عراقيون يطلقون حملة لتعليم أطفال دفعتهم ظروف عائلاتهم إلى العمل

23 ابريل 2018
مبادرة لتعليم أطفال العراق (فيسبوك)
+ الخط -
لا تعرف الطفلة نور ذات الأحد عشر ربيعاً، القراءة والكتابة، فجلّ ما تعلمته في المدرسة التي ارتادتها بضعة أشهر، هو بعض الحروف، قبل أن تضطرها الظروف للعمل رغم صغر سنها.

تقول نور لـ"العربي الجديد": "أخرج كل صباح إلى الشارع، لأبيع السجائر في تقاطعات بغداد مع غيري من الأطفال. هذا الدخل اليومي البسيط يمكنني من أن أعيل والدتي المريضة التي أصبحت عاجزة عن العمل قبل سنوات. لم أستطع مواصلة الدراسة، فقد صار العمل واجباً. لو كان والدي موجوداً لتعلمت وتدللت مثل باقي البنات".

واعتقل والد نور قبل نحو ست سنوات، في حملة اعتقالات عشوائية نفذتها الشرطة العراقية إبان حكومة نوري المالكي، كان داخل ورشة نجارة بوسط بغداد، واتهم بالإرهاب وحكم عليه بالسجن المؤبد بعد انتزاع اعترافات منه تحت التعذيب.

تعاني الطفلة العراقية كثيراً بسبب عدم معرفة القراءة والكتابة، فهي لا تعرف نوعيات السجائر التي تبيعها، وتعتمد على أمها في ذلك. لكن لا تزال أمنيات الطفولة تعيش معها، وتؤكد أنها تحلم بخروج أبيها من السجن، وأن تترك العمل وتعود إلى المدرسة، وتلعب مع أقرانها من الأطفال.

ودفع عدد الأطفال غير القادرين على التعلم، بسبب اضطرارهم إلى العمل، منظمات أهلية محلية للتفكير في إطلاق مشروع يقوم على فكرة تعليمهم في الشارع. يقول هشام أحمد، أحد الناشطين في المشروع، لـ"العربي الجديد"، إن "الفكرة باختصار تقوم على اقتناص ساعة يومياً من أوقات عمل هؤلاء الأطفال المفترض أن يكونوا بالمدرسة. نقوم بتعليمهم وتثقيفهم ما دمنا عاجزين عن إعادتهم إلى المدرسة بسبب حاجتهم إلى العمل".

ويضيف: "تم تحديد 10 مناطق في بغداد مراكز لتجميع الأطفال. تنقصنا بعض التفاصيل مثل الدعم المادي، ونحاول تجاوزها، ورفضنا عروضاً من مرشحين للانتخابات وسياسيين لتمويلنا حتى لا يتم استخدام المبادرة سياسياً".

ووفقاً لتقارير سابقة لوزارة التخطيط، فإن نسبة الأمية في العراق اقتربت من 20 في المائة، الغالبية من الإناث، واحتل الأطفال المرتبة الأولى بين الأميين.


 

آلاف الأطفال في العراق، أجبرتهم ظروف الحياة الصعبة على العمل لإعالة عوائلهم، وقال المسؤول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، خالد العيسى، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك آلاف الأطفال الذين يعملون ليل نهار في الشوارع والتقاطعات، وتحول كثير منهم إلى متسولين بسبب الظروف الصعبة التي يعيشونها"، مبيناً أنّ "الوزارة لا تستطع تقديم الدعم لهذه الشريحة الواسعة، لأنّ المخصصات المتوفرة قليلة ولا تفي بالغرض".

وأكد أنّ "الحكومة تهمل هذا الملف بشكل واضح، ولا توجد أي رعاية لهؤلاء الأطفال"، محذراً من "خطورة انتشار الجهل والأمية بشكل واسع في البلاد".

وقال الأكاديمي، ماجد العلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة يجب أن تقوم بواجبها إزاء الأطفال الذين فقدوا معيلهم، ويتحتم عليها صرف رواتب لهم، حفظاً لهم من الضياع. استمرار إهمالهم سينتج جيلاً جاهلاً، وسيكون له انعكاس سلبي على البلاد".

وعانى العراق ظروفاً قاهرة بعد عام 2003، حيث شردت آلاف العوائل، وسجن معيلو آلاف أخرى، كما قتل مثلهم وفقد آخرون بسبب الحرب، ما أجبر الأطفال على العمل.

دلالات