حقول نفط في كركوك بلا مهندسين... وفرار الموظفين خوفاً من قاسم سليماني

26 أكتوبر 2017
تحديات تواجه إنتاج النفط في كركوك (Getty)
+ الخط -
قال مصدر كبير بصناعة النفط الكردية "أن الموظفين، والعمال في المنشآت الرئيسية لمعالجة النفط في شمال العراق، لاذوا بالفرار، بعد دخول الجيش العراقي والفصائل الشيعية المدعومة من إيران منشأة رئيسية لمعالجة النفط في شمال العراق، لاستعادتها من أيدي قوات البشمركة الكردية، الأسبوع الماضي".

وأضاف أن جميع المهندسين والعمال لاذوا بالفرار خوفاً من الزحف العسكري، إذ لم يكن أحد يريد المخاطرة بحياته، خاصة بعد دخول رئيس العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ساحة الحرب.

وصل المهندسون العراقيون على رنين أجراس الإنذار التي تحذر من أعطال في النظام، الأمر الذي دفعهم لإغلاق الآبار على الفور، والآن يحتاجون إلى كلمات السر وخبرات نظرائهم الأكراد لاستئناف إنتاج النفط بالكامل.

ومن المرجح أن يحرم فقدان السيطرة على حقول نفط كركوك حكومة إقليم كردستان العراق من عائداتها الحيوية، ويتسبب في قلق عميق لدى شركات التجارة العالمية، مثل فيتول وجلينكور، التي منحت حكومة الإقليم مليارات الدولارات على شكل قروض بضمان مبيعات النفط المستقبلية.

وجاء الهجوم العسكري الخاطف الذي شنه الجيش العراقي في شمال البلاد، بعد أن أجرى إقليم كردستان استفتاء على الاستقلال، الشهر الماضي.

وكان اللواء سليماني، الذي يعد من أقوى الشخصيات العسكرية في الشرق الأوسط وله نفوذ في سورية ولبنان، قد أصدر تحذيرات مشددة للقادة الأكراد قبل بدء الزحف العسكري العراقي.

وقال مهندس من شركة نفط الشمال، التي تديرها بغداد، امتنع عن ذكر اسمه لأنه تلقى أوامر بألا يتحدث علانية عن هذا الموضوع: "دخلنا منشآت حقل النفط بعد هروب العمال الأكراد ووجدنا ملابس العمل وأحذية الأمان ملقاة على الأرض". وأضاف "يبدو أن العمال خلعوها وفروا بسرعة كبيرة".

أجراس الإنذار

وقال مهندس شركة نفط الشمال "بعد أن اكتشفنا أن بعض المعدات الرئيسية مختفية وكانت لوحة التشغيل تطلق أجراس الإنذار بحدوث عطل في معالجة النفط الخام، أغلقنا الآبار على الفور".

وبعد أسبوع من العملية العسكرية، ما زال المهندسون العراقيون يكافحون لاستئناف إنتاج النفط في كركوك ويقولون إنهم ما زالوا يحاولون فهم كيفية تشغيل المعدات التي تعالج نحو 350 ألف برميل من النفط يوميا.

وقد أدى الهجوم العسكري إلى انخفاض إنتاج إقليم كردستان من النفط إلى أقل من النصف، وخفض صادرات الإقليم للأسواق العالمية عن طريق تركيا بأكثر من الثلثين.

وقال مصدر كردي بصناعة النفط، مطلع على عمليات تحميل الصادرات لرويترز، إن انخفاض الصادرات حرم المنطقة من عائدات تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار على مدار الأسبوع الأخير.

ووجه ذلك ضربة أخرى لمصادر تمويل الإقليم الواقعة بالفعل تحت ضغوط الحرب على تنظيم داعش، وأزمة الميزانية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط. وقد طالبت الولايات المتحدة الجانبين باستئناف الحوار، وقالت إن التوترات تعرقل جهود الحرب على التنظيم.

ويقول الجانبان "إن استئناف إنتاج النفط وصادراته بصورة طبيعية سيكون تحديا صعبا وسيستغرق أسبوعا آخر على الأقل، ولن ينجح إلا إذا اتفق المهندسون العراقيون والأكراد على التعاون".

ويوم الثلاثاء الماضي، طلب مسؤولون بشركة نفط الشمال من مجموعة كار الهندسية الكردية إعادة عمالها وفق ما قالته مصادر من الجانبين. وقالت المصادر "إن المهندسين العراقيين يحتاجون إلى إرشادات بشأن كيفية تشغيل المعدات التي تم تركيبها حديثا في حقلي باي حسن وأفانا".

وتقع محطات الضخ والتشغيل للحقلين في مدينة دهوك، التي لا تزال تحت سيطرة قوات البشمركة.

 مثل صندوق مغلق

قال المهندس العراقي إن منشآت الطاقة في كركوك أشبه بصندوق مغلق، وطاقمهم هو وحده الذي يملك كلمة السر.

لفترة طويلة ظلت كركوك إحدى أقدم وأفضل مناطق إنتاج النفط المعروفة في الشرق الأوسط، تحت سيطرة القوات العراقية إلى أن اجتاحها مقاتلو داعش. وفي عام 2014 استردت قوات البشمركة السيطرة عليها في إطار تقدمها لمحاربة التنظيم.

وسمح ذلك لكردستان باستعادة السيطرة على المنطقة التي يعتقد الأكراد أنها كردية، ومن ثم زيادة الصادرات من حقول النفط واقتراض مليارات الدولارات من الشركات التجارية ومن شركة روسنفت الحكومية الروسية.

وقبل الاستفتاء كان إقليم كردستان يصدر حوالى 600 ألف برميل يوميا من النفط الخام عن طريق تركيا ، وقال الإقليم إن ذلك منحه استقلالا اقتصاديا شبه كامل لأنه استطاع أن يسدد فواتيره دون الحاجة لانتظار تحويلات الموازنة من بغداد.

وبموجب الاتفاق مع بغداد، كان إقليم كردستان يصدر 540 ألف برميل لحساب الحكومة الإقليمية في مدينة اربيل وحوالى 60 ألف برميل يوميا لحساب شركة نفط الشمال.

وبفقدان السيطرة على منطقة كركوك، لا يصبح لإقليم كردستان من الناحية النظرية سوى 250 ألفاً إلى 300 ألف برميل يومياً من إنتاجه، وهو ما يقل عما يحتاج إليه للوفاء بالتزامات الدين.

فقد أقرضت شركات فيتول وجلينكور وبتراكو وترافيحورا إقليم كردستان حوالى 2.5 مليارَي دولار، كما أقرضته شركة روسنفت الروسية حوالى 1.2 مليار دولار.

وفي الأسبوع الماضي، قال إيفان جلاسنبرج، رئيس شركة جلينكور، إنه لا يستبعد إعادة جدولة الديون المستحقة لشركته.


(رويترز، العربي الجديد)