13 نوفمبر 2024
حدّثوني عن فلسطين
للعام الرابع على التوالي، أُقيم أكبرُ ماراثون للدرّاجين؛ تحيَّة وتأييداً لفلسطين وأطفالها، خارج فلسطين وداخلها، وتحديداً في أفقر مدنها، وهي مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث وصل حدَّ التهميش إلى أنها، حتى اللحظة، لا يوجد فيها مستشفى لعلاج المرضى، وخصوصا مصابي الاعتداءات الإسرائيلية المتكرَّرة التي تتعرَّض لها المدينة؛ لأنها نقطة صغيرة جدا، وساخنة جدا، على الدوام.
في كلٍّ من بيرمنغهام وكوفرتي ولوتن، في بريطانيا، أُقيم ماراثون للدرّاجين، ضمَّ مئات من راكبي الدرّاجات الهوائية الأجانب والعرب المتضامنين مع القضية الفلسطينية، وخصوصا مع أطفال فلسطين. وقادت سباق الماراثون الناشطة المجتمعية الدكتورة منى قاسم الفرّا، ابنة غزة، ومديرة مشاريع منظمة "ميكا" في فلسطين، وحيث ألقت خطاباً حمل رسالة أطفال فلسطين أمام المتضامنين من جميع أنحاء العالم.
ماذا يريد أطفال فلسطين؟ هكذا تساءلت الفرّا، الممثلة لهم، والمتحدّثة عنهم، أمام الأجانب الذين يرون ويسمعون صوراً وأخباراً مشوَّهة ومزوَّرة عمَّا يحدث في فلسطين، وفي غزة تحديدا. وندَّدت بسياسة قتل الأطفال الصِّغار، وطالبت بمنع تسليح إسرائيل، ومقاطعة منتجاتها، إضافة إلى حقِّ أطفال فلسطين في العيش بأمان، في منازلهم، وحقِّهم في الحصول على التعليم، والخدمات الصحية، والرياضية، والترفيه، مثلهم مثل كلِّ أطفال العالم.
قبل أربع سنوات، خرجت منى الفرّا الملقَّبة بأمِّ فقراء غزة، إلى بريطانيا، وبدأت تستعدُّ لإقامة هذا الماراثون الكبير، والذي تراه أقلَّ ما يمكن من واجبٍ نحو وطنها، وإن كانت تفعل ذلك، فهذا، من وجهة نظرها، وكل من حولها، مِن الطرق السلمية والحضارية والمرتَّبة لعرض القضية الفلسطينية، أمام أعين العالم، وكذلك كشف الحقيقة المشوَّهة، عدا عن ممارسة رياضة ركوب الدّراجات، وقطع المسافات الطويلة، والتي تشارك فيها، كلَّ عام، أعداد متزايدة من الأشخاص متبايني الأعمار، بدءا من الأطفال، مروراً بالشباب، وانتهاءً بمن تقدَّموا في العمر، حتى السبعين، وما فوق.
شعر أطفال مدينة رفح، بمخيَّمها، بالسعادة؛ لمشاركتهم المتضامنين الأجانب الذين يعيشون في الجانب الآخر من العالم. وعلى الرغم من ذلك، يشاركونهم معاناتهم، ويركبون الدراجات مثلهم، لكن الفرق أن أطفال فلسطين يقودون الدراجات، بين الأزقة والحارات، وظلَّ المائة طفل يركبون درّاجاتهم، وهم يلفُّون الكوفيَّة الفلسطينية، حول أعناقهم النحيلة، ويرفعون شارات النصر، ويندِّدون بما يتعرَّضون له من ظلم، مطالبين بحقِّهم في الحياة الكريمة.
