حيدر عيد: حملة المقاطعة الأكاديميّة والثقافيّة تهدّد وجود إسرائيل

08 أكتوبر 2014
نجح الفلسطينيّون في كسب معركة الصورة (يامن سلمان)
+ الخط -

نجحت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل في نشر صورة إسرائيل "العنصرية" في العالم. واليوم، تزداد شعبية الحملة عالمياً. حاورت "العربي الجديد" الدكتور حيدر عيد، عضو اللجنة التوجيهية في حملة المقاطعة، وأستاذ الأدب الإنكليزي في جامعة "الأقصى". عيد الذي قاد الحملة في دول عدة حول العالم، يروي ظروف تأسيسها وتركيزها على الشق الأكاديمي والثقافي لمحاربة إسرائيل، وأبرز الإنجازات والشخصيات العالمية التي تبنت الحملة.

كيف تأسّست الحملة؟ وعلى ماذا ارتكزت لمحاربة إسرائيل؟
عام 2004، صدر أول نداء تأسيسي لحملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، خلال اجتماع لأكاديميين ومثقفين فلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل والشتات، وذلك بعد عام على صدور قرار المحكمة الدولية بعدم قانونية وشرعية جدار الفصل العنصري والمستوطنات الإسرائيلية. بدأنا بدعوة الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الدولية لمقاطعة المؤسسات الإسرائيلية لدعمها سياسة التفرقة العنصرية الإسرائيلية "الأبارتهايد" التي تمارس ضدّ فلسطينيي الداخل، إضافة لعدم تطبيق إسرائيل قرار 194 الذي ينص على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لمدنهم وقراهم، إضافة إلى تعويضهم. بعد عام، اجتمع أكثر من 170 ممثلاً لمؤسسات المجتمع المدني، وأصدروا نداء المقاطعة عام 2005، وطالبوا مؤسسات المجتمع الدولي بمقاطعة جميع المؤسسات الإسرائيلية.

ما هي أبرز إنجازات الحملة؟ ومن هي أكثر الشخصيات الداعمة؟
نفتخر أن عالم الفيزياء الحائز على جائزة نوبل البروفيسور ستيفين هوكينز قد دعي قبل عام لمؤتمر نظمته الجامعة العبرية في القدس بإشراف مؤسسة الرئاسة الإسرائيلية. بعثنا برسالة موقعة من قبل أكاديميين فلسطينيين والحملة الأكاديمية والثقافية للمقاطعة، وطالبنا بعدم حضوره المؤتمر لأن الأكاديميين الفلسطينيين لا يستطيعون حضوره، والجامعات والمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية متواطئة مع سياسات حكوماتها ومخالفة للقانون الدولي، فاستجاب لندائنا.
هناك أيضاً الأب دزمن توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام، والمخرج الإيرلندي كين لوتش، والرئيس البوليفي إيفو موراليس، والرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو، وهناك قائمة كبيرة من الممثلين والمغنيين العالميين.
وأبرز إنجازات الحملة هي إصدار الاتحاد الأوروبي معايير للتعامل مع البضائع الإسرائيلية، وتجنّب البضائع التي تنتج داخل إسرائيل. على سبيل المثال، سحب صندوق التقاعد النرويجي التي تصل استثماراته إلى 800 مليار دولار استثماراته من مصرفين إسرائيليين بسبب وجود فرعين لهما داخل المستوطنات. كذلك، سحب صندوق التقاعد الهولندي التي تبلغ استثماراته 200 مليار دولار استثماراته من خمسة مصارف إسرائيلية.
تبنى الحملة اتحاد نقابات عمال جنوب إفريقيا، واتحاد نقابات عمال بريطانيا، واتحاد الكليات والجامعات البريطانية، واتحاد نقابات عمال إيرلندا، واتحاد أساتذة إيرلندا، واتحاد نقابات عمال إسكتلندا، وغيرهم.

