27 سبتمبر 2018
حرب إقليمية ممكنة؟
حدث التدخل السعودي الخليجي في اليمن ضد الحوثيين، ودعمته مصر وتركيا وباكستان. كانت السعودية قد تدخلت في البحرين، وكانت تركيا، وما زالت، تحاول التدخل في سورية. لكن التدخل، الآن، يتخذ شكلاً آخر، لا يرتبط بسحق ثورة فقط، بل بالصراع في مجمل المنطقة، من سورية والعراق إلى اليمن. وربما يعيد طرح الصيغة التي كان يُشغل على بلورتها، منذ بداية القرن الجديد، والقائمة على تشكيل محوري الاعتدال والتطرف، أو "المحور السنّي" و"المحور الشيعي".
في اليمن، أعلن الحوثيون سيطرتهم على الدولة، بدعم إيراني، وعملوا، وما زالوا، على سحق "النظام" الذي تشكّل، بعد الثورة، بمساعدة النظام القديم الذي لم تغيّر فيه سلطة عبد ربه منصور هادي، أي بمساعدة علي عبد الله صالح الذي ما زال يتحكم بالمفاصل الأساسية في الجيش والأمن. وفي سورية، أصبحت القوات التي ترسلها إيران من "الشيعة" المنظمين لديها، والمؤدلجين وفق منظورها الذي يقوم على ولاية الفقيه، هي التي تقاتل الشعب السوري، وتحمي السلطة من السقوط. وفي العراق، دخلت مباشرة على خط الصراع ضد "داعش"، عبر "الحشد الشعبي الذي تسيطر عليه، وبقوات إيرانية كما في سورية. وأصبح قادتها يعلنون أنهم يتحكمون في أربع عواصم عربية، وشطّ بعض مسؤوليها للحديث عن استعادة الإمبراطورية وعاصمتها بغداد، وبضمنها العراق الذي هو جزء من الثقافة والحضارة الإيرانيتين. وبالتالي، أن يظهر أن إيران هي التي تسيطر على المشرق العربي، وهي التي تقاوم الثورات فيها، أو تدعم حرفها، انطلاقاً من منظور طائفي. لكن، في سياق الهيمنة.
هذه المقدمة التي تعززت في السنوات الأربع الماضية، وباتت تعلن جهاراً أخيراً، خصوصاً بعد تمدد الحوثيين والدعم الإيراني لهم، كانت تُظهر وكأن إيران باتت القوة الإقليمية المتحكمة بمصير المنطقة، في ظل تراجع وانهيار عربي كبيرين. وفي ظل وضوح التوافق الأميركي الإيراني، بعد أن باتت إيران "حجز زاوية" في الاستراتيجية الأميركية، وبالتالي، التخوفات السعودية الخليجية من أن تعود أميركا لانتداب إيران كقوة إقليمية.
لهذا، لا يمكن أن نفهم التدخل السعودي في اليمن، إلا في سياق مقابلة التوسعية الإيرانية، والخوف من تكريسها أميركياً، كما يمكن أن يبدو. لكنه مفيد، في إطار الاستراتيجية الأميركية، لتحقيق توازن في الصراع في المنطقة يلغي التفوق الإيراني، ويفرض عليها القبول بالحدود التي تطرحها أميركا لدورها الإقليمي.
في الحالة الأولى، يصبح التخوّف من انتقال الصراع من كونه تدخلاً إيرانياً من طرف، وتدخل سعودي خليجي (وربما تركي باكستاني مصري) من طرف آخر، إلى كونه صراعاً إقليمياً يمكن أن يعني الانتقال إلى الصراع المباشر بين إيران من جهة، والسعودية ومصر وتركيا وباكستان من جهة أخرى. أو الوصول إلى لحظة "الوقوف على حافة الصراع"، لكي يجري التدخل الأميركي الروسي لفرض حل إقليمي متكامل لكل المشكلات المتداخلة. حل في العراق يعيد ترتيب السلطة بدور إيراني ثانٍ بعد الدور الأميركي. وحل في سورية، ربما يبعد الأسد، لكنه "تحت المظلة الروسية"، لكي تقبل إيران التي لا يبدو أنه من المسموح لها السيطرة، هنا، نتيجة "الحساسية الصهيونية"، خصوصاً بعد الاتفاق على الملف النووي الذي ترفضه الدولة الصهيونية. وفي اليمن، يمكن إعادة ترتيب السلطة عبر دور أعلى للحوثيين، وليس بالإقرار بسيطرتهم.
في الحالة الثانية، أن تتراجع إيران عن طموحها الإمبراطوري، وتقبل بهذه الحلول نفسها، قبل أن تندفع الأمور إلى صراع إقليمي، في إطار المفاوضات الجارية حول البرنامج النووي، وبالتالي، أن تشمل الصفقة دور إيران الإقليمي ضمن الحدود المشار إليها قبلاً.