وقبل أيام قليلة، قصف الاحتلال الإسرائيلي أكبرَ مركزٍ ثقافي في غزة، مؤسّسة سعيد المسحال الثقافية، والذي حوَّلته عنجهية الاحتلال وغطرسته إلى كومة من الحجارة والتراب، لنسمع ونستهجن ما تلا ذلك الحدث المحزن، حيث خرج بعضهم مبتهجاً بأنَّ ما حدث ما هو إلا تحقيقٌ للعدل، وإطاحة واحدٍ من أوكار الرذيلة؛ لأن الأطفال والفتية والشباب كانوا يرقصون ويتراقصون في ذلك المبنى، مثلما رأوا أن الدرَّاجين يضيّعون وقتهم، ويختلط الذكور بالإناث، اختلاطاً محرَّماً، متغاضين عمّا كان يمثله ذلك المبنى من مركز للثقافة، وعن صوت فلسطين الذي سمعه العالم من خلال الماراثون السنوي.
وتمثّل مؤسسة المسحال المدمرة جبلاً من الذكريات، لكل من كبروا، وشبُّوا في غزة، فلكل شاب، أو فتاة، ذكرياته من الموسيقا والغناء والعزف ورقص الدبكة، حيث كانوا يوماً ممَّن توجَّهوا للمشاركة في الأنشطة التي كانت تقام فيه، أو من المتابعين لها والمشجِّعين لإقامتها، من أجل الخروج من بوتقة الموت والدماء التي تحاصرهم خارجه، فـ "المسحال" وجهة ثقافية فنية، لأبناء غزة الذين يخرجون من المخيمات صوبه، وتلتقي فيه، وتختلط كلُّ الفئات المجتمعية، في ذلك الحيِّز الضيِّق من الأرض. وبقصفه، فقد الغزِّيُون بيتهم الثاني، كما وصفوه، وخرج المتشدِّدون؛ ليعبِّروا عن فرحتهم وانتشائهم بهدم أحد أوكار الفساد. لا يعرف هؤلاء من حبِّ الوطن إلا الشعارات الدامية، ولا يرون وسيلة لتحريره إلا بتحويل أبنائه إلى أشلاء، فهل يرفعون رؤوسهم المتحجِّرة المصوَّبة باتجاه أقدامهم، نحو سماء العالم الرحب؟ لو فعلوا لصفَّقوا للماراثون، وبكوا؛ حزناً على مؤسسةٍ ثقافيةٍ عملاقةٍ تحوَّلت إلى ركام.
في كلٍّ من بيرمنغهام وكوفرتي ولوتن، في بريطانيا، أُقيم ماراثون للدرّاجين، ضمَّ مئات من راكبي الدرّاجات الهوائية الأجانب والعرب المتضامنين مع القضية الفلسطينية، وخصوصا مع أطفال فلسطين. وقادت سباق الماراثون الناشطة المجتمعية الدكتورة منى قاسم الفرّا، ابنة غزة، ومديرة مشاريع منظمة "ميكا" في فلسطين، وحيث ألقت خطاباً حمل رسالة أطفال فلسطين أمام المتضامنين من جميع أنحاء العالم.
ماذا يريد أطفال فلسطين؟ هكذا تساءلت الفرّا، الممثلة لهم، والمتحدّثة عنهم، أمام الأجانب الذين يرون ويسمعون صوراً وأخباراً مشوَّهة ومزوَّرة عمَّا يحدث في فلسطين، وفي غزة تحديدا. وندَّدت بسياسة قتل الأطفال الصِّغار، وطالبت بمنع تسليح إسرائيل، ومقاطعة منتجاتها، إضافة إلى حقِّ أطفال فلسطين في العيش بأمان، في منازلهم، وحقِّهم في الحصول على التعليم، والخدمات الصحية، والرياضية، والترفيه، مثلهم مثل كلِّ أطفال العالم.
