حركة "المقاطعة" تُطيح شركة "فيوليا"

16 ابريل 2015
تبقى فيوليا موجودة من خلال ترامواي القدس (فرانس برس)
+ الخط -

يسود شبه إجماع في أوساط الناشطين الفلسطينيين والأجانب في إطار حركة المقاطعة الدولية للاحتلال (بي دي أس)، على أن حركتهم لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، ألحقت خسائر مالية ضخمة بشركة فيوليا الفرنسية العملاقة بعد قرارها، قبل يومين سحب جميع أعمالها من الأراضي المحتلة، باستثناء "القطار الخفيف" الذي يربط المستوطنات بالقدس المحتلة.

وأعلنت الشركة، قبل أيام، عن سحب جميع استثماراتها في إسرائيل باستثناء مشروع القطار، علماً أن الشركة الفرنسية العالمية تعمل في أربعة مجالات أساسية من الخدمات، تُدار عادة من القطاع العام، وهي: إمدادات المياه وإدارتها، وإدارة النفايات، والطاقة، وخدمات النقل. وتعمل من خلال فروع لها في 77 دولة. وكانت سجلت عوائد مقدارها أكثر من 20 مليار دولار في العام 2013.

وكشف زكريا عودة، من "الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس المحتلة"، أن "خسائر هذه الشركة وصلت إلى أكثر من 26 مليار دولار، منذ أن بدأت الحملة عملها في العام 2008 لغاية الآن، جرّاء إلغاء عقود كانت وقعتها الشركة لتنفيذ مشاريع كبرى في العديد من البلدان، بما في ذلك بعض الدول العربية والأوروبية". ووصف عودة في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "ما تمّ حتى الآن هو انجاز كبير جداً، يُثبت بطلان الادعاءات القائلة بعدم جدوى المقاطعة، وبعدم قدرتها على مواجهة الاقتصاد الاسرائيلي الذي صنّفه البعض، بأنه خامس اقتصاد في العالم، من حيث قوته واستقراره".

ووفقاً لعودة، فقد أطلقت "اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل"، وهي أعرض تحالف فلسطيني حركة المقاطعة العالمية "بي دي أس"، في مدينة بلباو في إقليم الباسك اسبانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، مع شركائها في المجتمع المدني الأوروبي، حملة مقاطعة عالمية ضد شركتي "فيوليا" و"ألستوم"، بسبب تورطهما في مشاريع إسرائيلية غير مشروعة، تنتهك حقوق الشعب الفلسطيني والقانون الدولي. ويتفق محمود النواجعة المنسّق العام لـ"اللجنة الوطنية للمقاطعة"، مع ما قاله عودة، من أن "ما تحقق بإخضاع فيوليا لمطالب حركة المقاطعة العالمية لإسرائيل بأنه انتصار، ويظهر قوة حركة التضامن".

اقرأ أيضاً: الحركات الصهيونيّة "تغزو" مسلمي أميركا بحثاً عن تأييدهم 

وأكد بأن "هذا الحراك لن يتوقف عند مجرد إرغام الشركات الدولية الكبرى على سحب استثماراتها من إسرائيل، بل ستتبعه مطالبات بالتعويض عما لحق الفلسطينيين من أضرار بسبب هذه المشاريع". من جهته، دعا عضو "المجلس الثوري" لحركة "فتح"، حاتم عبد القادر، السلطة الفلسطينية إلى "تقديم أوسع دعم لحركة المقاطعة العالمية لإسرائيل"، كما حثّها على "ملاحقة الشركات الدولية الكبرى، التي تتواطأ مع الاحتلال في تنفيذ مشاريع تُخلّد الاحتلال والاستيطان، سواء في القدس أو الضفة الغربية".

