جنوب العراق.. إنتاج سينمائي بجهود فردية

26 مارس 2018
(عرض فيلم في مدينة سوق الشيوخ، العربي الجديد)
+ الخط -
رغم غياب الدعم الرسمي، تنشط مبادرات تطوعية بجهود ذاتية في مدن جنوب العراق في صناعة الأفلام القصيرة بواسطة كاميرات غير متطوّرة ومعدات فنية بسيطة، ما يدفع نحو تنشيط الحركة السينمائية في البلاد، ويحظى بحضور وتكريم في مهرجانات محلية وعربية.

ازدادت دور العرض في العراق، خلال السنوات القليلة الماضية بفضل انتشار المجمّعات التجارية (المولات)، حيث عمد أصحابها إلى تخصيص دار عرض صغيرة، إلا أن غالبية هذه الدور لا تستقبل نتاجات محلية، وتعتمد على عرض أفلام أجنبية، وبذلك يلجأ فنانو الجنوب إلى عرض أعمالهم في الشوارع العامة بواسطة لوحات عرض متنقلة (داتا شو)، ويستخدم آخرون وسائل التواصل الاجتماعي لتقديمها.

يقول رئيس محفل "بلاديون" في مدينة سوق الشيوخ التابعة لمحافظة ذي قار (350 كيلو متر جنوب العاصمة بغداد)، علي الغريفي في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن "صناعة الأفلام في المحافظة تمرّ بأزمة مادية كبيرة، حيث أن السينمائيين يعتمدون على جهودهم وأموالهم الخاصة في إنتاج أعمال تكون غالباً بعيدة عن الإعلام".

يضيف الغريفي أن "تلقّي أهالي سوق الشيوخ للسينما محدود، فما يزال الكثير منهم يعتبرونها محرمة، ولهذا فإن غالبية جمهور الأفلام التي نعرضها هم من المثقفين، ومع ذلك فإننا مستمرون بعرضها وإنتاج القصير منها"، لافتاً إلى أن "ذي قار فيها الكثير من المواهب التمثيلية الشابة، من الجنسين، والعمل القليل في ظل ظروف صعبة ساهم في إبراز فنانين شاركوا في الدراما التلفزيونية العراقية".

وشهدت المدينة مطلع العام الماضي افتتاح خمس قاعات للسينما في مجمعات تجارية مختلفة، تستوعب 700 مقعد، علماً أن غالبية المحافظات العراقية كانت تحتوي على عدّة دور عرض وصل عددها إلى أكثر من 25 سينما، لكنها توّقفت عن العمل إثر تدمير بعضها من قبل الاحتلال الأميركي عام 2003، وبسبب الإهمال الحكومي للفنون.

في موازاة ذلك، أكدت عضو مجلس محافظة ذي قار، أجيال الموسوي، أن "الحركة الفنية في مناطق جنوب العراق، تعدّ الأهم لوجود أعداد كبيرة من الفنانين والهواة، الذين يعدون ثروة مهمة"، مبيّنة أن "الحكومات المحلية في الجنوب وحتى المركزية في بغداد، تهمل هذا الجانب بقصد أو دون قصد، بسبب الأزمات المالية التي يسقط فيها العراق كل مرحلة من تاريخه".

توضّح أن "اللجان المتخصّصة بمتابعة النشاطات الفنية بالمناطق، لا تستطيع توفير أي مستلزمات أو دعم مالي للنشاطات الفنية والأعمال السينمائية"، والميزانية المتوفرة لدى الحكومات المحلية، هي تشغيلية فقط، أي أنها مخصّصة للبنى التحتية والبلدية وتصليح شبكات الصرف الحالي".

من جانبه، يرى المخرج الشاب محمد الدراجي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "جنوب البلاد هو الأبرز في توليد الطاقات الفنية والتمثيلية المميزة"، وأن "الحركة السينمائية تعد جيدة قياساً بالإمكانيات المتوفرة"، مبيناً أن "الأعمال المنتجة تحمل أفكاراً رائعة، لكنها لا ترتقي لأن تساهم في تأسيس سينما عراقية منهجية ومقنعة عالمياً".

يضيف "الحكومة العراقية لم تستطع منذ 15 عاماً أن تؤسّس لسينما تليق بالمنافسة في المحافل العربية، إلا أن بعض فناني جنوب العراق استطاعوا بجهود ذاتية الحضول على جوائز بمهرجانات عديدة"، مشيراً إلى أن "الاهتمام بالسينما من قبل المؤسسة الرسمية مفقود، وهو ما نعمل على توفيره من خلال مشروع قانون قدذمناه إلى البرلمان العراقي ووزارة الثقافة".

ويختم "لم يحظ مشروع قانون (الصندوق الوطني للسينما)، حتى الآن بموافقة الحكومة أو البرلمان"، موضحاً أنه "سيشكّل حاضنة مهمة لنشاطات الفنانين الشباب، وتمويل الأعمال السينمائية، بإدارة فنية من قبل متخصّصين".

المساهمون