13 نوفمبر 2024
حتى الذي يُسلّم لا يَسلْم
وفقًا لـ"خطة الحسم" التي تبناها أخيرًا حزب الاتحاد القومي، اليميني الإسرائيلي الشريك في "البيت اليهودي" لدى ختام مؤتمره السنوي، وطرحها عضو الكنيست، بتسلئيل سموتريتش، وتنصّ على فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق الضفة الغربية، وتكثيف الاستيطان، وحل السلطة الفلسطينية، وتشجيع الفلسطينيين على الهجرة إلى الخارج، وفقا لهذه الخطة تنبغي العودة، فيما يخص البدائل التي تعرضها دولة الاحتلال على السكان الفلسطينيين الأصلانيين، إلى فحوى الإنذار الذي بعث به يشوع بن نون إلى سكان مدينة أريحا، عشية اقتحامها قبل أكثر من ألفي عام، وجاء فيه "أن المستعد للتسليم بوجودنا هنا فليُسلّم، ومن يرد المغادرة فليُغادر، ومن يختر القتال فعليه انتظار الحرب".
فور قيام المذكور بالهجس بخطته تلك في الماضي القريب، كان ثمّة من استعاد أن سفر يشوع من التناخ يُعدّ وثيقة مهمة لتعريف خصائص جريمة إبادة شعبٍ في العالم القديم، طبقًا لما ورد بشأن هذه الخصائص ضمن اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الجينوسايد، الصادرة في عام 1948. وتمثيلا لذلك، تم إيراد الآيات 24- 29 من إصحاحه الثامن التي تتحدث عن مصير بلدة عاي الكنعانية، التي أغار عليها يشوع، وفشل في الاستيلاء عليها من جرّاء إثمٍ ارتكبه أحد رجاله، لكنه أعاد الكرّة، واحتلها وذبح سكانها، وكان عددهم إثني عشر ألفًا، وشنق ملكها على شجرة، وأحرقها.
وجاء في تلك الآيات: "وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى إِسْرَائِيلُ مِنْ قَتْلِ جَمِيعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الْحَقْلِ فِي الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحِقُوهُمْ وَسَقَطُوا جَمِيعًا بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا، أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَال وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ. وَيَشُوعُ لَمْ يَرُدَّ يَدَهُ الَّتِي مَدَّهَا بِالْمِزْرَاقِ حَتَّى حَرَّمَ جَمِيعَ سُكَّانِ عَايٍ. لكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ. وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَهَا تَلاًّ أَبَدِيًّا خَرَابًا إِلَى هذَا الْيَوْمِ. وَمَلِكُ عَايٍ عَلَّقَهُ عَلَى الْخَشَبَةِ إِلَى وَقْتِ الْمَسَاءِ. وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَمَرَ يَشُوعُ فَأَنْزَلُوا جُثَّتَهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَطَرَحُوهَا عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ، وَأَقَامُوا عَلَيْهَا رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هذَا الْيَوْمِ".
لعلّ الأنكى أنه حتى الذي يُسلّم لا يَسلْم، وهذا ما يُستشفّ من قصة الدبلوماسي العربي البدوي، إسماعيل خالدي، من قرية الخوالد في الجليل الذي لم يُسلّم فحسب، وإنما أيضًا تجنّد في الجيش الإسرائيلي، وبعد انتهاء خدمته العسكرية انخرط في الآلة الدعائية لدولة الاحتلال، وخصوصا ضد حركة المقاطعة، من خلال منصبه في القنصليتين الإسرائيليتين في سان فرانسيسكو ولندن. ولم يوفّر فرصةً أو منصّة إلا وكان يكرّر فيها أن العرب البدو في شمال فلسطين ذوو ولاء لا يُردّ لإسرائيل، بخلاف العرب البدو في الجنوب.
قبل عدة أشهر، نشر خالدي بوستا يحتج فيه على تضييق المجلس الإقليمي المسؤول عن قريته الخناق على أهلها، واصفًا هذا التضييق بأنه بمثابة تطهير عرقي لإرث قبيلة الخوالد، وأكد مواصلة الكفاح ضد هذا التضييق، حتى لو استلزم الأمر التوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. وضمن ذلك، احتج على تخصيص المجلس أراضي لسكانٍ عرب، وتفضيلهم على أبناء قبيلته، على الرغم من أن الأخيرين يخدمون في الجيش.
ومع أن خالدي بادر بنفسه إلى محو ما كتبه في الغداة، وسارع إلى نشر اعتذارٍ أقرّ فيه بأن الأقوال الصادرة عنه قاسية للغاية، إلا إنه ما يزال تحت وطأة حملة هجومٍ وصلت إلى حدّ إجراء تحقيق معه في وزارة الخارجية.
