تزيد الأزمة الاقتصادية وصعوبة النفاذ إلى القروض المصرفية من لجوء المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس إلى الصكوك البنكية (شيكات ضمان)، ما تسبب في مفاقمة عدد قضايا الشيكات من دون رصيد التي تحال على دوائر القضاء التونسي نتيجة التعثر في سداد المبالغ المستحقة.
ويشكو صغار المستثمرين والتجار من ارتفاع مخاطر الشيكات بلا رصيد وتراجع الثقة في الصكوك البنكية التي تحوّلت من وسيلة دفع رسمية إلى أداة للتهرب من الخلاص أو التحايل لدى بعضهم.
ويعيش المستثمرون التونسيون صعوبات مالية كبيرة تدفع بعضهم إلى المخاطرة بإصدار صكوك بنكية لضمان معاملاتهم أو تأجيل الدفع.
ولا ينكر صاحب مؤسسة صغرى، هو ياسين القلعي، مجازفته في أكثر من مناسبة بإصدار شيك دون توفر الرصيد الكافي في حسابه البنكي لتغطية مبلغ الصك، مؤكدا في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه يخاطر من أجل ضمان ديمومة مؤسسته التي أحدثها منذ ثلاث سنوات.
وقال القلعي إن البنوك لا تقدم لصغار المستثمرين والتجار السيولة الكافية لإجراء معاملاتهم الاقتصادية، ما يدفعهم لاستعمال الشيكات كوسائل ضمان أو دفع مؤجّل، مؤكدا فقدان الصك لقيمته حتى كوسيلة ضمان نتيجة تذمر المزودين بسبب الارتفاع غير المسبوق في الشيكات دون رصيد.
وأضاف القلعي أن شح السيولة في المصارف والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تونس تدفعهم نحو مخالفات قانونية والتورط في قضايا الشيكات، معتبرا أن الاستثمار في تونس حاليا مجازفة غير محمودة العواقب.
وأفاد بأن مؤسسته التي تزوّد دوائر حكومية ببعض المستلزمات تعاني من تأخر في خلاص فواتيرها، مؤكدا أن هذا التأخير يفوق الستة أشهر في بعض الأحيان، ما يضطره إلى دفع شيكات ضمان للمصانع التي يتزود منها، غير "أن الجرة لا تسلم كل مرة"، حسب قوله.
ورجّح المتحدث أن تتفاقم في السنوات القادمة قضايا الشيكات دون رصيد بفعل الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها تونس، مؤكدا أن هذا السند المالي بصدد فقدان قيمته، وهو ما يمثل خطرا كبيرا على جميع المتعاملين الاقتصاديين، بحسب قوله.
وتشير بيانات رسمية حصلت عليها "العربي الجديد"، من مصالح الإحصاء في وزارة العدل إلى تسجيل زيادات سنوية في عدد قضايا الشيكات من 120 ألف قضية في السنة القضائية 2014/ 2015 إلى 173 ألفاً خلال 2016/ 2017 ثم إلى 193 ألفاً في 2017/ 2018.
ولم تذكر البيانات الرسمية لوزارة العدل التونسية أي تفصيل عن القضايا التي تتعلق بالأفراد أو الشركات، فيما يؤكد محامون لـ"العربي الجديد"، أن أغلب عملائهم في قضايا الشيكات هم من صغار المستثمرين والتجار.
ويقدر عدد المتورطين في قضايا شيكات بدون رصيد بأكثر من 50 ألف شخص، منهم ما لا يقل عن 10 آلاف متورط في قضايا شيكات خارج تونس رغم إقرار العديد من الإجراءات بشأنهم، بحسب منظمات قانونية.
ويقول الخبير المالي محسن حسن إن الصكوك البنكية سندات مالية مهمة ويتم التعامل بها وفقا لقوانين ملزمة لجميع الأطراف، غير أن هذه المعاملات لا تخلو من انحرافات، بحسب تصريحه لـ"العربي الجديد".
وأقرّ حسن بمواجهة المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تشكل أكثر من 50 في المائة من النسيج الاقتصادي، صعوبات كبيرة في غياب تمويلات ميسرة من البنوك لمساعدة هذه المؤسسات للحصول على قروض الاستثمار والاستغلال.
