تناقلت وسائل الإعلام التونسية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، منذ يومين، استنكار وتنديد سكّان مدينة صفاقس، ومثقّفين في مختلف مناطق البلاد، على خليفة وضع لافتة إشهارية فوق لوحة حائطية في مبنى البريد في صفاقس، وهو ما رأى فيه هؤلاء تغليباً للمنافع المادية على جمالية المدينة.
كان "اتحاد الفنّانين التشكيليين التونسيين" قد أصدر أمس بيان استنكار وُجّه إلى الرأي العام وإدارة البريد في مدينة صفاقس. جاء في البيان أن ما جرى "اعتداء صارخ على معالم مدينة صفاقس وطمس لتاريخها، واحتقار للثقافة والمثقّفين".
يضيف البيان على لسان الهيئة المديرة للاتحاد: "نحمّل المسؤولية كاملة لإدارة البريد، لإعادة هذا العمل الفني إلى مكانه، والاعتذار عن هذا الاعتداء الصارخ على إبداعات أحد أهمّ مبدعينا، كما نحمّل المسؤولية كاملة إلى وزارة الثقافة التي من واجبها حماية هذه الإبداعات التاريخية في كامل تراب الجمهورية وتتبّع المعتدين".
للإشارة، فإن اللوحة الجدارية التي وُضعت في ستينينات القرن الماضي كانت تعاني هي الأخرى من الإهمال، حتى بدت متفسّخة في السنوات الأخيرة، خصوصاً وأنها تعتمد على الخطوط المعدنية السوداء، التي تقتضي تقنيات إضاءة محدّدة وصيانة منتظمة لتظل بارزة.
صاحب اللوحة هو الفنان التشكيلي التونسي زبيّر التركي (1924 - 2009)، أحد أبرز وجوه ما اصطلح على تسميته بـ "مدرسة تونس" في الرسم. اعتمد التركي على تقنية الرسم بالخطوط، وقام بتطويعها لعدة محامل. يُذكر هنا أن التركي مثّل في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي أحد أبرز منفّذي المشاريع الفنية للدولة حيث ظهرت أعماله في عدة مدن تونسية أعمها إنجازه لتمثال ابن خلدون في قلب تونس العاصمة. فكأن إهمال أعماله، ثم طمسها، إشارات عن نهاية مرحلة.
للمفارقة الساخرة، فإن مدينة صفاقس هي عاصمة الثقافة العربية 2016، وفيما لم تنطلق بعد فعاليات هذه التظاهرة ولم تظهر بعد برمجة واضحة لها، ها هي المدينة تشهد على انحسار أحد معالمها الثقافة.اقرأ أيضاً: صفاقس 2016: عاصمة بأي محتوى؟