على الرغم من مرور ثلاثة أيام على رحيل الفنان المصري خالد صالح، عن عمر لا يتجاوز الخمسين عاماً، إلا أن روّاد مواقع التواصل الاجتماعي لا يزالون يقيمون مجالس العزاء على صفحاتهم، فتغيرت صور بروفايلاتهم الشخصية إلى صور وجمل شهيرة من أفلامه، كما عبّر عدد كبير من الفنانين عن محبتهم للفنان الراحل، متذكرين مواقفه الإيجابية على أكثر من صعيد.
موت مبكر.. وجنازة كبيرة!
غصّت جنازة الفنان الراحل بآلاف الأشخاص، سواء من أصدقائه وزملائه في الوسط الفني ممن مثلوا معه أو لم يمثلوا، وسواء من الصحافيين والإعلاميين، حتى عموم الجمهور ممن أصروا على المشاركة في حمل جثمانه.
توفي خالد في مركز أسوان، إثر جراحة أجراها له طبيب القلب الشهير مجدي يعقوب، ولأن الجميع دُهش من موته بهذه الجراحة التي أصبحت بسيطة، أصدر الدكتور مجدي بياناً إعلامياً أوضح من خلاله أن "حالة خالد كانت حرجة للغاية، وأنه أمضى أكثر من ثلاثة أسابيع بالمركز داخل العناية المركزة، قبل إجراء الجراحة، نظراً لخطورة حالته وتعقد الإجراء الجراحي المطلوب، وقد تم نقله بعد إجراء جراحة طويلة إلى غرفة العناية المركزة، حيث مكث بها ستة أيام".
لم يبلغ خالد ضوء البطولة المطلقة، إلا حينما أقبل على مشارف الأربعينيات من عمره، إذ اقتصرت مشاركاته على أدوار ثانوية، لكنه قدم أدواراً مهمة لعل من أروعها دوره في فيلم "هي فوضى" مع المخرجين يوسف شاهين وخالد يوسف في شخصية أمين الشرطة "حاتم" المفتري.
ظل الكثيرون يرددون عبارته: "اللي مالوش خير في حاتم مالوش خير في مصر"، وقدم كذلك دوراً صغيراً، ضيفَ شرفٍ، في فيلم "حين ميسرة"، لكنه كان مؤثراً، وهكذا كانت البطولة المطلقة بالنسبة له قد جاءت بعد معاناة طويلة، استمرت سنوات اجتهد فيها كثيراً.
كان لخالد دور في ثورة 25 يناير 2011، لم يعلن عنه سوى في ميدان التحرير، وليس من خلال تصريحات، وذلك أثناء مطالبته بعزل الرئيس الأسبق مبارك، وكان ينزل فجراً إلى الميدان لتوزيع أطعمة على المتظاهرين، رافضاً التصوير لإيمانه بأنه موجود كخالد الإنسان وليس الفنان.
آراء النقاد في الفنان الراحل:
في البداية قال الناقد طارق الشناوي، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": "بالتأكيد سيفتقده الوسط الفني وسيظل حاضراً بأعماله البارزة. كان ممثلاً موهوباً حتى النخاع، يعطي للدور حقه من دراسة وتفاصيل، وقليلاً ما يتواجد ذلك في الكثير من الفنانين..".
واعتبر طارق أن فيلمه "هي فوضى" الذي رشح له عن طريق المخرج يوسف شاهين يعد الأبرز في حياته الفنية، رغم تعدد أفلامه القيمة، لكن في هذا العمل قدم دوراً صعباً ومعقداً جداً، ونستطيع أن نقول إنه حمل الفيلم كله في عنقه.
من ناحيتها، قالت الناقدة ماجدة موريس إنها لن تنسى موقف خالد صالح المحترم حينما علم أن مهرجان الأقصر السينمائي في أزمة مالية، فقرر التبرع بمبلغ كبير له، وفعل أيضاً ذلك مع المهرجان القومي للمسرح، ولم يعلن هو نفسه هذا الخبر، بل أعلن عن طريق القائمين على هذين المهرجانين.
وأكملت ماجدة قائلة "إن خالد صالح تعب وجاهد في الفن منذ أن كان مجرد هاو على خشبة المسرح الجامعي ومسرح الهناجر حتى دخل الوسط الفني بأدوار ثانية، ليتقلد البطولة المطلقة ويتذوق النجومية متأخراً، وللأسف لم يستطع أن يفرح بنجوميته التي جاءت له بعد صبر وعناء طويلين".
أخيراً، وصفه الناقد نادر عدلي بالفنان الذي لا يثير المشاكل، موضحاً أن هذا الفنان الموهوب -رحمة الله عليه- لم نسمع ولو مرة أنه تعارك مع أحد من زملائه في الوسط، سواء على ترتيب اسمه على "التتر" أو "الأفيش"، ولا اختلف على الأجر مع المنتجين، فكان خالد يمثل ويجتهد فقط. قدم سلسلة من الأفلام، بطلاً وممثلاً ثانياً، لن ننساها، كما هو دوره الرائع في فيلم "أحلى الأوقات" وكذلك في أفلام "هي فوضى" و"تيتو" و"فبراير الأسود"، ومن خلال التلفزيون تألق كثيراً، وقدم "موعد مع الوحوش" و"بعد الفراق".