أجمع خبراء أميركيون في شؤون الشرق الأوسط، على الإشادة بالضربات الصاروخية الأميركية على قاعدة جوية في سورية، رداً على استخدام نظام بشار الأسد الأسلحة الكيميائية في خان شيخون.
وفي ندوة نظمها مركز "بروكينغز" للأبحاث في واشنطن، أجمع الخبراء على ضرورة وضع استراتيجية أميركية واضحة تجاه سورية، من أجل الاستفادة من العمل العسكري، لإنهاء الحرب وإيجاد تسوية سياسية.
وقال الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط، دانيال بايمان "بما أنني كنت من أصحاب وجهة النظر الداعية إلى اتخاذ إجراءات أميركية جدية ضد نظام بشار الأسد منذ بدء الأحداث في سورية، فالأحرى بي أن أكون مسروراً بقيام إدارة ترامب بقصف قاعدة جوية تابعة للنظام السوري، لكنني أشعر بالتوتر بدلاً من ذلك. لقد بدت الضربات الصاروخية بالنسبة لي وكأنها مسكّن في مصح لمعالجة تأنيب الضمير، وأشعر أن الأمر بدا وكأننا نريد تسجيل موقف، وليس القيام بخطوة جدية، من أجل تغيير سياستنا في سورية نحو الأفضل".
واعتبر أن "الضربات تمثل نقلة دراماتيكية في سياسة الإدارة الأميركية. لقد سادت قناعة عندما استلم ترامب زمام الأمور، بأنه يريد العمل مع الروس في سورية ضد تنظيم "داعش"، وبالتالي القبول ضمنياً ببقاء نظام الأسد حليف الروس. وفقط قبل أيام قليلة أعلن وزير الخارجية ريكس تيلرسون، والمندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، عن تخلي الولايات المتحدة عن الالتزام بإزاحة بالأسد. حينها كان الخطاب بلغة السلام وليس بالقنابل".
وأضاف بايمان "ما يقلقني أن الانقلاب المفاجئ ضد نظام الأسد غير منسق دبلوماسياً. إننا نتصرف بتسرع من دون التأكد مما إذا كان استخدامنا للقوة يخدم استراتيجيتنا السياسية. نعم يمكننا الشعور بالراحة أننا وجهنا ضربة لديكتاتور يرتكب الجرائم ضد شعبه، لكن القصف لا يخدم الأهداف الأميركية في سورية، إذا لم يترافق ذلك مع تغييرات دراماتيكية على المدى البعيد".
بدوره، رأى الخبير الاستراتيجي في شؤون الشرق الأوسط، مايكل أوهانلون، أن الضربات الصاروخية على القاعدة الجوية السورية أمر مرحب به، لأنها تبعث رسالة قوية للرئيس بشار الأسد أنه لن يتم التساهل مع استخدام الأسلحة الكيميائية، ورسالة إلى روسيا مفادها أن الولايات المتحدة غير متخوفة من التدخل الميداني. كما أنها تبعث إشارة إلى العالم بأن ترامب قادر على استخدام القوة العسكرية الأميركية بمسؤولية وحزم.
لكن الخطوة العسكرية التالية حسب أوهانلون "غير واضحة بعد. ما نحتاجه هو استراتيجية سياسية من أجل سورية تعيد رسم الصورة من جديد. على الأسد الرحيل، وهو يحاول البقاء. نحتاج لحل هذه الإشكالية". وتابع: نحتاج إلى تغييرين في استراتيجيتنا. أولاً، نحتاج قوات عسكرية حليفة أكبر على الأرض في سورية، من أجل تحرير المدن من "داعش" وكذلك كي يشعر الأسد أن عليه التفاوض. ثانياً نحتاج إلى طريقة قصيرة المدى لحماية السنّة والأكراد في سورية في مناطق آمنة يمكن إدارتها وحمايتها بشكل منفصل، حتى لو بقي رئيساً من الناحية الشكلية. عملية الإطاحة به قد تتم ببطء وفي وقت لاحق. إن استخدام ترامب الصواريخ بعيدة المدى كان مبرراً ومفيداً، لكن حان الآن وقت الجزء الأكثر تعقيداً. عليه الآن تطوير استراتيجية شاملة تنظر إلى سورية بكل مجموعاتها، وتعطي الجميع الحماية والحقوق في إطار خطة لإقامة مناطق حكم ذاتي للأكراد والسنّة.
أما الخبير في شؤون الأمن والاستخبارات، الجنرال جون ألان، فرأى أنه "لا يجب علينا إغفال واقع أن الضربة الأميركية ستكون محور اهتمام الرئيسين الصيني والكوري الشمالي. إن الرئيس ترامب يرمي شبكة واسعة جداً. ومن الأهمية بالنسبة للآخرين، أن ينظروا إلى الضربة في سورية في إطار سياسي عام لرئيس جديد وإدارة جديدة. معاقبة الأسد وتالياً حليفه الروسي، تعني أن ترامب يبعث رسالة ذات أبعاد واسعة".
كذلك، أشار الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط، ناتان ساشيزان، إلى أن الضربة في سورية تشكل تغيراً عميقاً وسريعاً في مقاربة ترامب للسياسة الخارجية (إلى متى تستمر السياسة الجديدة؟ لا نعلم). المبررات التي قدمها هي خليط من المسؤولية الأخلاقية عن حماية المدنيين الأبرياء، والأعراف والاتفاقات الدولية التي تمنع استخدام الأسلحة الكيميائية، وهذا التوجه بعيد جداً عن سياسة خارجية ترفع شعار "أميركا أولاً".
وبالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة الأقربين في الشرق الأوسط، إسرائيل والسعودية، فإنه بإمكان واشنطن الاستفادة من الضربة في سورية في المواجهة مع إيران وحزب الله، وكذلك الأمر على صعيد الحرب ضد "داعش".
وأشاد الباحث تشاك كول، بالخطوة العسكرية الأميركية، وقال إن الولايات المتحدة أثبتت دعمها الواضح للقوانين الدولية التي تحرّم استخدام الأسلحة الكيميائية، وأكدت أن ثمناً سيدفع في حال استخدام هذا النوع من الأسلحة في المستقبل. كما أرادت واشنطن توجيه رسائل للصينيين والروس ولكوريا الشمالية، مفادها أنها على استعداد لمواجهة أي تحديات عسكرية غير متوقعة.