حلم السعودية "توطين" وظائف المشروعات الصغيرة يصطدم بعقبات

15 مارس 2018
هل تلبّي التخصصات العلمية حاجة سوق العمل؟ (فرانس برس)
+ الخط -

تواجه الحكومة السعودية عقبات تحول دون اتخاذ خطوات سريعة في مجال تنفيذ خطة تستهدف توطين الوظائف في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة. 

وحسب مصادر، فإن من حق المملكة العربية السعودية وأي دولة أخرى أن تُعطي الأولوية لمواطنيها في التوظيف وفرص الأعمال، لكن خطط التوطين لا بد من إقرانها بإمكانات واقعية تجعلها قابلةً للتطبيق.

الصورة العامة لسوق العمل في السعودية تشي بانطباع مفاده أنها مقسّمة بمعدل أقلّ من الرُبع لأبناء المملكة المواطنين، مقابل أكثر من 3 أرباع للأجانب الوافدين.

وتظهر بيانات الهيئة العامة للإحصاء (جهة حكومية)، أن عدد العاملين في المملكة بنهاية الربع الثالث من عام 2017، بلغ نحو 13.76 مليوناً، منهم 10.69 ملايين أجنبي نسبتهم 77.7% من سوق العمل، مقابل 3.06 ملايين سعودي نسبتهم 22.3%.

وبما ينسجم مع هذه "التوزيعة" إلى حد كبير، أعلنت الهيئة، أمس الأربعاء، أن نسبة العاملين الأجانب في المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر (SMEs) في المملكة، تشكل 78.6% من إجمالي عدد العمالة في هذه المؤسسات، التي يبلغ عددها 949.86 ألف منشأة، وتساهم في الناتج المحلي المجمل بنسبة 21%، وتطمح "رؤية 2030" لرفعها إلى 35%.



وبحسب الأرقام الرسمية، فإنه من أصل مجموع 4.72 ملايين عامل في هذه المؤسسات التي تمثل نحو 90% من إجمالي المنشآت في السعودية، يفيد المسح السنوي، المعلن عنه الأربعاء، بأن عدد الأجانب العاملين في المنشآت الصغيرة والمتوسطة بلغ 3.71 ملايين، يتركّز نشاطهم أساساً في تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 35.9%، والصناعة التحويلية 14.7%، والإقامة والطعام 13%، والتشييد 10.3%، والزراعة والصيد 4.64%.

وتقل النسب تدريجاً في بقية القطاعات، وهي تشمل الخدمات الجماعية والشخصية، النقل والتخزين، التعليم، الأنشطة المهنية والتقنية، الأنشطة العقارية، المال والتأمين، الصحة والعمل الاجتماعي، الخدمات الإدارية، المعلومات والاتصالات، الماء والصرف الصحي، الكهرباء والغاز، الفنون والترفيه، البترول والمعادن.



والظاهر أنّ من ضمّن خطة 2030 رفع مستوى العمالة في هذا القطاع من 21% إلى 35% قصد من ذلك أن نسبة توطين الوظائف بعد 12 عاماً من الآن ستأتي ضمن خريطة جديدة يتوزّع فيها المواطنون بمعدّل الثلث، مقابل الثلثين للأجانب، ما يستدعي طرح السؤال عمّا إذا كانت السعودية قادرة على توطين الوظائف بنسب عالية، وكم من السنين تحتاج كي تصل إلى نتائج مرضية بالنسبة إلى صانعي سياستها؟

وبحسب بعض التحليلات، فإن التوطين يؤتي ثماره سريعاً، بدليل ما أوردته بيانات الهيئة العامة للإحصاء، التي يُستفاد منها أن عدد العمالة الأجنبية في القطاعين العام والخاص، بلغ نحو 10 ملايين و690 ألفاً في الربع الثالث من عام 2017، مقابل 10 ملايين و790 ألفاً في الربع الثاني من العام نفسه، ما يعني خروج قرابة 100 ألف أجنبي من سوق العمل السعودية.

لكن قراءة هذه الأرقام، على فرض أنها واقعية، يُفترض أن تأخذ في الاعتبار حالة الركود الاقتصادي والتراجع الكبير لنشاط الأعمال، خاصة أن شركات كبرى سرّحت عشرات آلاف الموظفين خلال الأعوام الثلاثة الماضية.



ولعل ما يعيق مسار السعودة في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويتقاطع مع مسار مجالات أخرى أيضاً تنوي السلطات توطين وظائفها، جملة من العوامل، أبرزها:

أولاً: تشعّب القطاعات (18 قطاعاً مختلفاً وفق التصنيف الرسمي)، والتخصّصات (فرعية ضمن كل قطاع)، مع ما يتطلبّه التوطين من تخصصات وخبرات ربما لا يتوافر معظمها عند المواطنين السعوديين.

على سبيل المثال، من المتوقع إطلاق عدد من مشاريع البتروكيماويات في السعودية، يُتوقع أن توفر عدداً كبيراً من الوظائف. لكن خبراء شركة "جدوى للاستثمار" السعودية يعتبرون أن "التحدي الكبير يكمن في كيفية توفير عدد كاف من الأفراد السعوديين المؤهلين فنياً للعمل في قطاع البتروكيماويات، في وقت تشير الإحصاءات الرسمية إلى ضعف نمو عدد خريجي التخصصات العلمية في السنوات الأخيرة.

ثانياً: استنكاف السعوديين عن العمل في القطاعات التي يعتبرونها "دون المستوى"، والتي يقبل بها أبناء جاليات هي في غالبيتها آسيوية.

ثالثاً: محدودية عدد سكان السعودية النشطين في الإنتاج الاقتصادي نسبةً إلى احتياجات اقتصادها للعمالة، في بلد بلغ عدد سكانه العام الماضي 32.6 مليون نسمة، يشكل المواطنون منه 62.7%، وفقاً لبيانات دائرة الإحصاء عن عام 2017.

وإذا كان السعوديون يشكلون 63% من مجموع سكان المملكة، مقابل 37% سكاناً أجانب يستحوذون بدورهم على حوالى 78% من سوق العمل، فإن ذلك يعني أن كفاءة إدارة وتشغيل اقتصاد المملكة الوطني لا تزال حتى الساعة قائمة على العنصر الأجنبي الذي يبدو إحلال السعودي محلّه هدفاً بالغ الصعوبة.

المساهمون