وفي السياق، تُشير مصادر سعوديّة معنية بالملف اللبناني لـ"العربي الجديد"، إلى أن هناك تحولات جديدة في رؤية الإدارة السعوديّة للوضع في لبنان. ويترافق هذا التحوّل مع انتقال الملف اللبناني في السعوديّة من وزارة الخارجيّة إلى إدارة أخرى أمنية. ومن النتائج المباشرة لهذا التحوّل، سعي السعودية لانتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنانية (المنصب شاغر منذ مايو/أيار 2014)، ليكون هذا الأمر فاتحةً للتحولات السياسيّة في لبنان.
وتؤكّد مصادر متابعة لملف رئاسة الجمهوريّة أن اسم رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، لم يعد مطروحاً في الأوساط السعوديّة بالكامل.
وتشير مصادر لبنانيّة إلى أن هذه التحوّلات تأتي في سياق التحضير لـ"عاصفة حزم" في سورية، ولهذا الأمر موجبات، ومنها الوقوف في وجه حزب الله بشكلٍ جدي في بيئته الخاصة. وأبلغت مصادر إسلاميّة "العربي الجديد" أن السفارة السعوديّة في لبنان، تُعيد التواصل مع شخصيات وهيئات إسلاميّة انقطعت العلاقة معها منذ فترة طويلة، وذلك في إطار حشد التأييد للسياسة السعوديّة الجديدة. وتُضيف هذه المصادر، إن السفارة نجحت في إعادة ترتيب العلاقة مع العديد من الشخصيات والهيئات.
وفي السياق، يُمكن تفسير سلسلة من المواقف والتحركات يوم أمس الخميس. فالبطريرك الماروني بشارة الراعي، دعا ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ، السفير البابوي كابريال كاتشيا، وسفيرة الاتحاد الأوروبي أنجلينا إيخهورست وسفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وسفيري إيطاليا وألمانيا، إلى اجتماع طلب منهم خلاله دعم انتخاب رئيس للجمهوريّة. وصدر عن السفراء، بعد الاجتماع، بيان تخلله توجيه "رسالة قوية للقادة اللبنانيين لحثهم على الالتزام بالدستور اللبناني واتفاق الطائف والميثاق الوطني، وبدعوة جميع الأطراف إلى التصرف بمسؤولية ووضع استقرار لبنان ومصلحته الوطنية قبل السياسة الحزبية، وإلى إبداء المرونة اللازمة والتعاطي مع المسألة بشكل عاجل، من أجل تطبيق الآليات التي وفرها الدستور فيما يتعلق بالانتخابات".
إقرأ أيضاً: نصرالله والحريري والأدوار العابرة للحدود
لكن الكلام الأخطر جاء على لسان الأمين العام لتيار "المستقبل" أحمد الحريري، خلال جولة في منطقة عكار شمال لبنان، إذ أشار إلى أن "عاصفة الحزم لن تكون مجرد صحوة تقف عند حدود اليمن بل ستؤسس لعواصف حزم تقول لإيران وغيرها إن جنوح العرب للسلم والحوار لم يكن ضعفاً، وإن زمن التغاضي قد ولى الى غير رجعة"، وأضاف الحريري "بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء ستبقى عواصم عربية غصباً عن أي احتلال".
ولم تقف ردود تيار المستقبل عند هذا الحدّ، بل إن النائب سمير الجسر، وهو عضو وفد تيار المستقبل إلى الحوار مع حزب الله، قال إن تيار المستقبل ينتظر خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله اليوم الجمعة، في احتفال تضامني مع الحوثيين، وإذا ما صعّد نصرالله، سيرد المستقبل بالمثل. لكن النائب عن التيار، عمّار حوري، كان أكثر وضوحاً عندما أشار في تصريح إذاعي إلى خشيته من أن يؤثر كلام نصر الله "على مصالح اللبنانيين في دول مجلس التعاون الخليجي". وقال حوري إن دول الخليج "أظهرت صبراً على مدى العقود الماضية، لكن لهذا الصبر حدود، ولا يستطيع حزب الله أن يستمر بشتم دول مجلس التعاون في ظل وجود مئات الآلاف من اللبنانيين يعملون لديها، والسؤال هل تستطيع إيران وحزب الله تأمين فرص عمل جديدة لهم في إيران مثلاً؟". وتحدث النائب في كتلة المستقبل عن "وجود جزء من جمهور حزب الله يعمل في دول الخليج"، ودعا الحزب إلى "عدم استغرابه في حال تم إبعادهم". بدوره، حمّل النائب في كتلة المستقبل، أحمد فتفت، نصرالله "مسؤولية اي فلتان امني في الشارع"، ودعاه إلى "تخفيف إطلالاته الإعلامية".
وكان حزب الله قد أصدر بياناً رداً على تيار المستقبل يُعد الأعنف منذ بدء الحوار مع تيار المستقبل نهاية العام الماضي، جاء فيه أن "تيار المستقبل يؤيد عمليات الإبادة والجرائم الجماعية التي ترتكبها طائرات العدوان بحق المدنيين الآمنين، والتي يذهب ضحيتها الأطفال والنساء والشيوخ بلا تمييز".