حكومة مصر في مأزق بسبب نزيف الاحتياطي الأجنبي

07 أكتوبر 2015
تراجع المساعدات الخليجية لمصر (أرشيف/ فرانس برس)
+ الخط -

 

تواجه الحكومة المصرية مأزقاً حقيقياً يتمثل في استمرار نزيف الاحتياطي الأجنبي، فقد واصل نزيفه نهاية الشهر الماضي، وذلك للشهر الثالث على التوالي، في ظل مخاطر عديدة تواجهها مصادر النقد الأجنبي في البلاد.

وأعلن البنك المركزي المصري، اليوم الأربعاء، عن فقدان الاحتياطي الأجنبي 1.7 مليار دولار خلال سبتمبر/أيلول، إذ هبط احتياطي العملات الصعبة إلى نحو 16.335 مليار دولار بنهاية سبتمبر/ أيلول، وذلك مقارنة مع 18.096 مليار دولار في نهاية أغسطس/ آب.

وتواجه مصادر العملة الأجنبية في مصر مخاطر تمثل تحدياً للاقتصاد، في ظل تراجع قيمة الصادرات للشهر الثامن على التوالي بنهاية أغسطس/آب الماضي، وكذلك تراجع إيرادات السياحة بسبب الاضطرابات، إضافة إلى انخفاض تحويلات المغتربين المصريين في الخارج، في حين تحجب الحكومة للشهر الثالث بيانات الدخل وحركة السفن في قناة السويس منذ افتتاح التفريعة الجديدة.

ولم يعلن البنك المركزي، حتى موعد نشر هذا التقرير، أسباب فقدان الاحتياطي هذا الرقم، إلا أن خبراء اقتصاد قالوا لـ"العربي الجديد" إن: "التراجع يأتي بسبب تأخر دول الخليج الداعمة للنظام المصري في تقديم منتجات نفطية للقاهرة خلال الفترة الماضية، وهو ما استدعى الحكومة التوجه نحو شراء منتجات بترولية عبر السحب من الاحتياطي الأجنبي".

وقال مسؤول مصرفي إن: "التراجع في الاحتياطي النقدي خلال الأشهر الثلاثة الماضية من العام الجاري يعد الأكبر خلال العام، فقد تجاوز ثلاثة مليارات دولار.

وبحسب المسؤول، والذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن: "الحكومة المصرية مطالبة بسداد التزامات مجدولة خلال العام الجاري والعام المقبل تبلغ نحو 5 مليارات دولار، من بينها ديون لنادي باريس وأقساط لشركات النفط والغاز الأجنبية".

وقال الخبير الاقتصادي، عبد التواب بركات، لـ"العربي الجديد" إن: "تزايد الطلب الشهري على الدولار لتمويل استيراد السلع الغذائية يشكل ضغطاً على الاحتياطي الأجنبي.. لكن الملاحظ هو تزايد الطلب على الدولار في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي تزامناً مع عيد الأضحى المبارك، فقد شهد طفرة في الواردات من اللحوم الحمراء، الحية والمجمدة، مع انخفاض الناتج المحلي بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة بالدولار، وزيادة تكاليف الإنتاج وانعدام الدعم الحكومي لمربي المواشي والدواجن".

وأضاف أن: "لجنة متابعة السلع الغذائية قد أثارت أزمة نقص اللحوم وضرورة الاستيراد لتعويض العجز في السوق المحلي وطالب أعضاء اللجنة بتوفير الموارد الدولارية من البنك المركزي لشراء اللحوم".

وتابع: "زيادة الضغط على الدولار بعد أن أصبحت مصر المستورد الأول في العالم للقمح، المادة الأولية لصناعة الخبز والماكرونة.. كما أنها المستورد الأول في العالم للذرة الصفراء".

اقرأ أيضاً: الاحتياطي الأجنبي لمصر يفقد 1.7 مليار دولار في سبتمبر

وجرى استيراد 37 ألف طن من اللحوم البقرية المجمدة والمبردة ولحوم الجاموس المجمدة ولحوم الضأن المجمدة والبتلو المجمد، بالإضافة لاستيراد 10 آلاف طن من الدواجن المجمدة من البرازيل و31 ألف طن من الأسماك من فيتنام والنرويج وإندونيسيا، بالإضافة إلى استيراد أكثر من 110 آلاف رأس ماشية حية من الماشية والأغنام والجمال لتلبية الطلب المحلي خلال عيد الأضحى، وهو ما يكلف نحو نصف المليار دولار؛ أي نحو ثلث العجز في الاحتياطي النقدي خلال هذه الفترة.

ونتيجة عزوف الخليج عن ضخ مساعدات جديدة للقاهرة، كثّفت الحكومة المصرية مفاوضاتها مع مسؤولين في صندوق النقد الدولي للحصول على قرض تراوح قيمته بين 4 إلى 6 مليارات دولار.

وفي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت الحكومة المصرية تراجع الصادرات غير البترولية في أغسطس/آب للشهر الثامن على التوالي، وهبطت بنسبة 20%، والصادرات هي المصدر الأول للنقد الأجنبي في مصر.

وأضاف عبد التواب: "تراجع النقد الأجنبي يأتي نتيجة تراجع استيراد البرتقال والبطاطس المصرية من قبل روسيا والاتحاد الأوروبي، على الرغم من تكرار زيارة السيسي لروسيا بزعم تنشيط التجارة مع الجانب الروسي.. كما توقفت صادرات مصر الزراعية إلى سورية واليمن نتيجة الحرب الدائرة هناك وتراجعت بشكل كبير إلى ليبيا والعراق بسبب الاضطرابات هناك، ما خفض واردات مصر من النقد الأجنبي".

وعلى خلفية الاضطرابات المستمرة، والتي تعاني منها مصر، خفضت الحكومة، نهاية سبتمبر/أيلول الماضي من سقف طموحاتها سواء المتعلقة بالإيرادات السياحية أو عدد السياح خلال العام الجاري، إلى 10 ملايين سائح بنهاية العام الجاري، نزولاً من أرقام سابقة تراوح ما بين 11 مليوناً إلى 11.5 مليون سائح، وتحقيق إيرادات بين 7.5 إلى 8 مليارات دولار، نزولاً من 9 إلى 9.5 مليارات دولار.

والسياحة، هي المصدر الثالث للعملة الأجنبية في مصر بعد الصادرات وتحويلات المغتربين بالخارج، كما أنها تشكل مصدراً مهماً للنقد الأجنبي، والذي تجري من خلاله تغطية التزامات البلاد الخارجية كالديون والواردات، إلى جانب إيرادات الاستثمارات الأجنبية وقناة السويس.

ومنذ يوليو/تموز الماضي، تواصل الحكومة المصرية حجب تقارير الملاحة والإحصاءات الرسمية الخاصة بمعدلات الإيرادات الشهرية وأعداد وحمولات السفن المارة بقناة السويس للشهر الثالث على التوالي، وهو مصدر مهم للنقد الأجنبي في البلاد.

وتتمثل الوظيفة الأساسية للاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، في توفير السلع الأساسية، وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، في الظروف الاستثنائية، مع تأثر الموارد من القطاعات المدرّة للعملة الصعبة، مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الاضطرابات.

 
اقرأ أيضاً: صندوق النقد: احتياطي مصر يغطي الواردات لثلاثة أشهر فقط

المساهمون