15 أكتوبر 2015
حطباً لنار الإعلام الإسرائيلية
مالك أبو عريش (فلسطين)
لم يعد يخفى على القاصي والداني أن أصغر وسائل الإعلام الإسرائيلية تعد جندياً حقيقياً يخدم في الجيش النظامي، ويسبق القوات الراجلة والدبابات إلى مناطق الاشتباك، ليقدم ما يستطيع تقديمه في سبيل تحقيق هدف المهمة العسكرية الصهيونية الهادفة إلى إخلاء الوجود الفلسطيني، وهزيمته نفسياً وفعلياً على أرض المعركة، أو المواجهة غير المباشرة.
وقد أكدت الحروب والاعتداءات على غزة هذه النظرية، وأثبتتها أيما إثبات، لا سيما في ظل خضوعها للرقابة العسكرية التي تقلل من مهنيتها الصحفية، وتلبسها العباءة العسكرية والخوذة الواقية من الرصاص، لتكون أولوية المراسل إسرائيليته، وليست مهنته.
وعلى الرغم من ذلك، لا زال الفلسطينيون، أفراداً ومؤسسات، يتعاملون مع الإعلام الإسرائيلي تعامل الذي لا يعرفه حق المعرفة، كما لو كان المحايد الذي يتطرق إلى المنهجية الصحفية، قبل أن يمر إلى حقيقته الوجودية، وأسباب تأثيره الفعلية.
لا أفهم كيف يقبل قيادي في حركة حماس، مثل غازي حمد، أو قيادي في الجهاد الإسلامي، مثل خضر عدنان الذي سجل اسمه على فصل من فصول الحركة الأسيرة بمعركة الأمعاء الخاوية، أن يقبل بالحديث بلا روادع، مع وسائل إعلامية إسرائيلية، تساهم بمعاناة لشعبهما، وهي نفسها التي تذكرهم تحت اسم "إرهابيين"، وفي ذهني صورة لا تنسى للمرأة المنقبة التي تحتفل بانطلاقة حركة حماس على دوار المنارة في رام الله، وعلى يدها طفل لا يتجاوز عمره عامين، يرتدي وشاحاً مكتوباً عليه "كتائب القسام"، وهي تتحدث إلى مراسل القناة العبرية الثانية، أوهاد حيمو، لتخبره أنها ترفض الاعتراف بإسرائيل.
عندما أطلق سراح طفلةٍ فلسطينية كانت أسيرة لدى قوات الاحتلال، سارع المراسل نفسه، (بات يعرف مناطق الضفة الغربية أكثر مني) إلى إجراء حوار معها في منزلها، وقتها انتقدت موقفها في حوار لي مع أستاذي، فقال لي إنها على كل الأحوال طفلة، فكيف به الآن مع اثنين من قيادات الصف الأول من المقاومة الفلسطينية، وحلف الممانعة المحلي.
في مطلع العام الحالي، ثارت نقابة الصحفيين الفلسطينيين على أربعة صحفيين مقدسيين، لإجرائهم مقابلةً مع رئيس بلدية الاحتلال في القدس، معتبرةً أنه من أشكال التطبيع، وتمرير للمفاهيم الرسمية الإسرائيلية، وفكّرت في طردهم من عضويتها، ولم ينتبهوا إلى أن فلسطينيين كثيرين من شخصيات سياسية وأفراد، يتفاخرون بقدرتهم على محاورة المراسل الإسرائيلي بالعبرية، وهم يشعرون بنشوة تغمرهم، لمجرد تمكنهم من ذلك.
كان تصرفها في ذلك الوقت صحيحاً، لكنه غير كافٍ، يجب على هذه النقابة والمؤسسات الأخرى أن تعي أنها بفلسطينيتها فإنها مؤسسة وطنية، قبل أن تكون مهنية، وعليها أن توعي المواطنين على ضرورة عدم إجراء المقابلات مع هؤلاء الصحفيين، إن لم يكن لأسبابها الوطنية وما يتعلق بالتطبيع، فليكن رفضاً للسياسة التي تطبقها إسرائيل، بعدم سماحها للصحفيين الفلسطينيين بمزاولة عملهم، داخل الأراضي المحتلة وغيرها، بإعاقتهم في التحرك، أو باستهدافهم المباشر في أثناء الاشتباكات واعتقال عدد منهم، التي باتت تُوثق شهرياً على أيدي مؤسسات مختصة، وعدم إعطاء الأذونات للدخول إلى مناطق الأحداث.
ولا أعرف كيف يأمن الفلسطيني، أياً كان، من استخدام صورته بعكس الاتجاه، فمن الممكن في الإعلام إظهار العرب بصورة سيئة، واستخدامها لدعم الحجة الإسرائيلية على الشاشات الإسرائيلية والعالمية. مكر الإسرائيلي معروف، وإن كان صحفياً فتوقع ما هو أسوأ، وتجاربنا في هذا المجال كثيرة، منها تقرير صوّر مدينة رام الله على أنها وكر للكحول والمخدرات، وقد استند، أساساً، إلى مقابلاتٍ مع فلسطينيين.
إن كان، لظروف سياسية أو تفاهمات معينة، يُسمح للصحفي الإسرائيلي أن يتجول بحرية في مناطق الضفة الغربية، فليس شرطاً أن يقبل المواطن الفلسطيني، الذي يعتبر نفسه إنساناً وطنياً ومقاوماً، إجراء محادثةٍ مع صحفي إسرائيلي، وفي وسعه أن يصنع حاجزاً بينه وبين الصحفي، يمنعه فيه من اختراق شخصه.
