تونس: هل يستقيل محمد الناصر من رئاسة البرلمان؟

08 يناير 2015
الناصر متكلماً أثناء تسمية رئيس الحكومة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
علمت "العربي الجديد"، أن "رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، المنتخب عن حزب نداء تونس، قد يغادر موقعه في المجلس إلى الحزب، بعد تعيينه رئيساً بالنيابة حتى المؤتمر الحزبي المقبل بعد حوالي ستة أشهر".

وتؤكد بعض المعلومات أنه "من الصعب جداً على الناصر أن يضطلع بالمهمتين الشاقتين في نفس الوقت، على الرغم من كفاءته العالية وتجربته الكبيرة وحجم التقدير الكبير، الذي يحظى به لدى أنصار حزبه، وحتى لدى معارضيه من الأحزاب الأخرى".

وعمد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، إلى تسليم المسؤولية للناصر، بعد وصوله إلى قصر قرطاج، في ظرفٍ يستعدّ فيه الحزب لعقد أول مؤتمر له منذ تأسيسه. كما جاء وقت التسليم في ظرفٍ يتسم بحالة من التجاذبات الكبيرة بين مختلف مكوّناته وشخصياته الأبرز، عشية تشكيل الحكومة وعقد تحالفات مع بقية الأحزاب، في ظلّ خلافات نجحت قيادة الحزب إلى حدّ الآن في السيطرة عليها واحتوائها وكبح بعض مطامحها الشخصية.

ودفع كل هذا، الناصر إلى الالتحاق بندوة الحمامات، التي عقدتها كتلة الحزب النيابية، من دون الرجوع إلى القيادة أو أخذ موافقتها. وهدفت الندوة أساساً، وفق ما ذكر بعض المشاركين فيها، إلى "إضفاء المزيد من دمقرطة الحزب"، و"الانصات بجدية لرأي النواب وعدم التعامل معهم بشكل فوقي". ما حدا بأحد قياديي الحزب إلى اعتبار ندوة الحمامات "تمرّداً وبداية انقلاب".

ولكن حضور الناصر في اليوم الثاني، رجّح كفّة "الحمائم" داخل الحزب، وتمكن الحاضرون من الاتفاق على آليات، تمكن من إيجاد تناغم بين إدارة الحزب ونوابه في البرلمان. وهو ما يؤكد قدرة الرجل، على إطفاء الحرائق التي تشتعل هنا وهناك من ناحية، وعلى الاحترام الذي يحظى به في صفوف حزبه، من ناحية أخرى. وذلك على الرغم من التحاقه بالحزب بشكل متأخر، بعد الحوار الوطني، الذي كاد أن يقوده إلى رئاسة الحكومة التونسية آنذاك، قبل تعيين مهدي جمعة.

وتجعل كل هذه الظروف الداخلية التي يمرّ بها حزب "نداء تونس"، المهمة صعبة على الناصر. خصوصاً مع ما سيطرحه المؤتمر الحزبي المقبل في خصوص خلافة السبسي على رأس الحزب، وهو الشخصية المحورية، التي قامت عليها فكرة "نداء تونس"، بالإضافة إلى أن الخليط النوعي الذي يمثله الحزب من تيارات فكرية وتجارب سياسية متنوعة، تجعل من مهمة الناصر في الأشهر القليلة المقبلة صعبة للغاية، وتتطلّب جهداً كبيراً وتفرّغاً كاملاً لإدارة كل هذه الملفات الحساسة في نفس الوقت. وذلك للنجاح في المحافظة على تماسك الحزب وعدم تشتته وادارة التناقضات الكبيرة التي يشهدها، تحديداً أمام امتحانات الحكم العسيرة والمتعددة، التي ستضعه على المحك.

فقد أظهرت التجارب في تونس وخارجها، أن تكلفة الامتحانات عادة ما تكون باهظة على أحزاب قديمة ومتماسكة، فكيف بحزب لم يعقد بعد مؤتمره الأول على رغم نجاحه في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي بيّنت وجود قاعدة شعبية عريضة، ينبغي تحصينها من التآكل الذي قد تفرضه المشاكل وأبرزها تجربة الحكم.

وبالعودة إلى مجلس نواب الشعب، الذي يرأسه الناصر، فإنه سيعاني بعض الشيء، لكثرة المهام والقوانين التشريعية، وأبرزها "قانون مكافحة الإرهاب" و"الميزانية التكميلية" و"انتخاب أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة" لتعويض المنسحبين، علاوة على مواكبة النظام الداخلي والقوانين العادية، التي يفرضها المسار الاعتيادي للدولة والقوانين الاصلاحية للقطاعات المتردية في البلاد.

وأفاد مراقبون لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يكن خافياً على السبسي، عندما عيّن الناصر في الحزب، أنه يستحيل على رجل واحد إتمام المهمتين معاً، رئاسة مجلس نواب الشعب ورئاسة حزب نداء تونس، ولكنه لم يكن خافياً على السبسي أيضاً أنه سيغادر الحزب إلى قصر قرطاج، ليكون رئيساً لكل التونسيين. وهو ما يقود إلى استنتاج أن السبسي، ربما ينوي بالفعل أن يتفرغ الناصر للحزب".

واعتبروا أنه "يُمكن أن يكون هناك مفاجأة سياسية من الحجم الثقيل، من نوع وجود اتفاق مسبق بين السبسي وحركة النهضة، يتمّ بمقتضاه خروج النداء من رئاسة البرلمان، بعد فوزه بالرئاسة، من أجل احداث توازن بين السلطات وتقديم الدليل القاطع على أن نداء تونس لا يريد الاستئثار بكل الرئاسات، ونفي تهمة التغوّل بشكل نهائي. لكنها مجرّد استنتاجات فقط".
المساهمون