وأضاف "يجب أن تكون فيوليا درساً لشركات أخرى، وحتى لحكومات تتعاون مع الاحتلال وتدعمه، وبالتالي علينا كمواطنين وسلطة، تعزيز حملات التضامن الدولية معنا، وعدم الاستهانة بقوتها وتأثيرها". وكانت حركة "مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (بي دي أس)"، قد حققت انجازات هامة في الأعوام الأخيرة، على صعيد إحياء التضامن الدولي مع الفلسطينيين، ودفع بدولٍ عربية إلى سحب وإلغاء عقود كانت وقعتها مع هذه الشركة في وقت سابق. ففي بريطانيا، صوّت طلاب جامعة كامبريدج على استفتاء أُجري في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2011، يدعو إدارة الجامعة إلى قطع علاقاتها بهذه الشركة المتورطة في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان.

ودعا اتحاد الطلاب في جامعة كامبريدج، إلى "القيام بحملة تهدف لقطع علاقات الجامعة مع شركة فيوليا، والتي تُعدّ المساهم الأساسي في مشاريع إقامة البنية التحتية في المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، والتي في الوقت ذاته تعمل من خلال تعاقد بين الشركة والجامعة على التخلص من نفايات الجامعة". وقد تلقت هذه الحملة عدة رسائل دعم وتضامن من اتحاد نقابات العاملين في الجامعات الفلسطينية، كذلك من قبل 25 شخصية أكاديمية من جامعة كامبريدج.

ولعلّ أحد أبرز الانتصارات لحركة المقاطعة، هو خسارة شركة "ألستوم" في العام 2011، عقد اقامة خط "سكة حديد الحرمين" في السعودية، بقيمة 10 مليارات دولار. وتحقق هذا الانجاز نتيجةً لنضالات حركة المقاطعة حول العالم، بما في ذلك نشاطات الحملة المنبثقة حديثاً باسم "كرامة"، وهي الحملة الأوروبية لعزل شركة "ألستوم". وفي العام 2008، قامت "اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل"، بالتضامن مع جهود شركائها في كل من أوروبا وإسرائيل، ببدء استهداف أعمال شركتي "ألستوم" و"فيوليا"، بناء على الدور الذي تلعبه هاتان الشركتان في إقامة خط القطار الخفيف في القدس آنذاك، والذي يهدف بشكل ما، لتهويد مدينة القدس وتغيير معالمها، إضافة لدور هذا المشروع في تقوية قبضة إسرائيل في المستوطنات غير الشرعية، المقامة على أراض الفلسطينيين في القدس والمناطق المحيطة بها.

وتكبّدت "ألستوم" خسائر فادحة في أكثر من بلد في العالم، ومنها في السويد، بعد إلغاء "صندوق التقاعد الوطني السويدي" عقوده الاستثمارية مع الشركة، بعد طرد "ألستوم" أيضاً من قبل بنك "آي أس أن" الهولندي، رداً على الدور التآمري الذي تقوم به الشركة مع الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وفي السياق، أعلنت وزارة الخارجية الكويتية أخيراً أنها بـ"صدد وقف التعامل مع 50 شركة أوروبية، بسبب نشاطاتها في المستعمرات المُقامة على الأراضي المحتلة عام 1967". وكانت بلدية العاصمة الكويت، قد قررت استثناء شركة "فيوليا" من عقدٍ ضخم لمعالجة النفايات الصلبة، تُقدّر قيمته بـ 750 مليون دولار، بسبب تورّطها في مشاريع إسرائيلية تخالف القانون الدولي، واستبعادها من أية مشاريع يتمّ طرحها مستقبلاً، إثر مناشدة "اللجنة الوطنية للمقاطعة" بذلك، في سبتمبر/أيلول الماضي.

وسبق أن اضطرت "فيوليا" للانسحاب من عطاء مشروع توسيع محطة "أم الهيمان" الكويتي لمعالجة مياه الصرف الصحي، بعد أن كانت مُدرجة ضمن الشركات المؤهلة، وتبلغ قيمة المشروع ملياراً ونصف المليار دولار. وسبق لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، أن "دعت حكومة الكويت إلى مقاطعة شركة فيوليا وإقصائها، بسبب التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي في انتهاك قواعد القانون الدولي، بالذات في القدس".

اقرأ أيضاً: آلية توزيع "الإسمنت" تُطيل أمد إعمار غزة

دلالات
المساهمون