انعكس تهاوي أسعار النفط سلباً على منتجي الخام في المنطقة العربية ومنها العراق، الذي يعتمد على الإيرادات النفطية. ومع توقعات استمرار التهاوي وتراجع سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، باتت الحكومة في مأزق.
ويطرح مراقبون عدة سيناريوهات تتهدد العراق، بفعل انهيار أسعار النفط الذي تشكّل عائداته المالية نحو 93% من إجمالي إيرادات البلاد، محذرين من أنّ الأشهر المقبلة قد يشهد فيها العراق أزمة مالية.
ويقول الخبير المالي في سوق بغداد للأوراق المالية علي الفريجي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنه في ظل الأزمة المركبة عالمياً، وانخفاض أسعار النفط إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل، وحدوث انكماش في معدل الطلب على النفط تجاوز 8% وفائض بتنافس الدول المصدرة، من المتوقع تواصل هبوط أسعار النفط عالمياً، ولا سيما أنّ العالم يعيش حالة ركود صناعي بسبب انتشار فيروس كورونا.
وبحسب الفريجي، فإنّه "قد تنخفض أسعار النفط إلى 20 دولاراً للبرميل قبل نهاية الربع الثالث من هذا العام، فيما يتوقع أن تشهد أسعار النفط ارتفاعاً بسيطاً في الربع الرابع من هذا العام، لكن لن يتجاوز هذا الارتفاع الـ30 دولاراً للبرميل الواحد إذا حدث اتفاق بين دول منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وكبار المنتجين خارجها".
وأضاف أنّ "العراق في ظل هذا الهبوط سيبقى يتلقى الضربات والهزات الاقتصادية، لعدم قدرته بأقل تقدير على تغطية الموازنة التشغيلية لعام 2020، وهو ما سيضطره إلى البحث عن دائنين للاقتراض من الخارج أو الداخل رغم تأثيراته السلبية".
وفي ما يخص لجوء الحكومة العراقية إلى الاحتياطي النقدي، لفت الفريجي إلى أنّ "الاحتياطي لدى العراق يبلغ نحو 30 مليار دولار، أكثر من نصفها مستثمر في سندات الخزانة الأميركية"، موضحاً أنّ "اللجوء إلى ما هو متبقٍ من احتياط مالي، يعتبر مجازفة خطيرة، لما لذلك من تأثير على سعر الدينار مقابل الدولار، الأمر الذي سيؤدي إلى خلق فوضى عارمة داخل الأسواق المحلية".
يُشار إلى أنّ العراق حدد سعر برميل النفط بواقع 56 دولاراً، ضمن مشروع موازنة العام الحالي، مع توقّع عجز مالي ضخم يصل إلى أكثر من 30 مليار دولار من إجمالي الموازنة البالغ نحو 135 مليار دولار.
وقال مسؤول في حكومة بغداد، طالباً عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إنّ "صافي دخل العراق بعد هبوط أسعار النفط انخفض بنسبة 65% في 2020، مقارنة بالعام الماضي، مسبباً عجزاً شهرياً قدره 4 مليارات دولار مخصصة فقط لدفع الرواتب والحفاظ على استمرارية عمل الحكومة".
ومن جانبه، نبّه النائب في البرلمان العراقي رعد الدهلكي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ تداعيات انخفاض أسعار النفط على العراق "ستكون كارثية"، ولا سيما أنّ العراق يعيش أزمات سياسية واقتصادية متراكمة منذ سنوات، أدت إلى تراكم الديون الخارجية والداخلية، وارتفاع العجز في الموازنة إلى أكثر من 50 تريليون دينار.
وأضاف أنّ "العراق مقبل على مرحلة جديدة ستكون من أقسى المراحل بتاريخه، وذلك بسبب عدم إدارة الملف الاقتصادي بحكمة من قبل حكومة تصريف الأعمال الحالية، والحكومات التي سبقتها".
وذكّر الدهلكي بأنّ "الحكومة العراقية لم يبقَ أمامها من خيارات لسد عجز الموازنة جراء انخفاض أسعار النفط سوى اللجوء إلى الاحتياطي النقدي، رغم أنه لا يسد حاجة العراق لأكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر".