حماس إرهابية.. لماذا الآن؟

04 مارس 2015
+ الخط -
للوهلة الأولى، يبدو قرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، اعتبار حركة المقاومة الإسلامية حماس منظمة إرهابية، عبثياً إلى أبعد مدى. لكن التمعّن في حجم هذه "العبثية"، وفي حيثيات القرار، وفي مجريات الأحداث، الحالية والمرتقبة، وفي الآثار المترتبة عليه، يدفعنا إلى الاعتقاد بأن هناك "دهاءً" وراءه، ما يقودنا إلى الاعتقاد بأن خلفه احتمالين، يتمثل الأول في نية النظام المصري توجيه ضربة عسكرية لحركة حماس، أو لمنظمات فلسطينية أخرى في قطاع غزة. والثاني قد يكون مرتبطاً بصفقة إقليمية مرتقبة، يجري الترتيب لها حالياً من القيادة السعودية التي استقبلت بداية الأسبوع، الرئيسين التركي والمصري.
وفي ظني، أن الاحتمال الأول، مستبعد الآن، نظراً للكلفة الكبيرة المتوقعة لهذه الضربة على النظام المصري في هذا التوقيت، بالإضافة إلى النتائج غير المشجعة للضربة التي وجهها الجيش المصري لمواقع في ليبيا، كما قد تؤدي نتائج هذه الضربة إلى ما لا تحمد عقباه، وستأتي بنتائج قد يكون النظام المصري في غنى عنها. ومن جهة أخرى، لا تشجع الترتيبات التي تجهّز لها القيادة السعودية في المنطقة النظام المصري على توجيه مثل هذه الضربة.
ويقودنا هذا الأمر إلى الاحتمال الثاني، والمتمثل في رغبة النظام المصري تقليل الثمن الذي يتوجب عليه دفعه، ضمن ترتيبات تحاول المملكة العربية السعودية تنفيذها في المنطقة. والنقاط التي ترجح هذه الفرضية عديدة، منها:
- أعلنت السلطات المصرية قرار اعتبار حركة حماس منظمة إرهابية بشكل مفاجئ، حيث لم يعلن أن النظر في هذه القضية كان على أجندة المحكمة، لا على أجندة "الأحداث المتوقعة" التي تعدها وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية، فقد تناقلته وسائل الإعلام فجأة، عن "مصادر قضائية". ما الذي دفع القضاء إلى الإسراع في اتخاذ هذا القرار بهذا الشكل المفاجئ؟
- سبق للمحكمة نفسها أن قضت، في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، بعدم اختصاصها بنظر دعوى مماثلة لاعتبار "حماس" منظمة إرهابية. ما الذي تغير؟
- ماذا ستستفيد مصر من هذا القرار، في هذا التوقيت، (إن لم يكن وراءه مخطط)؟ بالتأكيد، لا شيء. أما أضراره، فأكثر من أن تحصى، على الصعد: الداخلي والإقليمي والخارجي.
- لماذا سبقت القرار زيارة الرئيس المصري السعودية، بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان المملكة؟ هل هي مصادفة؟ لا نعتقد، خصوصاً مع نشر صحف مصرية مقربة من النظام أنباء عن جهود سعودية لعقد مصالحة بين مصر وتركيا.
وعليه، يتمثل التفسير الأكثر منطقية للقرار في علم القيادة المصرية بوجود صفقة تحضر لها السعودية، للمصالحة بين مصر وجماعة الإخوان المسلمين، وتركيا وقطر، بغرض التحضير لتهيئة المنطقة للتصدي للنفوذ الإيراني الممتد في المنطقة، بدءاً باليمن، وليس انتهاءً في بلاد الشام.
ما علاقة حماس بهذا الأمر؟ سؤال جيد، تتمثل إجابته في أن الصفقة "شاملة"، وقد يكون من شروطها الواجب تنفيذها من مصر، (بطلب من جماعة الإخوان المسلمين، وقطر وتركيا) تخفيف الضغوط على قطاع غزة، وحركة حماس.
ولكي يتهرب النظام المصري من تنفيذ هذه البنود، أو عدم تقديم تنازلات كبيرة، فإنه يتجه لفرض قيود جديدة على قطاع غزة، منها هذا القرار "الخطير"، باعتبار حماس منظمة إرهابية. وبناءً عليه، سيعتبر إلغاء هذا القرار القضائي، بحد ذاته، (وربما يضاف إليه فتح جزئي لمعبر رفح بين مصر وقطاع غزة)، بمثابة تنازل كبير للغاية منه.
هل يعني ما سبق أن تغيرات كبيرة ستشهدها المنطقة في الفترة المقبلة؟ ليس بالضرورة، فالجهود السعودية الكبيرة ستبقى محاولات منها، ولا تعرف نتائجها بالضبط، فالمملكة لاعب أساسي، لكنها ليست الوحيدة، واللاعبون كثيرون.
EE1D3290-7345-4F9B-AA93-6D99CB8315DD
ياسر البنا

كاتب وصحافي فلسطيني مقيم في قطاع غزة