حرب العصابات ترعب أحياء الجزائر

02 مايو 2016
ضعف الأمن يفاقم الصراعات (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -


مشادة كلامية بين شخصين انتهت إلى إصابة عشرة أشخاص بجروح متفاوتة الخطورة، واعتقال أكثر من 27 شاباً. إنها "حرب الشوارع" تعود إلى واجهة أحد أحياء الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية.

عراك لفظي بدأ عندما ركن أحد الأشخاص سيارته أمام منزل أحد الجيران، ما أدخل هذا الأخير في حالة هستيرية بدأت بالرفض، ثم الاحتجاج الذي تبعه مشادات كلامية، لتتحول في دقائق معدودات إلى عراك وتشابك بالأيدي، لتتوسع القضية إلى صراع بين عائلتين ومجموعتين استعمل فيها المتخاصمون الأسلحة البيضاء، وذهب أحدهم إلى استعمال السلاح الناري والكلاب المدربة.

ليلة سوداء قضاها سكان حي بن حمزة بمنطقة حمادي في ولاية بومرداس 35 كيلومتراً شرق العاصمة الجزائرية. عراك تحول سريعاً إلى حلبة صراع بالسكاكين والعصي أدخلت الرعب والخوف والتوجس إلى قلوب سكان هذا الحي، حتى تدخلت قوات الشرطة والدرك لفض النزاع واعتقلت أزيد من 27 شخصاً.


"حرب العصابات" كما يصفها كثيرون تعود إلى الأحياء الجزائرية، خاصة وأن العراك أدخل الأسرتين والأصدقاء في العداوة، التي حملت البغضاء والغل بين الجانبين، ولولا تدخل الأمن من أجل تطويق الحادثة وإلقاء القبض على المتهمين لتحول الحي اليوم إلى بركة من الدماء.

المختص في علم الاجتماع السعيد بوحراتي أوضح لـ"العربي الجديد" أن بعض الأحياء السكنية الجديدة صارت مرتعاً للجريمة والصراعات بين الشبان، ومسرحاً للعراك اليومي الذي يفضي إلى استعمال مختلف الأسلحة البيضاء، مشيراً إلى أنه "خلال السنوات الأخيرة عقب موجة القضاء على العشوائيات والأحياء السكنية الفوضوية التي شهدتها العاصمة الجزائرية وضواحيها، وترحيل سكانها إلى أحياء جديدة، أنتجت الأخيرة بؤراً للعصابات وتجار المخدرات، ما يعني أن الكثير من الأسر تعيش هاجس الأمن والخوف من تصفية الحسابات".

حادثة ولاية بومرداس ليست الوحيدة، إذ شهد حي "تسالة المرجة" في منطقة بئر توتة (20 كيلومتراً غرب العاصمة الجزائرية) حادثة أخرى مرعبة أيضاً على حد تعبير السكان، استعمل فيها الشبان مختلف أنواع الأسلحة البيضاء من العصي والخناجر، وتدخلت الأسر والأصدقاء وتحول الحي إلى بركة دماء، وأسفر عن مقتل شاب لا يتجاوز العشرين عاماً وسقوط 19 جريحاً واعتقال 10 أشخاص لا يزالون في الحبس.

الحادثتان برأي المتابع للشأن الاجتماعي الإعلامي محمد سراي "تتورط فيها جماعات العنف والجريمة وأصحاب السوابق العدلية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد " أن "المواطن الجزائري أصبح يلجأ إلى حل مشاكله بالعنف وبالأسلحة البيضاء وعلى "الساخن" بعيداً عن تدخل الشرطة، وبعبارة أخرى "يأخذ حقه بيده" دون تدخل من أي طرف قانوني"، مشيراً إلى أن "العديد من الأسر التي تقطن الأحياء الشعبية تشتكي يومياً من استفحال ظاهرة العنف وانتشار الجريمة، بسبب مجموعات تعاطي المخدرات والتي تورط الشباب العاطل عن العمل في الجريمة" يضيف المتحدث.

العديد من الأحياء الجزائرية الجديدة تعيش يومياً هاجس حرب العصابات، ويرى الكثيرون أن انتشار العنف داخل هذه الأحياء جاء نتيجة سياسة الترحيل غير المدروسة من قبل السلطات المحلية، ودون مراعاة العوامل المجتمعية مثل التنشئة الاجتماعية. فتلك الأحياء الجديدة تضم خليطاً من التقاليد وأساليب العيش والنشأة تجمّع من كل حدب وصوب من ضواحي العاصمة الجزائرية.

ويجد البعض أن تفشي العنف داخل الأحياء هو نتاج الأزمة الأمنية التي عرفتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، وما نجم عنها من خوف وفقدان الثقة في المصالح القانونية ومؤسسات حفظ الأمن، فضلاً عن البطالة التي باتت بيت كل داء.
المساهمون