ربما يتحقق الأمر في سياق الحالة الثانية، بعد أن ظهر التوافق الكبير على الملف النووي، فليس من خيار غير ذلك، خصوصاً وأنه يجعل إيران حليفاً أساسياً لأميركا في الخليج.
في اليمن، أعلن الحوثيون سيطرتهم على الدولة، بدعم إيراني، وعملوا، وما زالوا، على سحق "النظام" الذي تشكّل، بعد الثورة، بمساعدة النظام القديم الذي لم تغيّر فيه سلطة عبد ربه منصور هادي، أي بمساعدة علي عبد الله صالح الذي ما زال يتحكم بالمفاصل الأساسية في الجيش والأمن. وفي سورية، أصبحت القوات التي ترسلها إيران من "الشيعة" المنظمين لديها، والمؤدلجين وفق منظورها الذي يقوم على ولاية الفقيه، هي التي تقاتل الشعب السوري، وتحمي السلطة من السقوط. وفي العراق، دخلت مباشرة على خط الصراع ضد "داعش"، عبر "الحشد الشعبي الذي تسيطر عليه، وبقوات إيرانية كما في سورية. وأصبح قادتها يعلنون أنهم يتحكمون في أربع عواصم عربية، وشطّ بعض مسؤوليها للحديث عن استعادة الإمبراطورية وعاصمتها بغداد، وبضمنها العراق الذي هو جزء من الثقافة والحضارة الإيرانيتين. وبالتالي، أن يظهر أن إيران هي التي تسيطر على المشرق العربي، وهي التي تقاوم الثورات فيها، أو تدعم حرفها، انطلاقاً من منظور طائفي. لكن، في سياق الهيمنة.
هذه المقدمة التي تعززت في السنوات الأربع الماضية، وباتت تعلن جهاراً أخيراً، خصوصاً بعد تمدد الحوثيين والدعم الإيراني لهم، كانت تُظهر وكأن إيران باتت القوة الإقليمية المتحكمة بمصير المنطقة، في ظل تراجع وانهيار عربي كبيرين. وفي ظل وضوح التوافق الأميركي الإيراني، بعد أن باتت إيران "حجز زاوية" في الاستراتيجية الأميركية، وبالتالي، التخوفات السعودية الخليجية من أن تعود أميركا لانتداب إيران كقوة إقليمية.
لهذا، لا يمكن أن نفهم التدخل السعودي في اليمن، إلا في سياق مقابلة التوسعية الإيرانية، والخوف من تكريسها أميركياً، كما يمكن أن يبدو. لكنه مفيد، في إطار الاستراتيجية الأميركية، لتحقيق توازن في الصراع في المنطقة يلغي التفوق الإيراني، ويفرض عليها القبول بالحدود التي تطرحها أميركا لدورها الإقليمي.
في الحالة الأولى، يصبح التخوّف من انتقال الصراع من كونه تدخلاً إيرانياً من طرف، وتدخل سعودي خليجي (وربما تركي باكستاني مصري) من طرف آخر، إلى كونه صراعاً إقليمياً يمكن أن يعني الانتقال إلى الصراع المباشر بين إيران من جهة، والسعودية ومصر وتركيا وباكستان من جهة أخرى. أو الوصول إلى لحظة "الوقوف على حافة الصراع"، لكي يجري التدخل الأميركي الروسي لفرض حل إقليمي متكامل لكل المشكلات المتداخلة. حل في العراق يعيد ترتيب السلطة بدور إيراني ثانٍ بعد الدور الأميركي. وحل في سورية، ربما يبعد الأسد، لكنه "تحت المظلة الروسية"، لكي تقبل إيران التي لا يبدو أنه من المسموح لها السيطرة، هنا، نتيجة "الحساسية الصهيونية"، خصوصاً بعد الاتفاق على الملف النووي الذي ترفضه الدولة الصهيونية. وفي اليمن، يمكن إعادة ترتيب السلطة عبر دور أعلى للحوثيين، وليس بالإقرار بسيطرتهم.
في الحالة الثانية، أن تتراجع إيران عن طموحها الإمبراطوري، وتقبل بهذه الحلول نفسها، قبل أن تندفع الأمور إلى صراع إقليمي، في إطار المفاوضات الجارية حول البرنامج النووي، وبالتالي، أن تشمل الصفقة دور إيران الإقليمي ضمن الحدود المشار إليها قبلاً.
ربما يتحقق الأمر في سياق الحالة الثانية، بعد أن ظهر التوافق الكبير على الملف النووي، فليس من خيار غير ذلك، خصوصاً وأنه يجعل إيران حليفاً أساسياً لأميركا في الخليج.