تحت عنوان "أجساد-كتابات" يُقام حالياً في غاليري "آرت أبسولومون" في باريس معرض الفنانة التشكيلية المجرية ريغيل جوديث (1923)، التي تعتبر واحدة من رائدات الفن الحديث في أوروبا.
يتضمّن المعرض خمسة عشر عملاً فنياً تمثّل مجموعة من الأعمال الفنية الأساسية للتشكيلية، في عدّة مراحل من تجربتها وهي التي جمعت عناصر السريالية والتجريدية في مرحلة مبكرة من عملها، ومع الخمسينيات بدأ تشتغل على الكولاج الذي يجمع الرسم بالفوتوغرافيا والكتابة.
وكان هذه الفترة بعد انتقالها إلى باريس عام 1945، حيث التقت بأندريه بروتون، مؤسس السريالية، ودخلت ريغيل في دائرة الفنانين السرياليين الذين أصبح تأثيرهم واضحاً على عملها المبكر، حتى أن بروتون هو من كتب مقدمة كاتالوج المعرض لها.
لكنها سرعان ما ثارت على السريالية ولجأت إلى التجريد الغنائي متأثرة بجورج ماتيو، أحد أبرز المتعصبين الفرنسيين الغنائيين، والذي سيكون واحداً من أبرز من أثر على عملها.
ستسافر ريغيل إلى ألمانيا وأميركا، حيث تعرفت بنفسها على التعبيرية والتجريد على طريقة جاكسون بولوك وويليم دو كوننج وفارنز كلاين.
تستخدم ريغيل جسدها كخامة ومادة تستعملها فنياً ترسمه وتصوره، وقد بدأت في ذلك عام 1955، قاطعة علاقتها مع السرياليين، ومتمثلة ما كانت تسميه انفجارات الكتلة، أطلقت آنذاك سلسلة عرفت بـ "الفورة"، وصنعت خلالها لنفسها مادة خاصة تكتب وترسم بها لوحاتها مكوّنة من الصباغ الصناعية الكثيفة التي تمزجها بزيت الكتاب، وتلقيها بشكل عفوي على الكانفاس ثم تبدأ بكشطها بالشكل الذي تريد.
اشتهرت ريغيل بعدة سلاسل أخرى، فبعد أن انتهت مرحة الانفجارات و"الفورة"، بدأت في سلسلة "الكتابة الجماعية"، وفيها طبقت كميات كبيرة من الصبغة السوداء السميكة بطيئة التجفيف على القماش باستخدام شفرة أو عصا، ثم رسمت الأعمال من الأسفل إلى الأعلى.
بعض من سلاسلها اللاحقة تستند إلى كتابات مقتبسة من النوط الموسيقية، حيث قامت بتدوين النوتات الموسيقية إلى علامات بصرية ملموسة، متحرّرة من ثيمة جسدها التي ظلّت مأسورة فيها معظم الوقت.