جدل في السعودية بشأن أكبر طرح للأسهم بالشرق الأوسط

14 أكتوبر 2014
السعودية تنتظر الأحد أكبر اكتتاب في تاريخها(أرشيف/Getty)
+ الخط -

تشهد سوق الأسهم السعودية، الأحد القادم، أكبر طرح للأسهم في الشرق الأوسط؛ إذ يعتزم البنك الأهلي التجاري أكبر مصرف في المملكة من حيث قيمة الأصول جمع 22.5 مليار ريال (6 مليارات دولار) في طرح عام أولي يتوقع أن يشهد إقبالا كبيرا، رغم معارضة عدد من الشيوخ والعلماء.

وأفتى عدد من العلماء ورجال الدين البارزين في المملكة، خلال الأسابيع الأخيرة، بعدم جواز الاكتتاب في أسهم الأهلي التجاري، معللين ذلك بوجود معاملات اعتبروها محرمة وفوائد ربوية في القوائم المالية للمصرف.

لكن اقتصاديين وخبراء هونوا من تأثير هذه الآراء على الإقبال على الاكتتاب، الذي يتاح للمرة الأولى للسعوديين فقط من دون مشاركة المؤسسات المالية، حيث ينظر إليه كأحد السبل لتوزيع الثروة النفطية الضخمة التي تتمتع بها المملكة.

وسيبيع البنك الأهلي التجاري 300 مليون سهم لمستثمرين سعوديين أفراد، و200 مليون سهم إلى المؤسسة العامة للتقاعد، التي تديرها الدولة، بسعر قدره 45 ريالا للسهم في أول طرح لمصرف في المملكة منذ عام 2008.

وتملك المؤسسة العامة للتقاعد، حاليا، حصة أغلبية في البنك الأهلي التجاري، المصرف الوحيد غير المدرج من بين 12 مصرفا في السعودية. ويملك هذا المصرف أصولا بلغت قيمتها نحو 101 مليار دولار في نهاية عام 2013، كما حقق أرباحا صافية قدرها 1.2 مليار دولار العام الماضي.

وسيكون سهم الأهلي التجاري ثالث أكبر سهم في البورصة السعودية، كما سيصبح المصرف ثاني أكبر مصرف من حيث قيمته في السوق، علما بأن الراجحي هو أكبر البنوك المدرجة حاليا في البورصة، إذ تبلغ قيمته السوقية 30.8 مليار دولار.

مصرف ملتح

يترقب المستثمرون تدشين الطرح منذ إعلان وزير المالية السعودي، إبراهيم العساف، في فبراير/شباط الماضي، عن خطط إدراج الأهلي التجاري.

وتزداد أهمية الطرح بفضل توقيته، حيث يأتي قبل أن تفتح هيئة السوق المالية البورصة أمام الاستثمار المباشر من المؤسسات المالية الأجنبية في النصف الأول من العام المقبل.

غير أن علماء بارزين أصدروا فتاوى تحرم الاكتتاب في أسهم أقدم مصرف في المملكة، بحجة أن "قوائمه المالية تنطوي على معاملات ربوية ومحرمة".

وقال الشيخ عبد الله المطلق، عضو هيئة كبار العلماء، خلال برنامج تلفزيوني أذيع في وقت سابق من هذا الأسبوع، ردا على سؤال بشأن جواز الاكتتاب في أسهم البنك التجاري: "الذي يظهر لي الآن أنه لا يجوز لأنه ما يزال عند البنك معاملات محرمة كثيرة جدا".

وأضاف المطلق: "هذا البنك عملاق والدولة تملك فيه أجزاء كبيرة، ويعتبر من البنوك الرائدة في المملكة، والله يؤسفنا أن نقول للناس لا يجوز، لكن ديننا غالب.. نسأل الله تعالى أن يوفق المسؤولين في البنك وفي المؤسسات المصرفية أن يهيئوا الأجواء المناسبة لإخوانهم المستثمرين بالطرق المباحة شرعا".

كما حرم الشيخ سعد الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود، أيضا الاكتتاب في أسهم الأهلي التجاري، حيث رأى أن نشرة الإصدار تضمنت "نسبة كبيرة من القروض والتمويلات المحرمة وسندات دين بفوائد ربوية".

وفي يوليو/تموز الماضي، قال الشيخ محمد بن سعود العصيمي، الذي يتابع عدد كبير من المتعاملين في البورصة آراءه عن كثب للاستثمار في الشركات المتوافقة مع الشريعة، إنه "لا يجوز شرعا" الاكتتاب في أسهم الأهلي التجاري لأن المصرف "يشغّل نحو 50% من الودائع في جوانب محرمة".

وفي المقابل، يرى الشيخ عادل الكلباني، إمام الحرم المكي سابقا، في تغريدة له على موقع "تويتر" أن البنك الأهلي التجاري مثله مثل مصرف الراجحي، مشبها المصرفين بشخص ملتح وآخر بدون لحية، في إشارة للطابع الإسلامي لمصرف الراجحي.

وكتب الكلباني: "مسكين هذا المواطن... إن اكتتب قالوا ما فيك دين وإن ما اكتتب قالوا ما عندك وطنية. الواقع أن الراجحي مثل الأهلي بس ذاك ملتح وهذا حليق".
ولم يعلق مسؤولون في الأهلي التجاري على آراء العلماء بشأن هذا الاكتتاب.


الاقتصاديون متفائلون

أبدى خبراء اقتصاديون تفاؤلهم بتغطية كبيرة للاكتتاب، نظرا لقوة البنك ومتانة أسسه المالية وما يوفره من فرصة استثمارية كبيرة.

وقال الاقتصادي البارز عبد الوهاب أبو داهش: "في المصرفية ليس هناك ما يسمى بنك إسلامي أو تقليدي. هناك منتجات متوافقة مع الشريعة قد تختلف من لجنة شرعية لأخرى في إجازتها".

وتابع قائلا: "أعتقد أن الاكتتاب سيغطى بأكثر من 50 مليار ريال. البنك مر بعملية تنظيف للقوائم المالية منذ عام 1990، وهو واحد من أفضل البنوك السعودية أداء، ولديه قوائم مالية قوية جدا، وهذا يدعو للاطمئنان".

كما اعتبر رئيس الأبحاث لدى الاستثمار كابيتال، مازن السديري، أن "التصادم بين المشايخ والاقتصاد أمر سلبي من قديم الأزل، لكن ذلك لن يمنع المواطن العادي من المشاركة في الاكتتاب وتغطيته بأكثر من مرة".

ولم تقف الآراء الدينية حائلا دون خلق قطاع مصرفي قوي في المملكة، لكن تطوير نواح أخرى في الاقتصاد، مثل قطاع التأمين الصحي والرهن العقاري، لا يزال بطيئا بسبب الآراء الدينية.
المساهمون