كيف استفدتم من تجربة جنوب أفريقيا؟
في بداية الثمانينيات، صدر أول نداء مقاطعة من نشطاء في جنوب إفريقيا لنظام "الأبرتهايد" في دولتهم. وبعد ثلاثين عاماً، استجاب المجتمع الدولي لنداء المقاطعة. أنجزنا خلال خمس سنوات ما حققته حملة المقاطعة الجنوب أفريقية خلال ثلاثين عاماً لأسباب كثيرة، منها استفادتنا من الحملة الجنوب أفريقية. كما لدينا إعلام بديل داعم للقضية الفلسطينية. وبعد عام 2007، توجهنا لمؤسسات المجتمع المدني وهذا ما تعلمناه من تجربتهم لأنهم يمثلون الشعب، كما أنه يصعب الوصول للحكومات. وبعد الحرب الأولى على غزة، بدأ يتضح للمجتمع المدني الصورة القبيحة عن إسرائيل ومدى بشاعة جرائمها.

ما هي استراتيجية الحملة؟
قال الماهاتما غاندي: "عندما تبدأ في محاربتهم يتجاهلونك ثم يضحكون عليك ثم يحاربونك ثم تنتصر". يتم محاربتنا حالياً. في البداية تجاهلونا ثم ضحكوا علينا والآن يحاربوننا. واليوم انتقلت حملة المقاطعة من المستوى الشعبي إلى المستوى الرسمي، وهذا ما يجعل إسرائيل تشعر بالخطر. وقد أصدرنا ثلاثة نداءات خلال العدوان الأخير بفرض عقوبات عسكرية وفسخ العقود العسكرية مع إسرائيل، فاستجابت الحكومة الإسبانية وجمدت عقودها العسكرية مع إسرائيل. كما أن نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليج طالب حكومته بفسخ العقود العسكرية مع إسرائيل.

كيف تلاحق إسرائيل الحملة؟
بعد عام على انطلاق الحملة، شكلت إسرائيل حملة مضادة أشرفت عليها وزارة الخارجية وأطلقت عليها اسم "الهسبرا"، هدفت إلى تبييض صورة إسرائيل في العالم باعتبارها دولة ديموقراطية تحترم الفنون والإبداع، في مقابل المسلم العربي الفلسطيني المتخلف المعادي للديموقراطية والحريات وخصوصاً المرأة. وبعد فشلها، نقلت ملف محاربة الحملة من وزارة الخارجية إلى وزارة الشؤون الأمنية والاستراتيجية.
كما عقد اجتماع سري للحكومة الإسرائيلية في شهر إبريل/نيسان من العام الجاري، كان أحد أهم قراراته تشويه سمعة الناشطين باعتبارهم معادين للسامية، ورفع قضايا قانونية ضدهم وملاحقتهم، وتعزيز حملات دعائية تبرز وجه إسرائيل الحضاري والديموقراطي على أنها ليست دولة "أبرتهايد". إلا أنها حتى اللحظة، أثبتت فشلها. من يكسب معركة الصورة هو الفلسطيني. والدليل أنه "عندما نظمت قناة "بي بي سي" استفتاءً في أوروبا حول أكثر الدول كراهية للمواطن الأوروبي، كان التنافس على المركز الثالث بين كوريا الشمالية وإسرائيل".

كيف استطاعت الحملة اختراق الساحة الأميركيّة؟
استجابت لندائنا خمسة موانئ أميركية كانت تستقبل بضائع إسرائيلية، ومنعت دخولها. كذلك، استجابت أكثر من ست مؤسّسات أكاديمية أميركية لنداء المقاطعة، وتبنته جمعية الدراسات الأميركية، وجمعية الدراسات الآسيوية، ثم جمعية الدراسات الإثنية النقدية. وبدأت صورة إسرائيل تتغيّر لدى المواطن الأميركي، وباتوا يرون عنصريتها. نحن لا ننسى تصريح جون كيري: دولة إسرائيل أصبحت مثل "الأبرتهايد" في جنوب أفريقيا، وهذا هو حال الكثير من المواطنين الأميركيين.

السلطة الفلسطينيّة تحارب الحملة

لم تساند السلطة الفلسطينية حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل. على العكس، كانت تعمد إلى قمعها. حتى أنه لم يتم الاعتداء على أي ناشط في الحملة في كل دول العالم باستثناء مدينة رام الله هذا العام، بعدما سعى أعضاؤها الى بعث رسالة إلى فرقة هندية جاءت إلى رام الله بعدما أحيت حفلة في تل أبيب، الأمر الذي يعد تطبيعاً لأنها تساوي بين المضطهد والمضطهَد. وتم إيقاف الناشطين وتقديمهم للمحاكمة، قبل أن يخرجوا بكفالة مالية.
المساهمون