وعقّد تهاوي أسعار النفط حسابات الحكومة التي نجحت مطلع فبراير/ شباط الماضي في إقناع البرلمان بتمرير مخطط عملها الخماسي، الذي سيكلف الخزينة العمومية 270 مليار دولار، ما دفع حكومة الرئيس عبد المجيد تبون الأولى، التي تعاني أصلاً من شحّ الموارد، إلى مراجعة حساباتها، وإعادة ترتيب الأولويات، بما يتماشى والمرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد.
وكأول ردة فعل، ولامتصاص جزء من تهاوي عائدات النفط، قررت الحكومة وضع موازنة تكميلية ينتظر عرضها على البرلمان شهر يونيو/ حزيران أو يوليو/ تموز المقبلين، كما أقر الرئيس عبد المجيد تبون، في اجتماعه مع الحكومة في 22 مارس/ آذار، حزمة من القرارات التقشفية، لحماية قدرات البلاد المالية.
وحسب الخبير الاقتصادي الجزائري، جمال نور الدين، فإن "الحكومة ستضطر لمراجعة حساباتها، فموازنة 2020 بُنيت على أساس سعر مرجعي للنفط بـ 50 دولارا للبرميل"، مشيرا إلى أن السعر هوى بما يفوق 40 بالمائة، ما يعني أن عائدات البلاد ستنزل بـ 40 بالمائة كأقل شيء، ما ينذر بفجوة كبيرة في الميزان التجاري.
وبلغ احتياطي الجزائر من العملة الصعبة 62 مليار دولار عند مطلع السنة الحالية، وبهذا الرقم يسجل احتياطي الصرف الجزائري تراجعاً بـ 10 مليارات دولار في أقل من سنة.
وتوقعت الحكومة الجزائرية في موازنة سنة 2020 تراجع احتياطي الصرف إلى 51.6 مليار دولار مع نهاية العام الجاري.
وفي السياق، يرى الخبير المالي وعضو اللجنة المالية في البرلمان الجزائري هواري تيغرسي، أن "الحكومة في إعداد الموازنة العامة للسنة الحالية توقعت أن يصل العجز في الميزانية إلى 20 مليار دولار، يقابله عجز بـ 30 مليار دولار في الخزينة العمومية، على أن يصل العجز في الميزان التجاري إلى 16 مليار دولار عند نهاية 2020، أي نحن أمام عجز مركب يقدر بـ 66 مليار دولار، أي 106 بالمائة من احتياطي الصرف الحالي".
وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد": "سيكون الامتحان الحقيقي للحكومة إيجاد الموارد لتسيير الدولة، المتميز أصلاً بارتفاع الإنفاق العام، مع توفير موارد مالية أخرى تترجم بها سقف تحدياتها وتعهداتها المرتفع في برنامج عملها، سواء السياسية أو الاقتصادية وحتى الاجتماعية".