حرب المواقع بين الإعلام الحكومي والخاص في تونس

13 نوفمبر 2015
خلال احتفال الرئاسة بالرباعي (Getty)
+ الخط -
أثار منح رئاسة الجمهورية التونسية القناة التلفزيونية الخاصة "نسمة" حق البث الحصري لمراسم الاحتفال بفوز الرباعي الراعي للحوار (الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة وعمادة المحامين والرابطة التونسية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) لجائزة نوبل للسلام سنة 2015، الجدل من جديد حول دور الإعلام الحكومي (العمومي) والإعلام الخاص في تونس.

في حين اعتبرت دائرة الإعلام والتواصل برئاسة الجمهورية في بيان، أنه لم يتمّ منح البث الحصري لقناة نسمة، وإنّما تعلّق الأمر باعتماد الوسائل التقنية واللوجستية للقناة، وأن البث كان مفتوحاً لكل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وقد تمّ إعلام المصالح الفنية للقنوات التلفزيونية بذلك كتابيّاً يوماً قبل موكب الاحتفال، رد التلفزيون الرسمي التونسي بأنه يمتلك كلّ الإمكانيات الضرورية لبث حفل التكريم وتمكين المشاهد التونسي من حقه في متابعة القناة الرسمية، التي يمول جزءاً من إنتاجها من المال العام.

الهيئة الوطنية المستقلة للإعلام السمعي البصري (الهايكا) اعتبرت على لسان رئيسها النوري اللجمي أن "هذا القرار الصادر عن مؤسسة رئاسة الجمهورية خرقٌ لمبادئ الشفافية والمنافسة النزيهة بين مختلف منشآت الاتصال السمعي والبصري".

واعتبر اللجمي في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "إسناد حق البث المباشر لقناة "نسمة" الخاصة ودعوة التلفزة التونسية العمومية، وبقية القنوات الخاصة إلى الاكتفاء بزاوية نظر هذه القناة يعدّ مسّاً بحرية هذه المؤسسات واستقلالية خطها التحريري".

بدورها، قاطعت الهياكل النقابية الممثلة لـ النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين الاحتفال وانسحب ممثلوها من القصر الرئاسي بقرطاج، بل ووصل الأمر بنقيب الصحافيين ناجي البغوري إلى التهديد برفع قضية ضدّ رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي.

النقابة العامة للإعلام التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل كبرى المنظمات النقابية والحاصلة على جائزة نوبل للسلام، أكدت أنها فوجئت بعدم بث الحفل الخاص بتكريم الرباعي، من قبل التلفزيونات الوطنية واقتصارها على قناة خاصة، وطالبت على إثر ذلك بتوضيحات رسمية من رئاسة الجمهورية والإدارة العامة للتلفزيون، ومحاسبة المتسببين في حرمان التونسيين من حقهم في الإعلام ومتابعة حفل تكريم الرباعي.

حفل التكريم وما خلفه من ردود أفعال، عكس حرب المواقع المستعرة بين الإعلام الحكومي والخاص في تونس خاصة مع قناة "نسمة" التي تعود ملكيتها إلى نبيل القروي وطارق بن عمار، وسلفيو برلسكوني، وهو ما أعاد طرح مسألة التداخل بين السياسي والإعلامي في تونس.


نبيل القروي واحد من الناشطين في حزب "نداء تونس" الحاكم وواحد من المقربين للرئيس التونسي، وهو ما دعا "الهايكا"إلى التنبيه من خطورة التداخل بين العمل السياسي والعمل الإعلامي، مؤكدة أنها أشارت في أكثر من مناسبة للشبهات المتعلقة بانتماء صاحب قناة نسمة لحزب نداء تونس، مما وفّر له امتيازات خاصة مثلت خرقاً لمبادئ المنافسة النزيهة وإخلالاً بقواعد الحياد والممارسة الديمقراطية السليمة.

ونظراً لأن هذه الشبهات قد تراكمت، وتحولت إلى حقيقة أقرّها صاحب القناة بنفسه، فإن هذا الوضع يستوجب اتخاذ القرارات اللازمة في أقرب وقت، بحسب ما أعلنت "الهايكا".

يذكر أن عدد القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية في تونس يصل إلى 83 منها قناتان تلفزيونيتان حكوميتان و9 محطات إذاعية رسمية والبقية يملكها خواص تحتكر النصيب الأكبر من نسب الاستماع والمشاهدة ومن سوق الإعلانات.

كما أن البعض من القنوات الخاصة تتعلق بها شبهات الجمع بين النشاط الإعلامي والسياسي مثل قناة "نسمة" و"التونسية" وكذلك تدخل المال السياسي في تمويلها وهو ما يمنعه القانون التونسي الذي ينظم القطاع السمعي البصري.

اقرأ أيضاً: أزمة "نداء تونس": مبادرات الوقت الضائع تمهّد لكتلة ثالثة؟
المساهمون