حملة لإبقاء منزل عائلة دوابشة شاهداً على إرهاب المستوطنين

02 اغسطس 2015
مسيرة غاضبة في غزة (إبراهيم خطيب/باسيفيك برس)
+ الخط -
في العادة، يمسح الفلسطينيون آثار الجرائم الإسرائيلية بجرة فرشاة. يغطون نار الإرهاب بالدهان، معتقدين أن أفضل ما يمكن صنعه لعائلة احترقت على يد المستوطنين، يكون بترميم البيت المحروق، وإرجاعه على وجه السرعة كما كان، وكأن شيئاً لم يكن.

اقرأ أيضاً محرقة نابلس: إرهاب المستوطنين يحصد علي في مهده

لكن هذه المرّة لا؛ فالأمور تسير على العكس من ذلك تماماً بالنسبة لعائلة علي دوابشة، الرضيع الذي حرقه المستوطنون في مهده، داخل منزله في قرية دوما، جنوب نابلس. يدرس أهالي قرية الشهيد الرضيع وأقربائه، إمكانية الإبقاء على البيت المحروق كما هو دون ترميم، ليظل شاهداً ثابتاً على إرهاب الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

يقول يوسف دوابشة، عم الشهيد الرضيع، لـ"العربي الجديد": "أنا مؤيد لفكرة بقاء البيت شاهداً على إرهاب المستوطنين، وكل أهالي القرية يرون أنه من الأفضل عدم ترميم البيت، وإبقاء آثار الجريمة لمن يريد أن يرى الاحتلال الإسرائيلي على حقيقته".

وتتزايد مطالب النشطاء الفلسطينيين بضرورة عدم ترميم المنزل، الذي قرر رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله إصلاحه كخطوة دعم لعائلة الشهيد علي، الذي ما زال والداه وشقيقه في مستشفيات الداخل الفلسطيني بوضع حرج، بعدما أكلت نيران المستوطنين أجسادهم.

وأكد رئيس مجلس قروي دوما، عبد السلام علان، أن "أعضاء مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس زاروا القرية أمس، وقرروا بناء بيت جديد لعائلة دوابشة إلى جانب البيت الذي أحرقه المستوطنون، لأنه غير صالح للترميم".

في هذه الأثناء، لا تزال عائلة دوابشة مترددة وقلقة حيال الرجوع إلى منزلها بعد تعافيها في المستشفى؛ هي في وضع لا تُحسد عليه، إذ كيف سيعود والدا الطفل علي للعيش في بيت جديد يطلّون من شبابيكه على البيت القديم الذي استشهد فيه ابنهما حرقاً.

يؤكد يوسف "أنا أؤيد الفكرة، لكن لا أستطيع أن أقرر وحدي في هذا الموضوع، لا أستطيع أن أقول لن نرمم البيت، فهذا تقرره العائلة كلها، ثم إن الوقت غير مناسب للحديث في هذا الأمر".

لكن البعض يطرح تساؤلات حول جدوى إبقاء البيت المحروق شاهداً على جرائم الاحتلال ما دام الفلسطينيون وحتى العرب، لا يملكون تلك الآلة الإعلامية القوية في العالم، في الوقت الذي نجح جيش الاحتلال فيه بالظهور كمتعاطف بدلاً من مجرم، عندما عقد جنوده مؤتمراً صحافياً أمام بيت الدوابشة، وتحدثوا كأنهم جهة محايدة عن "العمل الصعب" الذي قام به المستوطنون، حسب تعبيرهم.

ويرى المحلل السياسي والأستاذ في جامعة بير زيت، جورج جقمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك مستويين يتعلقان بقضية البيت كشاهد، ويضيف أن "المستوى الأول يتعلق بإبقاء البيت دون ترميم كذكرى وتعبئة داخلية، وهذا ليس أمراً جديداً. هناك شعوب مختلفة تبقي شيئاً للذكرى في سياق نضالها أو الكوارث التي حلّت بها، وهو شيء مفيد".

غير أنّ القضية من وجهة نظر جقمان، ليست هنا، بل في مكان آخر، على مستوى خارجي "فالفارق بيننا وبين الحركة الصهيونية ومسانديها في الخارج أنهم أقدر منّا على إيصال الرسائل لجمهور واسع. الإبقاء على البيت على حاله بغرض إظهار الإرهاب الذي نعاني منه، تلزمه آلة دبلوماسية وإعلامية منظمة، والجانب الفلسطيني فاقد لهذه الآلة".

وبحسب جقمان، فإنّ المعركة الحقيقية خارجية، وموضوع تدويل القضية يكون بالتركيز على المستوى الخارجي، خصوصاً في ظل وجود حركة مقاطعة متنامية لإسرائيل، مؤكداً أنّ "هذا الجانب لم يحظ باهتمام كاف من الجانب الفلسطيني، وهنا أتساءل ماذا تفعل مكاتب المنظمة في كل أنحاء العالم؟".

قبل بيت الدوابشة، أخفى الفلسطينيون أوجاعهم وأحلامهم عن جدران الضفة الغربية كلها، عندما بدأوا بطلاء عبارات المقاومين التي كانت تملأ الجدران، فاختفت الجملة الشهيرة التي كانت تُكتب على جدران المنازل وحارات القرى في الانتفاضتين الأولى والثانية، ولم يعد بإمكان أحد قراءة "لكل بيت باب، ولكل عميل حساب".

المساهمون