حكومة المغرب تصر على إصلاح التقاعد رغم الإضرابات العمالية

12 ديسمبر 2015
الحكومة تقترح مد سن التقاعد إلى 65 عاماً (الأناضول)
+ الخط -



تستعر منذ أول من أمس الخميس، حرب البيانات بين الحكومة المغربية من جهة، والاتحادات العمالية من جهة ثانية، بعد الإضراب العام في الوظائف العمومية والجماعات المحلية. فبينما سعت الحكومة إلى التقليل من حجم المشاركة في الإضراب، أعلنت الثانية عن نجاحه، ما ينبئ بتباعد المواقف بين الطرفين، خاصة في ظل إصرار الحكومة على تسريع وتيرة إصلاح نظام التقاعد في الوظيفة العمومية.

وكانت النقابات العمالية المتمثلة في الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغل، قد هددت الشهر الماضي بالتصعيد، من خلال الدعوة إلى إضراب عام وطني في 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري، من أجل دفع الحكومة للاستجابة لمطالب العمال، وهي زيادة الأجور وتخفيض الضرائب وإشراكها في إصلاح نظام التقاعد.

ومنذ صباح أول من أمس، شرعت الاتحادات العمالية في الإعلان عن نجاح الإضراب، حيث أكدت على أن نسبة المشاركة وصلت 80% في الوزارات، و93% في الجماعات المحلية.

الحكومة من جانبها سعت إلى التخفيف من تأثير الإضراب على سير الخدمات العامة، غير أن مصدرا حكوميا، فضّل عدم ذكر اسمه لـ "العربي الجديد"، ذكر أن نسبة المشاركة في الإضراب وصلت على الصعيد الوطني إلى حدود 30%، بل إن تلك النسبة وصلت في قطاعات مثل التعليم والصحة والجماعات المحلية والعدل 50%.

وفضل الكثير من المسؤولين الحكوميين عدم الإدلاء علنا بتصريحات حول نسبة المشاركة في الانتخابات، ولوحظ أن وزير الوظيفة العمومية، محمد مبديع، فضل التهدئة حين شدد على أن الاتحادات العمالية، قامت بإضرابها بمسؤولية، مؤكدا أن الحكومة ستستخلص الدروس من ذلك.
 
ولاحظت "العربي الجديد" أن الاستجابة لنداء الإضراب كانت كبيرة في قطاعات الصحة والتعليم والزراعة والجماعات المحلية، وتجلى أن العديد من المصالح تعطلت، باستثناء تلك التي تقتضي حدا أدنى من الخدمات مثل الصحة، خاصة في الطوارئ.

وذهب محمد الهاكش، عضو الاتحاد النقابي للموظفين والموظفات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن المشاركة في الإضراب الأخير تجاوزت التوقعات، بعد ما راج حول ضعف المشاركة في المسيرة الوطنية الأخيرة التي نظمها التحالف النقابي قبل أسبوعين.

واعتبر أن المشاركة في الإضراب الأخير من قبل الموظفين والعاملين في الجامعات المحلية، جاءت رغم سيف الاقتطاعات من الأجور المسلط على رقابهم من قبل الحكومة، التي تتوعد كل مضرب بالاقتطاع من أجره.

اقرأ أيضاً: المغرب: الاتحادات العمالية تلوّح بالتصعيد

وشدد على أن "النبرة الاستعلائية للحكومة التي قررت المضي في إصلاح التقاعد، دفعت العديد من الموظفين إلى المشاركة في الإضراب الأخير، خاصة أنهم أدركوا أن الحكومة لا تقيم اعتبارا لمطالبهم، هم الذين ستتضرر قدرتهم الشرائية في حال نجحت في تطبيق الإصلاح الذي سيخفض معاشات التقاعد".

وتقترح الحكومة عبر قانون جديد لإصلاح نظام التقاعد، رفع سن التقاعد إلى 62 عاماً بدءاً من يوليو/تموز 2016، وزيادته ستة أشهر سنوياً للوصول إلى 65 عاماً بدءاً بحلول يوليو/تموز 2022.

أيضا تتضمن المقترحات الحكومية، زيادة نسبة الاقتطاع من الأجور لتمويل صندوق التقاعد بنسبة 4% لتصل إلى 14% بدلاً من 10% حالياً، بالإضافة إلى تقليص الراتب التقاعدي.

وصرح مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، عقب اجتماع مجلس الحكومة، مساء أول من أمس، بأن سجل الحكومة في مجال الحوار الاجتماعي مشرّف، مؤكدا أن الحكومة مدعوة لتحمل مسؤوليتها السياسية والأخلاقية في إنجاز الإصلاح.

غير أنه يبدو أن الحكومة غير مستعدة لأخذ احتجاجات الاتحادات العمالية بعين الاعتبار في الفترة الحالية، فقد ذهب الوزير الخلفي إلي أن الحكومة ستتجه إلى اعتماد القوانين المرتبطة بإصلاح التقاعد في أقرب الآجال، بما يساعد على تأمين المعاش لنحو 400 ألف متقاعد بحلول عام 2021.

وشدد الخلفي على أن الحكومة عليها مسؤولية أخلاقية وسياسية لإصلاح الصندوق المغربي للتقاعد الخاص بالموظفين الحكوميين، حيث أكد على أن العجز يفوق 3 مليارات درهم (300 مليون دولار) في العام الحالي، وهو عجز ينتظر أن يبلغ 6 مليارات درهم في العام المقبل و14 مليار درهم في 2017.

وسألت "العربي الجديد" مسؤولا في وزارة الوظيفة العمومية، حول إمكانية عودة الحكومة والاتحادات العمالية إلى طاولة المفاوضات من أجل الوصول إلى توافق حول ملف التقاعد، إلا أنه أجاب أن المهم ليس إعادة بعث الحوار الاجتماعي، بل الوصول إلى نتائج.

وكان الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، ميلودي موخاريق، قد ذهب إلى أن التحالف النقابي الذي يضم أربع مركزيات نقابية، يعتبر الإضراب الأخير إنذاريا، حيث يمكن تنظيم إضرابات عامة أخرى في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية، كلما دعت الضرورة لذلك.



اقرأ أيضاً:
انتقادات حادة لشركات تدبير الكهرباء والنقل في المغرب
المغرب: الحوار بين الحكومة والعمال يدخل نفقاً مسدوداً

دلالات
المساهمون