خرجت أليس .. ولم تعُد

27 سبتمبر 2014
ما زال البحث عن أليس مستمراً منذ شهر(بيتر ماكديارمد/Getty)
+ الخط -
في 28 أغسطس/آب المنصرم، خرجت أليس غروس (14 عاماً) من منزلها في منطقة إيلينغ في العاصمة البريطانيّة لندن حوالي الساعة الواحدة من بعد الظهر، ولم تعد بعد. في ذلك اليوم وقبل مغادرتها منزل العائلة حيث تعيش مع والدَيها وأختها، أعلمت أليس أمها أنها ستلتقي بعض الأصدقاء. وعند الساعة الثالثة من بعد الظهر، بعثت المراهقة برسالة نصيّة إلى والدها تسأله فيها متى يعود إلى المنزل، لأنها نسيت مفتاحها. وربما يكون موعد عودته من العمل عند السادسة مساءً وضياع المفتاح قد ساهما باختفاء أليس، بحسب الشرطة التي رجّحت أن تكون أليس قد أطالت نزهتها عمداً.

وتلك الرسالة النصيّة كانت آخر اتصال تجريه المراهقة بعائلتها، التي تعاني مذ ذاك الحين صدمةً. لكنها ما زالت تأمل اليوم بعودة صغيرتها، وتناشدها عبر الإعلام أن تفعل، مشدّدة على حبّها لها.

واختفاء أليس، تبعته أكبر عمليّة بحث وتحقيق تديرها الشرطة البريطانيّة منذ الهجوم الإرهابي الذي أطلِقت عليه تسمية "7/7"، نسبة إلى تاريخ السابع من يوليو/تموز 2005. ففي ذلك اليوم، وقعت أربعة تفجيرات انتحاريّة في لندن، ثلاثة منها في قطارات تحت الأرض، أما الرابع فاستهدف حافلة نقل عام، وقد قُتل فيها 52 شخصاً وأصيب المئات بجروح.

وأطلقت الشرطة عمليّة البحث من خلال نشر صور للفتاة الشقراء ذات العينَين الزرقاوَين والشعر البني الفاتح، في جميع أنحاء لندن. وتجدر الإشارة إلى أن المراهقة نحيلة الجسد وهي تعاني من مرض فقدان الشهيّة العصبي وتخضع للعلاج.

إلى ذلك، وضعت الشّرطة خارطة لمسار أليس، انطلاقاً من محطة الحافلات في إيلينغ وتحديداً منطقة هانويل، حيث وقفت تنتظر الباص مروراً بشارع أكسبريدج وصولاً إلى قناة غراند يونيون، حيث التقطت كاميرات المراقبة صور أليس وهي تعبر الجسر.

وتظهر أليس في تلك اللقطات وهي تسير وحدها في الطبيعة بمحاذاة نهر في متنزه غير مقصود كثيراً، وهي تحمل حقيبة ظهر. وبعد مرور أسبوع على اختفائها، تلقت الشرطة بلاغاً عن اختفاء عامل البناء الأربعيني أرنيس زالكالنز في الثالث من سبتمبر/أيلول الجاري. وقد تكون صدفة محضة أن يقيم زالكالنز في المنطقة ذاتها التي تقيم فيها أليس، وأن يسلك الطريق ذاته الذي اعتمدته الفتاة في ذلك اليوم عند ذهابه إلى العمل. إلى ذلك، أظهرت كاميرات المراقبة زالكالنز على دراجته الهوائيّة خلف أليس، وذلك بعد مرورها بربع ساعة.

ونشرت صورة زالكالنز إلى جانب صورة أليس في الجرائد، في إشارة إلى إمكانيّة الاشتباه به في قضيّة اختفائها.

وبعد أيام، عُثر على حقيبة أليس بالقرب من نهر برنت. كذلك، التقطت الكاميرات صور خمسة أشخاص على دراجات هوائيّة تحت الجسر، سلكوا الطريق ذاته الذي اعتمدته أليس.

وقد خصّصت الشرطة أكثر من 600 شرطيّ للبحث عن أليس، غير أنّهم فشلوا في العثور على أي دليل في النهر ولا على ضفّتَيه.

إلى ذلك، بحثت الشرطة في ماضي زالكالنز، وفتحت ملفاته منذ دخوله إلى البلاد آتياً من موطنه الأصلي لاتفيا في أوروبا الشرقيّة عام 2005. وفتّشت محلّ إقامته وتحدّثت إلى شريكته ووالدة طفلته كاترينا ليبلوفا التي أقامت معه في لندن حتى اختفائه.

فوصفته ليبلوفا بالرجل الصالح المحبّ لعائلته. إلا أنّ تاريخه في بلده كشف عن حقائق مغايرة، وقد تبيّن أنّه قاتلٌ قضى في عام 1997 على زوجته البالغة آنذاك 22 عاماً، بعدما أقنعها بمرافقته إلى الغابة حيث انقضّ عليها وطعنها بأداة حادة في صدرها حتى الموت، ومن ثم دفن جثتها هناك.

فأُلقي القبض عليه وحُكم بالسجن 12 عاماً، قضى منها سبعة أعوام ليُفرَج عنه بعد خفض مدّة عقوبته. وقد برّر قتله لزوجته قائلاً إنه اكتشف أنها أصبحت سحاقيّة واتخذت لها عشيقة. لكن روايته تبدّلت عندما أخبر صاحبة السكن في بريطانيا أنه قتلها عن طريق الخطأ، متذرّعاً بالدفاع عن طفلته التي كانت والدتها تؤذيها بشدّة. وفي عام 2009، اتّهم بالتحرّش الجنسي بمراهقة (14 عاماً)، إلا أنّ الضحيّة رفضت التعاون مع السلطات، ما أدّى إلى الإفراج عنه لغياب الأدلة.

من جهة أخرى، أعلنت الشرطة عن مكافأة ماليّة قدرها عشرون ألف جنيه استرليني، لأي شخص يقدّم معلومات من شأنها أن تفيدها في العثور على أليس. وهي علمت مؤخّراً، أنّ زالكالنز أرسل مبلغاً مالياً إلى أم ابنه وابنته في بلده لاتفيا، كذلك وجدت درّاجته. لكنها تحفّظت عن الكشف عن مزيد من الأدلة.
المساهمون