولفت إلى أنه "لا يتم دفع المبالغ مرة واحدة ونقداً، بل يتم توزيعها على دفعات سنوية ونصف سنوية أو فصلية". وأفاد بأن "هناك مبالغ نقدية، تُقتطع من التبرّعات كأجور ومصاريف إدارية، وتختلف المبالغ من منظمة إلى أخرى، وتعتبر وحدة التنسيق من أقل المنظمات السورية والدولية اقتطاعاً للمبالغ، بقيمة لا تتجاوز 8 في المائة، مع التأكيد بأنها لا تستلم شيئاً منها، بينما هناك منظمات أخرى أجنبية، يتجاوز اقتطاعها الـ40 في المائة، علماً أن المنظمات تأخذ من أموال المساعدات السورية لدعم نفقاتها التشغيلية لمختلف مكاتبها حول العالم".
في المقابل، ما أن أُعلن عن المبالغ المقدمة خلال المؤتمر، حتى قدمت الدول المستضيفة للسوريين خططها واحتياجاتها، للاستمرار في دعمهم على أراضيها، فطالب رئيس الوزراء اللبناني، تمام سلام، المجتمع الدولي بـ"تمويل خطة قيمتها مليار دولار لدعم السوريين في لبنان". وقال إن "هذه الخطة تتضمن توفير خدمات المياه والصرف الصحي والنفايات الصلبة والزراعة والطاقة والنقل والصحة والتربية وغيرها، للنازحين السوريين في لبنان".
أما رئيس الوزراء الأردني، عبد الله النسور فقال في المؤتمر، إن "الأردن يحتاج الى ثلاثة مليارات دولار لتلبية احتياجات السوريين على أراضيه". ولفت إلى أن "الأردن استنفد موارده إلى الحدّ الأقصى واستُهلكت بنيته التحتية وتراجعت خدماته وتأثرت إنجازاته، ولم يعد قادراً على تقديم ما اعتاده لمواطنيه".
وعن التزام المانحين بالمبالغ المعلن عنها، أوضحت مديرة "وحدة التنسيق والدعم" السابقة في "الائتلاف" سهير الأتاسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "منذ مؤتمر أصدقاء سورية، الذي عُقد في مدينة مراكش المغربية في ديسمبر/كانون الأول 2012 وحتى اليوم، تتعهّد دول أصدقاء سورية بتقديم مبالغ للشعب السوري، وتعلن عن أرقام كبيرة في وسائل الاعلام، لكن معظم الدول لا تفي بالتزاماتها". وذكرت أن "الكويت اشتكت من عدم الالتزام، كما اشتكت منه الأمم المتحدة ووكالاتها". وسبق للكويت أن استضافت المؤتمرين الأول والثاني (يناير/كانون الثاني 2014) للمانحين.
اقرأ أيضاً: واشنطن توسع قائمة عقوباتها على النظام السوري