وتقرّر، بعد خمسِ سنوات من التحقيقات، سجن الطبيب معلوف لمدة شهرين، ومن ثم الاكتفاء تخفيفاً بمدة توقيفه، وسجن شرارة لمدة شهرين، ومن ثم إبدال العقوبة تخفيفاً بغرامةٍ مالية قدرها مليونا ليرة لبنانية (1327 دولاراً أميركياً بحسب سعر الصرف الرسمي).
هذا الحكم الذي يعتبر "جريئاً وغير مسبوق" على مستوى الحالات الشبيهة المرتبطة بالأخطاء الطبية، والتعويضات المالية التي تخطّت المليار ونصف المليار ليرة لبنانية (995 مليون دولار) لا يعوّض الأهل والطفلة عن الأطراف التي حُرمت منها والأذى الجسدي الذي لحق بها، لكنّه يرضيهم لناحية "كسر هالة" الأطباء الذين يرتكبون الأخطاء من دون محاسبتهم، على حدّ قول والد إيللا حسان طنوس، في اتصال مع "العربي الجديد"، اليوم الجمعة.
وأضاف طنوس، "تعلمت القوة والمثابرة من إيللا، فهي تعتمد على نفسها بكلّ شيء، وتدرس وتأكل بمفردها، وتحب الحياة على الرغم من وجعها والضحكة لا تفارق وجهها. من هنا كان إصراري على متابعة القضية حتى النهاية، فأنا لم أتجنَّ على أحدٍ، وقمت بدراسة الملف بالكامل للتأكّد من حصول الخطأ الطبي، قبل التحرك قضائياً". وتمنّى طنوس "إحالة الطبيبين إلى المجلس التأديبي لمحاسبتهما، وأمل أن تتوقف النقابة عن حماية الأطباء عشوائياً، وتتحرك بحسب ما يمليه عليها ضميرها وحسّها الإنساني".
بدوره، أشار وكيل الدفاع في ملف إيللا طنوس، المحامي نادر الشافي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الحكم الذي صدر في القضية، "نموذجي ويمثّل سابقة قضائية، لأننا تمكّنّا من جمع الأدلة وإثبات وجود الخطأ الطبي". وأشار، إلى أنّ "غياب هكذا أحكام في حالات سابقة، يعود إلى انتفاء الأدلة والإثباتات، وعندما ينتفي الدليل تسقط الشكوى ويُقفل الملف. من هنا كان تصميم والديّ إيللا على متابعة قضيتهما المحقّة، طيلة خمس سنوات"، بحسب قوله.
ولفت، إلى أنّ حكم القاضية استندَ إلى تقارير طبية صادرة عن وزارة الصحة واللجنة الطبية برئاسة نقيب الأطباء شرف أبو شرف، المعيّنة من قبل قاضي التحقيق الأول في بيروت جورج رزق، إلى جانب تقرير الطبيب البروفيسور أمين قزي الذي يعمل في مستشفى "الجامعة الأميركية"، والتي أثبتت كلّها وجود الخطأ الطبي من جانب الطبيبين والمستشفيين.
وشدّد المحامي الشافي، على أنّ الفضل يعود في هذه القضية والحكم الجريء الصادر عنها، إلى مثابرة والديّ إيللا ومتابعتهما اليومية لوضعها الصحي وتطورات الحركة الحيوية عند الطفلة التي من خلالها تمكنا من جمع الأدلة الدامغة، الموثّقة بالصور والتحاليل والمستندات الطبية.
وارتكزت القاضية صفير عند حكمها بالتعويضات المالية، على المعاناة الجسدية والضرر المعنوي والألم النفسي، وحرمان الطفلة إيللا، نتيجة الخطأ الطبي، من متابعة حياتها اليومية بشكل عاديّ، بعدما تسبّب الخطأ ببتر أطرافها الأربعة وألحق بها أضراراً دائمة غير قابلة للشفاء. وشملت التعويضات أيضاً النفقات الاستشفائية والعلاج والتكاليف المرتبطة بالحدّ من الاستقلالية.