ويرى الخبير العسكري، العميد صفوت الزيات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّه "لا يمكن الحكم الآن، على تهجير أهالي سيناء من الشريط الحدودي مع قطاع غزة خلال الفترة الحالية، على خلفيّة العمليات التي تقوم بها قوات الجيش لملاحقة المجموعات المسلّحة". ويوضح أنّ "الهدف من هذا التهجير هو وقف تحرّكات المجموعات المسلّحة، التي تردّد أن الشريط الحدودي والقرى المتاخمة له، تشكّل نقطة انتشارها وتمركزها، لكنّ السؤال هل ستقف العمليات من قبل تلك المجموعات؟".
ويشدد الزيّات على أنّ "العمليات التي تقوم بها المجموعات المسلحة لن تتوقّف، رغم محاولة حصارها بشكل كبير، على الأقل خلال الفترة القريبة"، لافتاً إلى أنّ "تلك المجموعات ستكثّف جهودها للقيام بعمليات كبيرة ونوعيّة، سواء داخل سيناء أو خارجها، لتمتد إلى قلب العاصمة والدلتا خلال الفترة المقبلة، لإثبات عدم تأثرها بطبيعة العمليات التي ينفذها الجيش في سيناء". ووفق المصدر ذاته، تحتاج "مواجهة تلك المجموعات، إلى فترة طويلة، واستراتيجيات مختلفة عن المتبعة حالياً، لأنّها ليست جيشاً نظامياً"، ولن تنتهي العمليّة بين ليلة وضحاها. ويتوقّع الزيّات أن "يصبّ تهجير أهالي سيناء في صالح المجموعات المسلحة، من خلال تنامي الشعور لدى الحاضنة الشعبيّة بأن تلك المجموعات هي المنقذ لها والمنتقم من قوات الجيش".
وفي موازاة تحذيره من "مغبّة خسارة الجيش للحاضنة الشعبيّة في سيناء، سواء بالتضييق عليها أو معاملتها بشكل سيئ، باعتبار أنّ هذه الحاضنة ستحسم الأوضاع في سيناء بشكل كبير"، يعتبر الزيّات أنّ "الجيش في طريقه لخسارة هذه الحاضنة الشعبية من المدنيين، بسبب ممارسات الأفراد أو الخطط العامة لقيادة القوات".
ويتّفق الخبير العسكري، اللواء عادل سليمان، مع الزيّات لناحية أنّ "تهجير أهالي سيناء لن يصب إلا في صالح المجموعات المسلّحة، والكيان الصهيوني". ويبدي استغرابه لاتخاذ قوات الجيش والنظام الحالي قرارات من شأنها التأثير على ولاء أهالي سيناء للدولة المصرية وللجيش"، متوقعاً أن "تكون الأوضاع في سيناء مرجحة للتعقيد خلال الفترة المقبلة، لأن الجيش يخسر الحاضنة الشعبية، وبالتالي لن تكون حركة المجموعات المسلحة مقيّدة كما يتحدث البعض".
وليس مستبعداً، وفق سليمان، انتقال "مسرح العمليات من الشريط الحدودي إلى مكان آخر، تختاره تلك المجموعات، لتنفيذ المجموعات عمليات ضد الجيش".
ويبلغ طول الشريط الحدودي، 277 كيلومتراً، ولا يمكن، وفق سليمان، "إخلاء السكان من هذه المساحة الكبيرة، مع العلم أنّه لا وجود للسكان بشكل كبير، في غالبية الشريط الحدودي، باستثناء عدد قليل جداً من البدو".
وتنحصر الأزمة في 13 كيلومتراً تقريباً، تمثّل المنطقة الحدوديّة مع رفح الفلسطينية، والممتدة من معبر كرم أبو سالم، وحتى المنطقة المطلّة على البحر. ويشدّد سليمان، على أنّ "الحديث عن نقل السكان يأتي تزامناً مع وجهة نظر تتحدث عن احتمال عبور بعض العناصر التي تقوم بعمليات في سيناء عبر الأنفاق المفتوحة بين رفح الفلسطينيّة والمصريّة".
ويمكن للجماعات المسلّحة، وفق المصدر ذاته، نقل مسرح العمليات في أي نقطة من الشريط الحدودي، بخلاف المنطقة التي سيتم إخلاؤها من السكان، ولن تتمكن القوات من تغطية كامل المساحة بطول الحدود، نظراً لاتساعها، فضلاً عن رفض الجانب الإسرائيلي، ربّما لهذا الأمر.
ويبدو أنّ "تشتيت جهود القوات المسلحة، بين الحرب على" الإرهاب" في سيناء، والمشاركة في حماية المنشآت داخل المدن المصريّة، لن يسمح لها بتحقيق نجاح على أيّ من الجبهتين"، وفق ما يقوله باحث سياسي، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد". ويوضح أنّ "الحرب في الجبهتين، ليست مع جيوش نظاميّة، ولا مع أعداء ظاهرين"، لافتاً إلى أنّ "محاربة الأشباح عمل يصعب تصوّر نتائجه الكارثيّة".
ولم يعلن الجيش، حتى اللحظة، وفق المصدر ذاته، "قتل، أو اعتقال أي عنصر من العناصر الإرهابيّة المسلّحة، بل لم يعلن عن ضبط مخازن ومستودعات أسلحة في البيوت والمقار التي هدمها على الشريط الحدودي لمدينة رفح".
ويتساءل المصدر ذاته: "هل من تقارير تتضمن معلومات موثّقة، عن أنّ هذه المنطقة من سيناء على وجه التحديد، هي الثغرة التي تنفذ منها الجماعات المسلحة إلى الأراضي المصرية؟ وهل من توقعات بأن نسف هذه المنطقة سيعني استئصال الإرهاب من جذوره، كما توعّد السيسي؟". ثمّ يحيب: "بيقين، لم ولن يحدث ذلك، والنتيجة أنّنا نمنح الجماعات المسلحة فرصة لا تقدّر بثمن، لاستقطاب شباب غاضبين من هدم بيوتهم وتشريد أسرهم".
وفي سياق متّصل، يعتبر الناشط في سيناء، مسعد أبو فجر، وفق تعليق كتبه على موقع "فيسبوك"، أنّ "الترحيل هو بمثابة إعلان حرب من الدولة المصرية، على أكبر وأشرس 3 قبائل في سيناء (وهي من الجنوب إلى الشمال: ترابين وسواركة وارميلات)، محذراً من أثمان ذلك.