حاكم مصرف لبنان يردّ على رئيس الحكومة بالأرقام: مَن صرف أموال الدولة؟

بيروت

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
29 ابريل 2020
8E6F6984-1D9A-4F13-BB45-7E25CF6C8EE8
+ الخط -
ردّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على رئيس الحكومة حسان دياب، باستعراض أرقام تشير إلى أن المصرف المركزي لا يتحمل مسؤولية الأزمة النقدية والمالية، بل الأداء الحكومي، ونفقات الدولة ودفع أكثر من 4 مليارات دولار على واردات غير معروفة الوجهة.

وكان دياب قد شنّ هجوماً عنيفاً على سلامة يوم الجمعة الماضي، واعتبر أن "المعضلة تكمن في أنّ هناك غموضاً مريباً في أداء حاكم مصرف لبنان"، لافتاً إلى أن المصرف المركزي "إما عاجز أو معطل بقرار أو محرض على هذا التدهور المريب". وأكد سلامة اليوم الأربعاء، قائلاً: "دفعنا بالدولار عن الدولة مبلغ 16 مليار دولار، على أمل استرداد هذا المبلغ. وعودة هذه المبالغ تغيّر وضعية ميزانية مصرف لبنان وقدراته للتدخل في السوق". ولفت إلى أن 60% من الدين العام بالليرة اللبنانية يتحمله مصرف لبنان، عبر سندات الخزينة.
وشرح أن "البنك المركزي موّل الدولة، ولكن ليس هو من صرف الأموال، وهنا يجب أن نعرف كيف صُرِفَت. الدولة والمؤسسات الدستورية والإدارية لديها مهمة في الكشف عن 
كيفية الإنفاق. وعند تحميل البنك المركزي والحاكم خاصة مسؤولية التمويل ومراقبته، من دون وجود صلاحيات له بتنفيذ الرقابة، فهذا عنصر من عناصر التعبئة ضدّ المصرف والحاكم".

وأضاف: "نحن لسنا الوحيدين الذين موّلنا الدولة، وإنما القطاع المصرفي أيضاً موّلها، والمؤسسات الدولية وبيوت المال العالمية عبر شراء اليوروبوند، ومؤتمرات باريس المتتالية، كل ذلك مقابل وعود الإصلاح التي لم تترجم لأسباب سياسية، ووجدنا فراغات في سدة رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية وتعطيل أعمال مجلس النواب. ولا أعرف إن كان يوجد إرادة للإصلاحات التي كان البنك المركزي يطالب بها". وتابع سلامة: "ساهمنا في خفض كلفة الدين العام من خلال إقراض الدولة بفوائد أدنى من فوائد السوق تصل أحياناً إلى 1%، ولدينا مهمة أخرى لتمويل القطاع الخاص بفوائد مقبولة، وهذا الأمر يخلق خسائر على مصرف لبنان، لأنه يأخذ ودائع بفوائد السوق، ويخسر من خلال تسليفه للدولة". 
وبحسب سلامة، فإن هذا الإجراء يتبعه أكثر من 28 مصرفاً مركزياً في العالم، وكل الأرقام موجودة في ميزانية المصرف. واعتبر أن "لبنان يعيش في أزمات مختلفة، منها سياسية، ومنها التطور السلبي في موازنة الدولة".


وأضاف: "سمعنا من رئيس الحكومة أن 5.7 مليارات دولار خرجت من القطاع المصرفي، ولكنها فعلياً 5.9 مليارات، ولكن إلى أين ذهبت؟ يوجد 3.7 مليارات دولار استعملت لتغطية القروض، وما يساوي 2.2 مليار دولار انسحبت نقداً من المصارف، بينها جزء بالليرة وجزء بالدولار (575 مليون دولار). وبالتالي لم يخرج هذا المبلغ من لبنان. أما تحرك هذه الأموال ضمن لبنان، فهو حق لأصحاب الودائع". 

وردّ على دياب قائلاً: "مصرف لبنان لم يخسر 7 مليارات دولار خلال 4 اشهر من 2020، وأعتقد أن مستشاري رئيس الحكومة استندوا إلى التحرك في حساب الأصول المختلفة، وهنا نوضح: أولاً، يوجد 772 مليار ليرة دفعوا للدولة لإعادة الفوائد على اليوروبوند التي لم تسدد، والصافي بين الفوائد المدفوعة والمقبوضة هو 4000 مليار ليرة أعباء على مصرف لبنان، بقي منها 3500 مليار ليرة لم يتم استعمالها. لذا الفارق كبير بين أرقام الحكومة والأرقام الواقعية، وكنا نتمنى الاستفسار قبل إعطاء هذه الأرقام لرئيس الحكومة".

وتابع: "أما القول إن تعاميم مصرف لبنان يجب أن توافق عليها الحكومة، فهو مسّ باستقلالية المصرف وبقانون النقد والتسليف. سيبقى مصرف لبنان متعاوناً، ولن يكون أداة للتحريض على عدم الاستقرار، وإنما سيستند إلى القانون ويحافظ على استقلاليته". وقال سلامة إن "ميزانية مصرف لبنان متطابقة مع المعايير الدولية للمصارف المركزية في الخارج. صلاحية الحاكم بالإنفاق لا تتعدى 100 ألف دولار، كل مبلغ فوق ذلك خاضع لقرار من المجلس المركزي في المصرف، ويبلّغ إلى مفوض الحكومة ووزير المالية".

