حسن حاموش: تخطيط القرآن

18 ديسمبر 2016
من أعمال حاموش (العربي الجديد)
+ الخط -
يُعتبر الخط العربي من الفنون العربيَّة الأصيلة والجميلة، والتي تعبّر عن الخصوصيّة الثقافيّة العربيَّة. ويسعى الخطّاطون إلى إبراز جماليّة الكلمات العربية بطريقة فنيّة مميزة، خاصة الآيات القرآنيّة التي تكون ضمن لوحات أشبه بلوحات الرسم اليدوي التي تزيّن جدران المنازل. وجديرٌ بالذكر، أنّ فن الخط العربي انتشر، بشكل أساسي، في كنف الحضارة الإسلاميَّة في فترات استقرارها، خصوصاً الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس.

حسن حاموش من بلدة كفرحتى (جنوب لبنان) يعمل خطاطاً منذ أكثر من ثلاثين سنة، يقول لـ "العربي الجديد": "أعمل في التخطيط العربي، خاصة تخطيط الآيات القرآنيّة التي أقوم بعملها بناء على طلب الزبون. فلكلّ زبونٍ ذوق مختلف عن الآخر إن كان من ناحية نوع الخط، أو لون الخلفية، أو حتى نصّ الآية التي يرغب في تعليقها على جدران المنزل الداخليّة".
يلفت حاموش، إلى أن العمل في تخطيط اللوحة كان يستغرق ثلاثة أيّام عملٍ سابقاً، لأنه كان يعتمد على العمل اليدوي من التخطيط حتى صناعة البرواز، وأحياناً رسم الخلفية.
لكن مع التطور، "أدخلنا آلات القص والحفر على الخشب إلى مهنتنا لتسهّل وتسرّع عملية صناعة اللوحات، ولكن في الوقت نفسه يبقى الأساس هو التخطيط اليدوي الذي تتم عملية القص بناء عليه، إذ إنَّ التطوّرات التكنولوجية الحديثة، تستطيع أن تسهل الوقت وتوفّر الجهد، لكنها لا تستطيع على الإطلاق أن تنقل الإحساس البشري الصادق، الذي لا يمكن سوى للعمل اليدوي أن ينقله".
ويضيف حاموش: "بعد أن كان التخطيط سابقاً يعتمد على التخطيط السطحي، صار حالياً أحرفاً نافرة ما قد يضفي على اللوحة جمالية ورونقاً خاصاً. وتتم العملية بعد أن أقوم بتخطيط السورة أو الآية القرآنيّة، أقومُ بتخطيطها مرّة أخرى بواسطة مادة "السليكون"، وهي تتم بطريقتين، إما باستخدام السليكون البارد أو السليكون الساخن. كذلك يمكن استخدام النشاء مع الغراء بعد مزجهما، ثمَّ تبدأ عملية صبّ الأحرف لتصير نافرة وتُترَك لتُبرَد. وبوجود الآلات الحديثة، صارت تستغرق عملية إنجاز اللوحة بضع ساعات، وليس أياما كما في السابق".
ويقول حاموش: "أقوم باختيار ألوان الأحرف النافرة لتتناسب مع الخلفية التي يختار لونها الزبون أيضاً. وصارت تختلف ألوان الخلفيات الآن عن السابق. إذ صار اختيارها يتناسب مع أثاث المنزل، كما أنه انتشرت مُؤخَّراً الألوان الغريبة كالبنفسجي والزهري، والتي لم تكن موجودة سابقاً ضمن اللوحات القرآنيّة".
ولكي يكمل حاموش حرفته، افتتح مُحترِفاً لصناعة البراويز الخشبية، كي يقوم بإنجاز اللوحة بشكلٍ متكامل ومتناسق. كما أنَّه أدخل بيع الرسومات إلى مهنته، إذ يقوم بوضعها داخل البراويز، ويعرِضُها للبيع، لأنَّ حرفة التخطيط وحدها لم تعد تكفيه لتأمين حاجته المادية، رغم أنه يقوم ببيع لوحاته في المدن اللبنانية كافة.

ويؤكد حاموش، أنَّه رغم أن هذه الحرفة قديمة، إلا أنها ما زالت مطلوبة، لأنَّ العديد من الناس يرغبون في اقتناء لوحات قرآنية في بيوتهم، خاصة "المعوذتين" و"آية الكرسي"، وبعد إدخال الآلات في صناعتها، صارت أقل ثمناً، وفي متناول الجميع أكثر من قبل، لأنها لم تعد تحتاج إلى وقت وجهد.

دلالات
المساهمون