مع بدء الحديث عن تحضيرات دولية لانعقاد مؤتمر "جنيف 3" في إطار السعي الدولي إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، عاد النزاع حول التمثيل السياسي للمعارضة السورية إلى الواجهة من جديد.
اقرأ أيضاً (مايو شهر المؤتمرات السورية... بلا آمال كبيرة)
وأكدت مصادر مطلعة من داخل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" السوري لـ"العربي الجديد"، أن المبعوث الدولي، ستيفان دي ميستورا، يحضّر لمبادرة جديدة لم يعلن عنها بعد لعقد اجتماعات ثنائية تشاورية بين أطياف المعارضة السورية في جنيف قبيل انعقاد مؤتمر "جنيف 3"، والهدف من وراء هذه الاجتماعات هو محاولة إيجاد تمثيل حقيقي للمعارضة السورية وتوحيد رؤاها قبل المؤتمر، الذي تحضره الدول الفاعلة في الأزمة السورية.
وأضافت المصادر، التي طلبت عدم نشر اسمها، أنّ "دي ميستورا يتحرك الآن باتجاه المعارضة فقط، وقد بدأ بإجراء اتصالات مع مختلف تياراتها في الداخل والخارج"، مشيرة إلى أن المبعوث الأممي "يعمل على عقد لقاءات مع المعارضة خلال الشهر الحالي، والدول الإقليمية الفاعلة في الأزمة السورية، لتحديد أطر الحل السياسي قبيل انعقاد المؤتمر".
ويبدو أن المبعوث الدولي قد بدأ تحركاته بعد تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والتي طالبه فيها بالتركيز أكثر على إعادة إطلاق عملية سياسية، ومحاولة جمع أكبر قدر من التأييد لإطلاق الحوار كأول خطوات الحل السياسي.
وليس المبعوث الأممي الوحيد الذي يعمل على تمثيل المعارضة وتوحيد رؤاها قبيل مؤتمر "جنيف 3"، إذ كشفت مصادر سورية معارضة مقرّبة من السعودية لـ"العربي الجديد"، عن نية المملكة العربية السعودية إطلاق مؤتمر قريب لتوحيد المعارضة السوري أشبه بمؤتمر القاهرة، والهدف منه إعادة تمثيل المعارضة قبل الدخول في جولات "جنيف 3".
ولعلّ السعي السعودي في هذا الاتجاه يعود إلى تمسك الدول الفاعلة في الأزمة السورية بشرعية "الائتلاف" كممثل ومحاور وحيد عن الشعب السوري، مع ما قد يستتبع ذلك من توسيع هذا الجسم، أو تشكيل جسم جديد للدخول في الجولة الثالثة من جنيف.
وتدرك الدول الفاعلة في الأزمة السورية أن جنيف ساحة رسمية دولية للمفاوضات، لذلك تسعى إلى عقد لقاءات تشاورية، كلّ على حدة، للتحضير لـ"جنيف 3"، وهذا ما سعت إليه روسيا بدورها، من خلال مؤتمر موسكو التشاوري الذي عقد أخيراً، إذ أعلن منسق المنتدى حول سورية، فيتالي نعومكين، أن الجولة الثانية للمشاورات، التي جرت في موسكو، تعد أرضية لعقد مؤتمر "جنيف 3". وقال نعومكين إن "مهمة المشاركين في منتدى "موسكو 2" تتمثل في محاولة التوصل إلى رأي مشترك وتشكيل منظومة موحدة لطلبات ومقترحات يتوجه بها السوريون إلى مؤتمر "جنيف 3".
في المقابل، قد يكون "الائتلاف" السوري المعارض من أكثر المتوجسين من تلك التحركات الدولية التي قد تهدد وجوده كجسم سياسي، إذ لا يبدو أنه سيتلقى هذه المرّة مذكرة لـ"جنيف 3" تخوله تشكيل الوفد المفاوض وحده، كما حدث في "جنيف 2"، وإنما سيكون وضعه محرجاً وسط تلك التحركات الدولية الأخيرة على صراع التمثيل السياسي للمعارضة السورية. ولعلّ هذا ما دفع "الائتلاف" إلى المسارعة في دخول سباق التمثيل، ومحاولة تنفيذ خطوات استباقية لمواجهة المرحلة المقبلة.
وبعد التحرك الجديد لدي ميستورا، سعى الائتلاف جاهداً إلى فتح قنوات تواصل مع مختلف القوى الثورية في الداخل السوري من هيئات مدنية وإغاثية وفصائل عسكرية، بحسب ما أكد مصدر من داخل "جيش الفتح" لـ"العربي الجديد"، مضيفاً أن لقاء قريبا يعقد بين قيادات من (جيش الفتح) و(الائتلاف الوطني) للتنسيق، مشيراً أيضاً إلى لقاءات جرت خلال هذا الشهر بين الائتلاف وكبرى الفصائل العسكرية المعارضة على الساحة السورية، غير أنها استثنت "جبهة النصرة".
وفي الوقت الذي تكثف فيه الدول جهودها لتمثيل المعارضة السورية في "جنيف 3"، يبقى مصير رئيس النظام السوري، بشار الأسد، غامضاً في ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية، وسط تأويلات وقراءات مختلفة لبنود وثيقة "جنيف 1" المتفق عليها كمرجع عام للحل السياسي في سورية، والتي تتضمن في بنودها، إقامة هيئة حكم انتقالي بكامل السلطات التنفيذية، ووقف جميع عمليات القصف ضد المدنيين، وسحب كل قوات الأسد من المدن والقرى، والإفراج عن الأسرى والمعتقلين السياسيين، بدءاً بالنساء والأطفال، وفك الحصار عن المدن والقرى، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، وتحديد إطار زمني واضح للمفاوضات.
اقرأ أيضاً (مصير الأسد وفوبيا "الإخوان" يعمّقان خلافات "هيئة التنسيق")