وأوضح حاكم المصرف أنه "في مصرف لبنان لا معلومات مكتومة ولا أحادية في قرارات الإنفاق، وكل هذه الإجراءات تستند إلى النظام المالي لمصرف لبنان، وما يقال غير ذلك افتراء وتضليل الرأي العام لتعزيز الحملة المبرمجة على الحاكم". ولفت إلى أن "البنك المركزي ينشر ميزانياته كل 15 يوماً، ويضمنها ملاحظات من أجل الشفافية، ومنها حسابات الأصول المختلفة التي تم الحديث عنها (تناولها رئيس الحكومة) وتم الاستناد إليها للقول إننا نخفي أموراً في الميزانية. كل شيء معلن".

وقال سلامة إن "المركزي ينشر أسبوعياً حسابات الكتل النقدية، ويضع في الجريدة الرسمية نتائج حساباته، لمن يقول إننا لا ننشرها. وسلمت في 9 آذار/ مارس 2020، حسابات البنك وحسابات التدقيق، ومصرف لبنان لديه شركتان دوليتان تدققان منذ 1993 بحساباته وتصدران بياناتهما سنوياً. ويمكن مراجعة شركتي ارنست إند يونغ وديلويت اللتين أصدرتا نتائج التدقيق حتى 2017، بانتظار انتهاء تدقيق 2018". وأضاف أن "هذه الحسابات سُلمت لوزير المالية، ولرئيس الحكومة، ونائب رئيس مجلس الوزراء، لذا لا يوجد أي رقم غير مسلَّم للدولة في الحسابات".

وتابع أنه "بتاريخ 24/4/2020 وصلت سيولة مصرف لبنان إلى 20 ملياراً و894 مليون دولار، علماً أن المصرف كان لديه سيولة أكبر، ولكن 863 مليون دولار أُنفقت على استيراد المواد الأولية، و843 مليون دولار للفيول وغيره، وأقرضنا المصارف 8 مليارات دولار، ولدينا يوروبوند بـ 5 مليارات دولار، وكونّا مؤونات على هذا المبلغ بقيمة 1.5 مليار دولار بسبب تخلف لبنان عن سداد اليوروبوند". 

وأشار إلى أن "هذه الأرقام بين أيديكم، بالنسبة إلى مكامن العجز الموجودة في القطاع العام، مصرف لبنان لم يكلف الدولة أي ليرة، بل بالعكس كان يسجل أرباحاً ويحولها للدولة، وبشكل تلقائي، وساهم بخفض الدين، واستخدم فروقات الذهب بمراحل معينة لإطفاء ديون على الدولة".
وقال سلامة: "أما ما يتم التحدث عنه في ما يتعلق بالهندسات المالية، فإن أكلافها بالنسبة إلى نسب الفوائد في مصرف لبنان، تعتبر مقبولة، والهندسات التي قمنا بها منحت وقتاً للبنان ليصل إلى مؤتمر سيدر للمانحين، وعدم تنفيذ توصيات هذا المؤتمر لا تقع مسؤوليته على مصرف لبنان".

وبالأرقام، شرح سلامة أن "ما يحصل الآن نتيجة عجز في الحساب الجاري (الميزان التجاري والتحويلات من لبنان وإليه)، هذا العجز من 2015 الى 2019، يصل إلى 56 ملياراً 
و238 مليون دولار، وهي أموال خرجت لتمويل الاستيراد. أما التدقيق بالمواد المستوردة، وإن كانت غير موجهة للسوق اللبنانية، فليست من مسؤولية مصرف لبنان، ولا من ضمن صلاحياته".

وقال: "لماذا هذا المبلغ كبير إلى هذه الدرجة في حين أنه لا يوجد نمو؟ فيما نقدر أنه يوجد 4 مليارات دولار سنوياً لم يكن لبنان بحاجة لاستيرادها. أما المشكلة الثانية، فهي عجز الموازنة بقيمة 81 مليار دولار لمدة 5 سنوات، وهنا الفجوة الحقيقية".

ولفت سلامة إلى أن "لبنان بحاجة الى 16.2 مليار دولار للاستمرار، ما يفيد المجتمع والاقتصاد ويحافظ على الوظائف والقدرة الشرائية، وهذا ما عملنا عليه، لأن اقتصادنا مدولر، المصرف عمل على إيجاد الدولارات اللازمة. من ناحية تمويل الدولة وتمويل الحساب الجاري والتدخل بالسوق للمحافظة على سعر الليرة".

وطمأن اللبنانيين إلى أن "ودائعهم موجودة في القطاع المصرفي ويتم استخدامها. المبالغ التي لبّتها المصارف خلال هذه الأزمة مهمة. وفي التعاطي مع المصارف توجد حركة أموال متبادلة. آخر 3 سنوات أعطينا أموالاً للقطاع المصرفي بحوالى 5 مليارات دولار أكثر مما أخذنا منه".

ولفت إلى أن الكلام عن "الهيركات" يُرعب المودعين ويؤخر إعادة إقلاع القطاع المصرفي ودوره في تمويل الاقتصاد، ولم يحصل هيركات على الودائع في كل العالم، حتى في قبرص كان هناك إفلاس لمصارف، وأخذ المودعون تعويضات كأسهم في المصارف.


ذات صلة

الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة

منوعات

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة صحافيين لبنانيين، وأصابت آخرين، بغارة استهدفت مقر إقامتهم في حاصبيا جنوبي البلاد، فجر الجمعة
الصورة
شارك العديد من الشبان في مبادرة الحلاقة (العربي الجديد)

مجتمع

في إطار المبادرات والمساعدات المقدمة للنازحين، رحب النازحون في مدينة صيدا بمبادرة الحلاقة في ظل ظروفهم الصعبة والبطالة
المساهمون