حروب ترامب التجارية تندلع على جبهات "صديقة" و"معادية"

26 مايو 2018
التهديد بفرض الرسوم بإمكانه إثارة رد فعل فوري (Getty)
+ الخط -
منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطة في 2017، بدأ بتوجيه سهامه يمنة ويسرة على "الأعداء" الاقتصاديين للولايات المتحدة الذين يضرون الاقتصاد الأميركي على حد تعبيره، إضافة إلى الشركاء التقليديين كالاتحاد الأوروبي وكندا، ما أرخى بثقله على الاقتصاد العالمي وبشّر بزيادة التوترات التجارية مستقبلا.

وفتح ترامب أخيرا، جبهة جديدة على واردات السيارات في استهداف مباشر لليابان وألمانيا، إذ هدد بفرض رسوم مشددة على الواردات من السيارات وقطعها متسلحا بذريعة الأمن القومي.

وإلى جانب تعقيده مهمة المفاوضين التجاريين الأميركيين الذين يتولون ملفات عدة، يمكن أن يشكل التحرك ضد استيراد السيارات نقطة تحول تثير إجراءات انتقامية واسعة.

ويمكن كذلك أن يضر الاقتصاد الأميركي ويؤذي المستهلكين والاستثمار وحتى التوظيف في وقت يؤكد ترامب أن هدفه مساعدة العاملين الأميركيين في قطاع السيارات.

وفي وقت متأخر الأربعاء، أعلن ترامب أنه أمر وزارة التجارة بفتح تحقيق في استيراد السيارات والشاحنات وقطع الغيار لتحديد ما اذا كان ذلك يلحق ضررا بالأمن القومي الأميركي.

وسيستغرق التحقيق عدة أشهر في ظل قناعة الحكومات حول العالم بأن ترامب سينفذ تهديده على الأرجح. وأكد رئيس المجلس الوطني للتجارة الخارجيّة روفوس يركسا أن التهديد بفرض الرسوم يقوض قواعد التجارة العالمية وبإمكانه إثارة رد فعل فوري.

وقال يركسا لوكالة "فرانس برس" إنه "في حال واصل السير في طريق النزعة القومية الاقتصادية هذه باستخدام الرسوم كسلاح، فستقوم كل قوة اقتصادية رئيسية في العالم بإجراء مماثل وسنعود بذلك إلى ثلاثينيات القرن الماضي".

وأكد ترامب الخميس أنه يكافح "لاستعادة الوظائف المسروقة في مجال الصناعة"، لكن خبراء الاقتصاد يرون أن التحرك قد يحمل أثرا عكسيا.

وقالت ماري لافلي الخبيرة في مجال التجارة واستاذة الاقتصاد في جامعة "سيراكيوز" إن "منع استيراد السيارات وقطعها سيضعف القدرة التنافسية للمنتجين الذين يتخذون من الولايات المتحدة مقرا لهم"، ويخلق بيئة لن يكون بالإمكان فيها بيع السيارات سوى في السوق المحلية".

وأضافت أن "لكل هذه الأمور فعلا ورد فعل يجعلني أقلق بشأن التداعيات بعيدة الأمد على الصناعة ذاتها التي يعتقد ترامب أنه يحميها".


من جهته، أكد جون بوزيللا رئيس رابطة "غلوبال أوتومايكرز" التجارية التي تمثل صانعي ومزودي السيارات وقطعها الدوليين، إن القطاع لم يطلب أي دعم من الحكومة.

وقال في بيان إنه "على عكس الفرضية التي تم إسناد التحقيق بشأن استيراد السيارات إليها، فإن قطاع صناعة السيارات الأميركي مزدهر. على حد علمنا، لم يطلب أحد الحصول على هذه الحماية".

وأضاف أنه "في حال فرضت هذه الرسوم، فسيتأثر المستهلكون سلبا بشكل كبير حيث ستكون لديهم خيارات أقل في السيارات وأسعار سيارات وشاحنات أكثر ارتفاعا".

ويأتي تحرك ترامب الأخير في وقت ينشغل فيه البيت الأبيض بمفاوضات على ثلاثة ملفات تجارية حساسة يرجح الخبراء أن تفضي إلى مزيد من التوتر.

وتحاول الإدارة الاميركية حاليا إعادة التفاوض على اتفاق التبادل الحر لأميركا الشمالية (نافتا) وعقد محادثات مع الصين لنزع فتيل النزاع الذي خلقته الرسوم بنسبة 25% على البضائع الصينية جراء اتهام الأخيرة بسرقة الملكية الفكرية الأميركية.

ويحاول مسؤولون أميركيون كذلك التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لاستثناء التكتل من الرسوم على الفولاذ والألمنيوم، إذ طرحوا بالفعل احتمال أن يكون خفض الرسوم على السيارات الأميركية جزءا من الاتفاق.

واشتكت حكومات بينها الاتحاد الأوروبي والصين وكندا بشدة من قرار الولايات المتحدة وقللت من أهمية تبرير ترامب المرتبط بالأمن القومي.



وفي الإطار الصيني، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لتسوية الخلاف حول مجموعة "زد تي إي" الصينية للاتصالات. وكتب على "تويتر": "أغلقتها (المجموعة)، والآن لندعها تفتح من جديد مع ضمانات أمنية مشددة وتغيير في الإدارة ومجلس الإدارة، وفرض شراء مكونات أميركية وغرامة بقيمة 1.3 مليار دولار".

وندد ترامب كذلك مساء الجمعة بسياسة أسلافه الاقتصادية واتهمهم بأنهم "سمحوا لشركة الاتصالات زد تي إي بالازدهار بدون أي ضوابط أمنية".

وكانت الولايات المتحدة فرضت في آذار/مارس 2017 غرامة قدرها 1.2 مليار دولار على المجموعة الصينية لانتهاكها الحظر المفروض على بيونغ يانغ وطهران، وأرفقت الغرامة بالمطالبة بتغييرات داخل مجلس إدارتها.

وفي منتصف إبريل/ نيسان، فرضت الإدارة الأميركية حظرا على "زد تي إي" يمنع الشركات الاميركية من بيعها تجهيزات وبرامج معلوماتية على مدى سبع سنوات، من ضمنها المعالجات الدقيقة الضرورية للهواتف الذكية التي تصدرها الشركة.

وسدد هذا القرار ضربة كبرى للمجموعة التي تعتمد على الشرائح الأميركية بالإضافة لمعدات تكنولوجية أخرى، ما حملها على إعلان وقف أنشطتها الرئيسية وعرض حوالي 75 ألف وظيفة للخطر.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن مصدر مطلع على الملف أن الاتفاق ينص كذلك على توظيف مسؤولين أميركيين في المجموعة لضمان التزامها بالقانون الأميركي.

وتلعب هذه الشركة دورا رئيسا في المفاوضات التجارية الصينية الأميركية، خصوصا أنها تعتبر رابع أكبر شركة صينية مصنعة للمعدات الذكية، ما دفع الرئيس الصيني إلى التدخل لحمايتها من وقف أنشطتها.

(العربي الجديد، فرانس برس)

المساهمون