لا بُدّ من تنويه بأن أصواتًا تدّعي الليبرالية دافعت عن خالدي، بصفته نموذجًا لما يتعيّن أن يكون عليه السكان العرب في دولة الاحتلال. لكن ليس قبل أن تشدّد على أن الأقوال التي بدرت عنه كانت قاسيةً وغير مألوفة، وليس من حقّه إطلاقها بمُجرّد أن يُسلّم.
فور قيام المذكور بالهجس بخطته تلك في الماضي القريب، كان ثمّة من استعاد أن سفر يشوع من التناخ يُعدّ وثيقة مهمة لتعريف خصائص جريمة إبادة شعبٍ في العالم القديم، طبقًا لما ورد بشأن هذه الخصائص ضمن اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الجينوسايد، الصادرة في عام 1948. وتمثيلا لذلك، تم إيراد الآيات 24- 29 من إصحاحه الثامن التي تتحدث عن مصير بلدة عاي الكنعانية، التي أغار عليها يشوع، وفشل في الاستيلاء عليها من جرّاء إثمٍ ارتكبه أحد رجاله، لكنه أعاد الكرّة، واحتلها وذبح سكانها، وكان عددهم إثني عشر ألفًا، وشنق ملكها على شجرة، وأحرقها.
وجاء في تلك الآيات: "وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى إِسْرَائِيلُ مِنْ قَتْلِ جَمِيعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الْحَقْلِ فِي الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحِقُوهُمْ وَسَقَطُوا جَمِيعًا بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا، أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَال وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ. وَيَشُوعُ لَمْ يَرُدَّ يَدَهُ الَّتِي مَدَّهَا بِالْمِزْرَاقِ حَتَّى حَرَّمَ جَمِيعَ سُكَّانِ عَايٍ. لكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ. وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَهَا تَلاًّ أَبَدِيًّا خَرَابًا إِلَى هذَا الْيَوْمِ. وَمَلِكُ عَايٍ عَلَّقَهُ عَلَى الْخَشَبَةِ إِلَى وَقْتِ الْمَسَاءِ. وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَمَرَ يَشُوعُ فَأَنْزَلُوا جُثَّتَهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَطَرَحُوهَا عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ، وَأَقَامُوا عَلَيْهَا رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هذَا الْيَوْمِ".
لعلّ الأنكى أنه حتى الذي يُسلّم لا يَسلْم، وهذا ما يُستشفّ من قصة الدبلوماسي العربي البدوي، إسماعيل خالدي، من قرية الخوالد في الجليل الذي لم يُسلّم فحسب، وإنما أيضًا تجنّد في الجيش الإسرائيلي، وبعد انتهاء خدمته العسكرية انخرط في الآلة الدعائية لدولة الاحتلال، وخصوصا ضد حركة المقاطعة، من خلال منصبه في القنصليتين الإسرائيليتين في سان فرانسيسكو ولندن. ولم يوفّر فرصةً أو منصّة إلا وكان يكرّر فيها أن العرب البدو في شمال فلسطين ذوو ولاء لا يُردّ لإسرائيل، بخلاف العرب البدو في الجنوب.
قبل عدة أشهر، نشر خالدي بوستا يحتج فيه على تضييق المجلس الإقليمي المسؤول عن قريته الخناق على أهلها، واصفًا هذا التضييق بأنه بمثابة تطهير عرقي لإرث قبيلة الخوالد، وأكد مواصلة الكفاح ضد هذا التضييق، حتى لو استلزم الأمر التوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. وضمن ذلك، احتج على تخصيص المجلس أراضي لسكانٍ عرب، وتفضيلهم على أبناء قبيلته، على الرغم من أن الأخيرين يخدمون في الجيش.
ومع أن خالدي بادر بنفسه إلى محو ما كتبه في الغداة، وسارع إلى نشر اعتذارٍ أقرّ فيه بأن الأقوال الصادرة عنه قاسية للغاية، إلا إنه ما يزال تحت وطأة حملة هجومٍ وصلت إلى حدّ إجراء تحقيق معه في وزارة الخارجية.
لا بُدّ من تنويه بأن أصواتًا تدّعي الليبرالية دافعت عن خالدي، بصفته نموذجًا لما يتعيّن أن يكون عليه السكان العرب في دولة الاحتلال. لكن ليس قبل أن تشدّد على أن الأقوال التي بدرت عنه كانت قاسيةً وغير مألوفة، وليس من حقّه إطلاقها بمُجرّد أن يُسلّم.