وفي تفاصيل الوضع الميداني في مدينة الشيخ زويد التي تمثّل أحد المراكز الإدارية الستة في محافظة شمال سيناء، وتقع على الطريق الدولي الساحلي بين رفح والعريش، على بعد 334 كيلومتراً من القاهرة و12 كيلومتراً من قطاع غزة، فقد أكدت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، أنّ "قوات الجيش تشنّ منذ أسابيع عدة حملات عسكرية متتابعة على مناطق جنوب الشيخ زويد، بعد غيابها لأشهر عدة عنها"، وذلك بهدف إحكام السيطرة الميدانية عليها، وطرد السكان المتبقين في تلك المناطق، بحجة ملاحقة العناصر الإرهابية، التي ما زالت تضرب الجيش بشكل شبه يومي، في مناطق رفح والشيخ زويد والعريش.
وقالت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، إنّ "قوات الجيش دمّرت على مدار الأيام القليلة الماضية عشرات المنازل في قرى جنوب وشرق المدينة، فيما اضطر سكّان آخرون لترك منازلهم، والاتجاه صوب مدينة العريش، والظهير الصحراوي لمدينة الشيخ زويد، في انتظار انتهاء الحملات العسكرية الجديدة". ويأتي ذلك فيما لا تزال قوات الجيش تتعرّض لهجمات متزايدة من قبل التنظيمات الإرهابية، أدّت لمقتل وإصابة عشرات العسكريين خلال الأسبوعين الماضيين، فيما تشير التوقعات إلى تواصل الحملات العسكرية حتى تحقيق أهدافها المتمثّلة بطرد السكان من غالبية القرى المحيطة بمدينة الشيخ زويد كمرحلة أولى، والانتقال لمركز المدينة في مرحلة أخرى.
في موازاة ذلك، كشف مصدر حكومي مسؤول في المدينة لـ"العربي الجديد"، عن أن إدارة المحافظة بدأت تتجه نحو إخلاء الدوائر الحكومية والمؤسسات التابعة لها من المدينة، للعمل في مدينة العريش، بصفتها عاصمة لمحافظة شمال سيناء، وذلك ضمن خطة متكاملة وضعتها المؤسسة العسكرية لإنهاء الوجود السكاني في مدينة الشيخ زويد كمرحلة ثانية، بعد الانتهاء شبه الكامل من مدينة رفح المجاورة. وبذلك تصبح المنطقة الحدودية بمسافة عشرات الكيلومترات خالية من السكان تماماً، بما يسمح بتنفيذ أي مخطط خارجي أو داخلي على حساب الأرض المصرية.
وأوضح المصدر ذاته، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنّ "إخلاء الدوائر الحكومية بدأ عبر نقل كوادر وزارة الصحة من الدوائر الصحية بمدينة الشيخ زويد إلى مستشفيي العريش العام وبئر العبد المركزي"، مضيفاً أنّه بدأت عقب ذلك "عملية نقل العاملين في قطاع الكهرباء من المدينة" التي تعاني من انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي منذ بدء العملية العسكرية الشاملة في 9 فبراير/ شباط الماضي، أي منذ أكثر من ستة أشهر على التوالي، ما يضاعف الأزمة الإنسانية التي تعيشها المدينة، كما هو الحال أيضاً في مدينة رفح منذ سنوات. وتقضي الخطة بإخلاء المزيد من الدوائر الحكومية خلال الفترة المقبلة.
في غضون ذلك، وفي محاولة لخداع المهجّرين قسرياً من مدينتي رفح والشيخ زويد، أعلنت محافظة شمال سيناء عن تقديمها رزمة من الخدمات لصالح المواطنين المهجرين قسرياً من منازلهم في المدينتين إلى مدينتي العريش وبئر العبد، والتي تمثّلت بخمس خدمات أساسية، وفقاً لمصدر مسؤول في المحافظة تحدّث لـ"العربي الجديد". وقال المصدر إن الخدمات عبارة عن "تخصيص وحدات سكنية للمهجرين من مدينتي الشيخ زويد ورفح والمقيمين بمدينة العريش، على أن تتحمّل المحافظة القيمة الإيجارية للوحدات السكنية، وكذلك توفير 1400 وحدة من وحدات الإسكان الاجتماعي بمدينة العريش، لإقامة المهجرين من الشيخ زويد ورفح بالمجان، مع دفع مبلغ 100 جنيه شهرياً كرسوم الإنارة والمياه ومختلف الخدمات الأخرى".
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ "لجنة مخصّصة من المحافظة ستقوم بزيارة المهجرين قسرياً من مدينتي رفح والشيخ زويد والمقيمين في المحافظات الأخرى، للاطلاع عن كثب على المشاكل والأزمات التي تعترضهم في أماكن إقامتهم الجديدة، إلى جانب العمل على تيسير حصولهم على الخدمات في مختلف القطاعات، خصوصاً التعليم والصحة والإسكان والتموين، فيما ستقوم اللجنة الفرعية للإغاثة بدعم المتضررين من العمليات العسكرية المتصاعدة في سيناء". وأوضح أنه "جرى اتخاذ قرارات من قبل المحافظة، برفع قيمة الإعانة الشهرية لكل أسرة من 800 جنيه (نحو 45 دولاراً أميركياً) إلى 1000 جنيه، اعتباراً من شهر يوليو/ تموز الماضي، وكذلك تم رفع قيمة المعاشات الضمانية والتأمينية للمتضررين لتصل إلى 1000 جنيه"، مع تأكيده على أنّ "ما سبق، يبقى قرارات في طور التنفيذ، وستطبّق على الأرض حال تمكّن المحافظة من توفير المبالغ المالية اللازمة لذلك، خلال الفترة القريبة المقبلة".
ومن الواجب ذكره أنّ مدينة الشيخ زويد لم تحظَ بأيّ اهتمام حكومي على مدار العقود الماضية، في وقت تواصلت سياسة التجاهل خلال السنوات الأخيرة. كذلك، فإنّ جميع القيادات الأمنية والعسكرية التي تزور سيناء تستثني مدينة الشيخ زويد من جدول زياراتها، ما يشير إلى أنها غير محسوبة ضمن مخططات الاهتمام أو التنمية، كما تدعي الدولة، وهو ما يرجّح كفة الاتجاه نحو تهجيرها بشكل كامل، كما جرى في مدينة رفح التي عانت من التقصير الحكومي قبيل تهجير سكانها وتحويلها لمدينة أشباح، كما يقول سكانها المهجرون لمدينة العريش.