تيلغرام يكسب الرهان في المنطقة العربية

03 مارس 2016
لا أعتقد أن منافسة تيلغرام ستقف هنا (مواقع التواصل)
+ الخط -
كم كبير من تطبيقات المحادثات تعج بها متاجر التطبيقات على اختلاف أنواع الأجهزة وأنظمة التشغيل، ونسمع بين الفينة والأخرى عن تطبيق محادثات جديد بمزايا معينة، وأصبح مجالا للتنافس والإبداع ومحاولة لاجتذاب أكبر قدر ممكن من المستخدمين، إلا أنه واقعيا بقي "واتسآب" متربعا على عرش هذه البرامج، والذي استطاع أن يقنع معظم مستخدمي هذه الهواتف باعتباره تطبيق المحادثات الأول.


تيلغرام برنامج محادثات له حضور مميز هو الآخر، إلا أنه لفترة قريبة لم يكن بمستوى الزخم الذي يحظى به واتسآب، ولكنه عرف بحسب مختصي أمن المعلومات أنه برنامج آمن للغاية، وسواء اتفقنا أم اختلفنا مع هذه الفرضية، إلا أنه اشتهر بذلك وكان معظم مستخدميه يتخذونه لهذا الغرض، حرصا منهم على استخدام كل إمكانات الأمان التي يحتويها.

داعش وتيلغرام
لن أخوض في هذا المقال عن المستوى الاحترافي لاستخدام داعش شبكات التواصل الاجتماعي، فهذا شأن سأوليه اهتماما في مقالات أخرى قادمة، إنما أود القول إن أول من استخدم هذا التطبيق بشكل احترافي حقيقي كانت هذه الجماعة، خصوصا بعد تضييق موقع تويتر بشكل كبير على حساباتهم، انتقلوا على إثرها إلى تيلغرام مستغلين "قنواته" أو ما يعرف بالـ Channels بشكل احترافي، وليس هذا وحسب بل إنهم قاموا - بقصد أو بدون قصد - بتوجيه الرأي العام تجاه التطبيق، فبعد استخدامهم له، أكبر الشبكات الإعلامية والمواقع الإخبارية والمجلات والمبادرات وحتى المشاهير قاموا بفتح قنواتهم الخاصة عليه. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تيلغرام تنبه إلى الانتشار الفيروسي لهذه القنوات، ويعمل بشكل مستمر على التضييق عليها وإغلاقها.

تيلغرام يكتسح
فجأة استيقظ فريق تيلغرام على هجوم كاسح على تحميل تطبيقهم في المنطقة العربية، عدد القنوات ارتفع بشكل كبير، بالموازاة تماما مع ازدياد عدد المستخدمين بشكل كبير، فمن خلالهم استطاعت كبرى المؤسسات الإعلامية أن تقدم خدمات مميزة للغاية، لربما كان مستخدم الهواتف الذكية يدفع عليها رسوم اشتراك لشركات الاتصال حتى يحصل عليها، محققين بذلك معادلة مميزة جدا: بدل أن يتوجه المستخدم للمنصات للحصول على الأخبار أو التقارير، أصبحت هي من تذهب إليه دون أن يبذل أدنى جهد من خلال تيلغرام ومزاياه، فأصبحت كبرى هذه المؤسسات الإعلامية على اختلاف أشكالها المرئية أو المقروءة ترسل من خلال قنواتها على التطبيق جديد الأخبار والصور والفيديوهات والروابط لحظة بلحظة، ويستطيع المستخدم تحميلها وحفظها بشكل سهل وسريع.

امتعاض شركات الاتصال
هذه الخدمات وغيرها يبدو أنها لم ترق بعض شركات الاتصالات، خصوصاً أن هذه الخدمات كان كثير من عملائها يدفعون عليها مبالغ للحصول عليها، وما إن انتشرت ظاهرة تيلغرام حتى استغنوا عنها بشكل نهائي ما دفعها بشكل فج إلى أن تقوم بالتضييق على التطبيق، فبعضها أوقف تشغيله أصلا، وآخرون أضعفوا سرعة التحميل فيه إلى درجة كبيرة، وهو ما دفع تيلغرام للعمل بشكل جاد على تحديثات قادمة لحل هذه المعضلة.

واتسآب يشعر بالخطر
رغم أن مارك زوكربيرغ أعلن مؤخرا وصول عدد مستخدمي تطبيق واتسآب إلى مليار مستخدم شهرياً، مع ذلك كان واضحاً جداً أن هناك تضايقاً من ظهور منافس قوي على الساحة وبدأ يحظى بجمهور كبير ورضى تام عن خدماته، بل وخلق مقارنات واضحة من قبل المستخدمين عن مدى تطور خدمات تيلغرام عن واتسآب في كثير من الجوانب، ما دفعها إلى عدم السماح بتداول "روابط قنوات تيلغرام" عبر تطبيقها في رسالة واضحة وصريحة مفادها "وجودكم يزعجنا".

لماذا تيلغرام؟
يتساءل بعضهم لماذا تيلغرام أفضل، لن أتحدث حقيقة عن الأمان والتشفير العالي الذي يؤكده كبار مختصي أمن المعلومات، فهو شأن ليس من اختصاصي، إلا أن هناك العديد من المزايا والمقارنات الواضحة بينه وبين واتسآب تجعل من تيلغرام خيارا أفضل، فعلى سبيل المثال لا الحصر تيلغرام لا يتيح إرسال الوسائط فقط، بل أيضا الملفات بأشكال مختلفة وبمساحة تصل إلى 1.5 غيغا، في حين أن واتسآب لا يتيح إلا إرسال الوسائط وبمساحة لا تتعدى 15 ميغا، يمكن استخدام تيلغرام من أكثر من جهاز في حين واتسآب لا يتيح إلا من خلال جهاز واحد، تيلغرام يدعم المحادثات السرية ويتيح استخدام الصور المتحركة، ويدعم فكرة الروابط والمنشن، واتسآب لا يتيح كل ذلك، وغيرها الكثير!

لا أعتقد أن منافسة تيلغرام ستقف هنا، ولا أظن أنه سيكتفي بهذا القدر من التحديثات والتطويرات المستمرة، تيلغرام مبدئيا لم يعد مجرد برنامج محادثات، بل بدأ يتعامل بمنطق منصة تواصل اجتماعي تتخذها كبرى المؤسسات الإعلامية وسيلة رئيسية للتواصل مع جمهورها وتسويق محتواها وإنتاجها، والتساؤل المشروع الآن يبقى.. تيلغرام إلى أين؟

(سورية)