قبل أربع سنوات، خرجت منى الفرّا الملقَّبة بأمِّ فقراء غزة، إلى بريطانيا، وبدأت تستعدُّ لإقامة هذا الماراثون الكبير، والذي تراه أقلَّ ما يمكن من واجبٍ نحو وطنها، وإن كانت تفعل ذلك، فهذا، من وجهة نظرها، وكل من حولها، مِن الطرق السلمية والحضارية والمرتَّبة لعرض القضية الفلسطينية، أمام أعين العالم، وكذلك كشف الحقيقة المشوَّهة، عدا عن ممارسة رياضة ركوب الدّراجات، وقطع المسافات الطويلة، والتي تشارك فيها، كلَّ عام، أعداد متزايدة من الأشخاص متبايني الأعمار، بدءا من الأطفال، مروراً بالشباب، وانتهاءً بمن تقدَّموا في العمر، حتى السبعين، وما فوق.
شعر أطفال مدينة رفح، بمخيَّمها، بالسعادة؛ لمشاركتهم المتضامنين الأجانب الذين يعيشون في الجانب الآخر من العالم. وعلى الرغم من ذلك، يشاركونهم معاناتهم، ويركبون الدراجات مثلهم، لكن الفرق أن أطفال فلسطين يقودون الدراجات، بين الأزقة والحارات، وظلَّ المائة طفل يركبون درّاجاتهم، وهم يلفُّون الكوفيَّة الفلسطينية، حول أعناقهم النحيلة، ويرفعون شارات النصر، ويندِّدون بما يتعرَّضون له من ظلم، مطالبين بحقِّهم في الحياة الكريمة.
وقبل أيام قليلة، قصف الاحتلال الإسرائيلي أكبرَ مركزٍ ثقافي في غزة، مؤسّسة سعيد المسحال الثقافية، والذي حوَّلته عنجهية الاحتلال وغطرسته إلى كومة من الحجارة والتراب، لنسمع ونستهجن ما تلا ذلك الحدث المحزن، حيث خرج بعضهم مبتهجاً بأنَّ ما حدث ما هو إلا تحقيقٌ للعدل، وإطاحة واحدٍ من أوكار الرذيلة؛ لأن الأطفال والفتية والشباب كانوا يرقصون ويتراقصون في ذلك المبنى، مثلما رأوا أن الدرَّاجين يضيّعون وقتهم، ويختلط الذكور بالإناث، اختلاطاً محرَّماً، متغاضين عمّا كان يمثله ذلك المبنى من مركز للثقافة، وعن صوت فلسطين الذي سمعه العالم من خلال الماراثون السنوي.
وتمثّل مؤسسة المسحال المدمرة جبلاً من الذكريات، لكل من كبروا، وشبُّوا في غزة، فلكل شاب، أو فتاة، ذكرياته من الموسيقا والغناء والعزف ورقص الدبكة، حيث كانوا يوماً ممَّن توجَّهوا للمشاركة في الأنشطة التي كانت تقام فيه، أو من المتابعين لها والمشجِّعين لإقامتها، من أجل الخروج من بوتقة الموت والدماء التي تحاصرهم خارجه، فـ "المسحال" وجهة ثقافية فنية، لأبناء غزة الذين يخرجون من المخيمات صوبه، وتلتقي فيه، وتختلط كلُّ الفئات المجتمعية، في ذلك الحيِّز الضيِّق من الأرض. وبقصفه، فقد الغزِّيُون بيتهم الثاني، كما وصفوه، وخرج المتشدِّدون؛ ليعبِّروا عن فرحتهم وانتشائهم بهدم أحد أوكار الفساد. لا يعرف هؤلاء من حبِّ الوطن إلا الشعارات الدامية، ولا يرون وسيلة لتحريره إلا بتحويل أبنائه إلى أشلاء، فهل يرفعون رؤوسهم المتحجِّرة المصوَّبة باتجاه أقدامهم، نحو سماء العالم الرحب؟ لو فعلوا لصفَّقوا للماراثون، وبكوا؛ حزناً على مؤسسةٍ ثقافيةٍ عملاقةٍ تحوَّلت إلى ركام.