حَوَل أوروبي

04 سبتمبر 2015
عدد السوريين في ألمانيا 10% من السوريين في لبنان(Getty)
+ الخط -
بدت ألمانيا وكأنها تبدي تحملا أكبر لمسؤولياتها الدولية، على الأقل تجاه السوريين، وذلك بعد موجة اللاجئين الأخيرة، وما رافقها من تراجيديا في الطريق بدءاً من عبور البحر إلى اليونان، مروراً بدول أوروبا الشرقية التي يحكمها يمين لا يمكن وصفه بأقل من العنصري، سواء في صربيا أو المجر أو مقدونيا. لكن رغم ذلك، لا يبدو أن ألمانيا فهمت أبعاد الأزمة بعد.

عبرت تصريحات وزير الداخلية الألماني توماس دي ميريزيه عن سوء فهم المشكلة بما لا يقبل الشك، إذ اقترح الأخير على الاتحاد الأوروبي أن يبني مخيمات للاجئين خارج الاتحاد في تركيا، وكأن اللاجئين يزحفون نحو أوروبا من قلة عدد المخيمات التي تنتشر على طول الحدود الجنوبية لتركيا، التي لا يسكنها من أصل ما يقارب مليوني لاجئ سوري، سوى 250 ألفاً، بينما يعمل الباقون في طول البلاد وعرضها. سربت الصحف خبراً عن قرار ألماني جديد يقضي بعدم الاعتراف ببصمة اتفاقية دبلن التي تجري في دول أوروبا الفقيرة أو المتأزمة بالنسبة للسوريين، ولم يؤكد التسريب أي مسؤول حكومي حتى الآن، كي لا يصبح ملزماً.

ومع هذا، لم يتجاوز تعداد السوريين في ألمانيا نسبة العشرة في المائة من عدد اللاجئين السوريين في دولة صغيرة كلبنان. يستمر الحَوَل الأوروبي في مقاربة المشكلة، فتعقد الاجتماعات وتقوم الدينا لدعوة أعضائه للتعاون في استقبال اللاجئين، متجنبين الخوض في الأسباب، بينما يستمر النظام السوري في إلقاء براميله على مواطنيه، بل وتتكرر السياسات السابقة في دعم الطغاة، مثلما فعلت أنجيلا ميركل في استقبال وتكريم عبد الفتاح السيسي. أكثر من ذلك، لا يتوقف الأوروبيون عن الحديث عن السوريين الهاربين من "الحرب الأهلية"، في كلمة لا تشي إلا بتواطؤ مع النظام عبر مساواته بضحاياه، لكن لا بد لأحد أن يذكرهم بأن السوريين قادمون أيضاً من ثورة مدنية خذلها "حراس حقوق الإنسان"، الذين ما زالوا يتعامَون عن كل ما ارتكبه الأسد من مجازر، بل ويمعن الأوروبيون في حَوَلِهم مرة أخرى، لتبدو الصورة المفجعة للطفل الغريق على أسوار أوروبا أكثر جاذبية من أطفال دوما الذين قتلتهم براميل الأسد.
المساهمون