كشفت أرقام رسمية عن ارتفاع ديون الحكومة المصرية للمصارف المحلية إلى أكثر من ترليون جنيه (نحو 128 مليار دولار) جرى اقتراضها عبر أذون الخزانة. ويعادل الرقم نحو نصف حجم الدين المحلي للبلاد الذي تجاوز 2.3 ترليون جنيه.
وتعتمد مصر على الاقتراض من الجهاز المصرفي المحلي لسد عجز الموازنة المزمن، ما رفع إجمالي الدين العام على مصر إلى أكثر من 96% من إجمالي الناتج المحلي، وهي نسبة بين الأخطر عالميا، وفق التقديرات الدولية.
وتلتهم فوائد الديون أكثر من ربع مصروفات مصر سنويا، فيما يعتبر مراقبون أن الحل الأمثل هو معالجة العجز بعيدا عن الاقتراض، وذلك عبر إحكام الرقابة على نفقات الجهات الحكومية، وتشجيع الإنتاج، وتعظيم الإيرادات عبر إدراج القطاع غير الرسمي ضمن طائلة السوق المقننة.
وحسب البيانات التي أصدرها البنك المركزي المصري مؤخرا، فقد حصلت الحكومة على قروض من القطاع المصرفي بلغت 54 مليار جنيه خلال سبتمبر/أيلول الماضي فقط.
وبلغت القروض المصرفية المحلية للحكومة نحو 1.03 ترليون جنيه بنهاية سبتمبر/أيلول بزيادة 14% عن مستواها في نهاية ديسمبر الماضي، تلك أموال تستثمرها المصارف في أذون الخزانة.
وأذون الخزانة هي أداة دين حكومية قصيرة الأجل تصدرها الحكومة لغرض الاقتراض، وتصدر بمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة.
وتتميز الأذون مقارنة مع سندات الخزانة بسهولة التصرف فيها دون أن يتعرض حاملها لخسائر، لأن الإذن عادة يباع بخصم أي بسعر أقل من قيمته الاسمية، وتعد الأذون إحدى الأدوات المهمة في توفير السيولة النقدية في الآجال القصيرة.
وحسب ما أعلنه البنك المركزي المصري في نشرته لشهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فقد بلغ إجمالي أرصدة القروض المقدمة من المصارف للشركات والعملاء حدود 330.9 مليار جنيه بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي مقابل 222.1 مليار جنيه بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2014.
وكثيرا ما يحذر المراقبون من أن توسع الحكومة في الاقتراض من المصارف المحلية، يؤثر على مخصصات القطاع الخاص من القطاع المصرفي، إذ تجد المصارف في إقراض الحكومة فرصا أكبر للربح، فضلا عن أن ضمانة الخزانة العامة للدولة للقروض التي تأخذها الحكومة من المصارف، ترجح كفّة الحكومة دائما في عمليات الاقتراض المحلي.
اقرأ أيضاً: أغلقوا البورصات و"فضوها" سيرة
وسجلت قيمة الأرصدة في الخارج تراجعا، حيث بلغت حوالى 52.7 مليار جنيه، مقابل 56.4 مليار جنيه في نهاية 2014.
وأظهر تقرير البنك المركزي استحواذ القطاع العائلي على الحصة الكبرى من قروض المصارف بقيمة 177.2 مليار جنيه بنهاية سبتمبر، مقابل 154.2 مليار جنيه بنهاية العام الماضي، فيما ارتفعت القروض الممنوحة لقطاع الصناعة لتصل إلى 134 مليار جنيه بنهاية سبتمبر مقابل 123 مليار جنيه بنهاية العام الماضي بأكمله.
وإجمالا بلغ نصيب التسهيلات المصرفية التي حصلت عليها الحكومة من المصارف، خلال سبتمبر الماضي 30.6 مليار جنيه، وذلك من إجمالي زيادة التسهيلات بالبنوك والبالغة 34.7 مليار جنيه، ليصل نصيب الحكومة من تلك الزيادة ألى 88%، مقابل نسبة 12% وبما يعادل 4.1 مليارات جنيه تم منحها للقطاعات الاقتصادية الثلاثة الأخرى وهي الخاص والعائلي والعالم الخارجي.
ولم تكتف الحكومة بالقروض المصرفية، بل أضافت إليها اقتراضاً في صورة إصدارات جديدة لسندات الخزانة، بنحو 16.1 مليار جنيه خلال الشهر ذاته، كما اقترضت فى صورة أذون خزانة بنحو 7.5 مليارات جنيه خلال نفس الشهر ليصل إجمالي التسهيلات المصرفية والسندات والأذون إلى 54.2 مليار جنيه خلال الشهر، وهو ما ينعكس على زيادة الدين العام المحلي.
وحسب الخبير الاقتصادي ممدوح الولي فإنه يضاف إلى القروض الحكومية قيمة النقد المصدر، الذي تم إصداره خلال نفس الشهر والبالغ 9.3 مليارات جنيه، الأمر الذي يشير إلى أزمة حادة بالسيولة لدى الحكومة، مع زيادة العجز بالموازنة.
فى تطور آخر، أشارت بيانات البنك المركزي المصري إلى تحول صافي الأصول الأجنبية – العملات الأجنبية – لدى البنك المركزي، خلال سبتمبر الماضي إلى سالب، نتيجة الفرق بين الأصول الأجنبية لدى المركزي البالغة ما يعادل 122.8 مليار جنيه، والالتزامات الأجنبية البالغة التي تعادل 127.3 مليار جنيه.
وحسب ممدوح الولي أيضا فإنه في ضوء بلوغ صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك العامة والخاصة، خلال الشهر ذاته ما يعادل 15 مليار جنيه، فقد بلغ صافي الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصري – البنك المركزي والبنوك – ما يعادل 10.5 مليارات جنيه فقط، وهو أدنى رقم له خلال السنوات الأخيرة، مما يشير إلى أزمة حادة بالعملات الأجنبية.
وتعاني مصر أزمة حادة بسبب نقص العملة الأجنبية بفعل تراجع موارد الدولة منها، بخاصة قطاعي السياحة والصادرات.
اقرأ أيضاً:
المركزي المصري يطرح مليار دولار لتخفيف أزمة شح العملة
الشرطة المصرية تنافس الجيش في أسواق السلع