ثقافة الدونية والانهزامية أمام المحتل هي ما تجعلنا نشعر بالرغبة في أن يجري مراسل القناة الإسرائيلية مقابلةً معنا، وهي نفسها التي ينظر بها الصهيوني تجاه الصحفي الفلسطيني، فهو يعتبر إجراء مقابلةٍ مع فلسطيني أمراً مهيناً بالنسبة له، كما أنه يتعامل معه كفلسطيني، ولا ينظر إليه، ولو لحظة، على أنه صحفي.
وعلى الرغم من ذلك، لا زال الفلسطينيون، أفراداً ومؤسسات، يتعاملون مع الإعلام الإسرائيلي تعامل الذي لا يعرفه حق المعرفة، كما لو كان المحايد الذي يتطرق إلى المنهجية الصحفية، قبل أن يمر إلى حقيقته الوجودية، وأسباب تأثيره الفعلية.
لا أفهم كيف يقبل قيادي في حركة حماس، مثل غازي حمد، أو قيادي في الجهاد الإسلامي، مثل خضر عدنان الذي سجل اسمه على فصل من فصول الحركة الأسيرة بمعركة الأمعاء الخاوية، أن يقبل بالحديث بلا روادع، مع وسائل إعلامية إسرائيلية، تساهم بمعاناة لشعبهما، وهي نفسها التي تذكرهم تحت اسم "إرهابيين"، وفي ذهني صورة لا تنسى للمرأة المنقبة التي تحتفل بانطلاقة حركة حماس على دوار المنارة في رام الله، وعلى يدها طفل لا يتجاوز عمره عامين، يرتدي وشاحاً مكتوباً عليه "كتائب القسام"، وهي تتحدث إلى مراسل القناة العبرية الثانية، أوهاد حيمو، لتخبره أنها ترفض الاعتراف بإسرائيل.
عندما أطلق سراح طفلةٍ فلسطينية كانت أسيرة لدى قوات الاحتلال، سارع المراسل نفسه، (بات يعرف مناطق الضفة الغربية أكثر مني) إلى إجراء حوار معها في منزلها، وقتها انتقدت موقفها في حوار لي مع أستاذي، فقال لي إنها على كل الأحوال طفلة، فكيف به الآن مع اثنين من قيادات الصف الأول من المقاومة الفلسطينية، وحلف الممانعة المحلي.
في مطلع العام الحالي، ثارت نقابة الصحفيين الفلسطينيين على أربعة صحفيين مقدسيين، لإجرائهم مقابلةً مع رئيس بلدية الاحتلال في القدس، معتبرةً أنه من أشكال التطبيع، وتمرير للمفاهيم الرسمية الإسرائيلية، وفكّرت في طردهم من عضويتها، ولم ينتبهوا إلى أن فلسطينيين كثيرين من شخصيات سياسية وأفراد، يتفاخرون بقدرتهم على محاورة المراسل الإسرائيلي بالعبرية، وهم يشعرون بنشوة تغمرهم، لمجرد تمكنهم من ذلك.
كان تصرفها في ذلك الوقت صحيحاً، لكنه غير كافٍ، يجب على هذه النقابة والمؤسسات الأخرى أن تعي أنها بفلسطينيتها فإنها مؤسسة وطنية، قبل أن تكون مهنية، وعليها أن توعي المواطنين على ضرورة عدم إجراء المقابلات مع هؤلاء الصحفيين، إن لم يكن لأسبابها الوطنية وما يتعلق بالتطبيع، فليكن رفضاً للسياسة التي تطبقها إسرائيل، بعدم سماحها للصحفيين الفلسطينيين بمزاولة عملهم، داخل الأراضي المحتلة وغيرها، بإعاقتهم في التحرك، أو باستهدافهم المباشر في أثناء الاشتباكات واعتقال عدد منهم، التي باتت تُوثق شهرياً على أيدي مؤسسات مختصة، وعدم إعطاء الأذونات للدخول إلى مناطق الأحداث.
ولا أعرف كيف يأمن الفلسطيني، أياً كان، من استخدام صورته بعكس الاتجاه، فمن الممكن في الإعلام إظهار العرب بصورة سيئة، واستخدامها لدعم الحجة الإسرائيلية على الشاشات الإسرائيلية والعالمية. مكر الإسرائيلي معروف، وإن كان صحفياً فتوقع ما هو أسوأ، وتجاربنا في هذا المجال كثيرة، منها تقرير صوّر مدينة رام الله على أنها وكر للكحول والمخدرات، وقد استند، أساساً، إلى مقابلاتٍ مع فلسطينيين.
إن كان، لظروف سياسية أو تفاهمات معينة، يُسمح للصحفي الإسرائيلي أن يتجول بحرية في مناطق الضفة الغربية، فليس شرطاً أن يقبل المواطن الفلسطيني، الذي يعتبر نفسه إنساناً وطنياً ومقاوماً، إجراء محادثةٍ مع صحفي إسرائيلي، وفي وسعه أن يصنع حاجزاً بينه وبين الصحفي، يمنعه فيه من اختراق شخصه.
ثقافة الدونية والانهزامية أمام المحتل هي ما تجعلنا نشعر بالرغبة في أن يجري مراسل القناة الإسرائيلية مقابلةً معنا، وهي نفسها التي ينظر بها الصهيوني تجاه الصحفي الفلسطيني، فهو يعتبر إجراء مقابلةٍ مع فلسطيني أمراً مهيناً بالنسبة له، كما أنه يتعامل معه كفلسطيني، ولا ينظر إليه، ولو لحظة، على أنه صحفي.
مقالات أخرى
12 ابريل 2015
10 مارس 2015
23 يناير 2015