ودعا حسن إلى ضرورة المسارعة للحد من تزايد قضايا الشيكات دون رصيد من الجانبين الاقتصادي والقانوني لحماية المؤسسات الاقتصادية والأفراد، مشددا على ضرورة النزول بآجال خلاص المزودين من 120 يوما حاليا إلى 60 يوما على أقصى تقدير.
اقــرأ أيضاً
وطالب الخبير المالي بضرورة مراجعة التشريعات الخاصة بالصكوك البنكية عبر تجريم استعمالها كآلية للضمان والدفع المؤجل، وضبط آجال قصوى لإصدار الأحكام المتعلقة بقضايا الشيكات دون رصيد.
كما اقترح الخبير المالي تغيير صيغة جرائم الشيكات من قضايا جزائية إلى قضايا مدنية، على غرار ما هو معمول به في أغلب دول العالم، معتبرا أن التقاضي المدني يسهل عملية الخلاص وتحصيل جميع الأطراف لحقوقها.
وأكد أن منع رجال أعمال من الحصول على شيكات أو منعهم من السفر يعود بالضرر على المؤسسات والاقتصاد المحلي.
ويمنح القانون التونسي لمصدر الشيك دون رصيد أجل 3 أشهر لتسوية وضعيته تجاه البنك. وبحسب آخر تحديث للشركة المصرفية المشتركة للمقاصة، يمثل التعامل عبر الشيكات البنكية 23 بالمائة من مجموع المعاملات المالية، كما يبلغ عدد الشيكات المصدرة بتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي 96237 شيكا.
وتقول المندوبة العامة للجامعة التونسية للبنوك والمؤسسات المالية، منى سعيّد، إن القانون التونسي الخاص بالشيكات يوفر ضمانات مهمة للمتعاملين بهذه الآلية، مشيرة إلى أن ارتفاع المخاطر وزيادة قضايا الشيكات دون رصيد مرده سوء التقدير لدى بعض المؤسسات أو الأفراد.
وأضافت في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المصارف تسعى إلى إضفاء مرونة في التعامل بآلية الشيك عبر توفير المهلة القانونية للعملاء لتسوية وضعياتهم قبل إحالة الملفات إلى القضاء بعد انتهاء آجال التسوية.
ويشكو صغار المستثمرين والتجار من ارتفاع مخاطر الشيكات بلا رصيد وتراجع الثقة في الصكوك البنكية التي تحوّلت من وسيلة دفع رسمية إلى أداة للتهرب من الخلاص أو التحايل لدى بعضهم.
ويعيش المستثمرون التونسيون صعوبات مالية كبيرة تدفع بعضهم إلى المخاطرة بإصدار صكوك بنكية لضمان معاملاتهم أو تأجيل الدفع.
ولا ينكر صاحب مؤسسة صغرى، هو ياسين القلعي، مجازفته في أكثر من مناسبة بإصدار شيك دون توفر الرصيد الكافي في حسابه البنكي لتغطية مبلغ الصك، مؤكدا في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه يخاطر من أجل ضمان ديمومة مؤسسته التي أحدثها منذ ثلاث سنوات.
وقال القلعي إن البنوك لا تقدم لصغار المستثمرين والتجار السيولة الكافية لإجراء معاملاتهم الاقتصادية، ما يدفعهم لاستعمال الشيكات كوسائل ضمان أو دفع مؤجّل، مؤكدا فقدان الصك لقيمته حتى كوسيلة ضمان نتيجة تذمر المزودين بسبب الارتفاع غير المسبوق في الشيكات دون رصيد.
وأضاف القلعي أن شح السيولة في المصارف والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تونس تدفعهم نحو مخالفات قانونية والتورط في قضايا الشيكات، معتبرا أن الاستثمار في تونس حاليا مجازفة غير محمودة العواقب.
وأفاد بأن مؤسسته التي تزوّد دوائر حكومية ببعض المستلزمات تعاني من تأخر في خلاص فواتيرها، مؤكدا أن هذا التأخير يفوق الستة أشهر في بعض الأحيان، ما يضطره إلى دفع شيكات ضمان للمصانع التي يتزود منها، غير "أن الجرة لا تسلم كل مرة"، حسب قوله.
ورجّح المتحدث أن تتفاقم في السنوات القادمة قضايا الشيكات دون رصيد بفعل الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها تونس، مؤكدا أن هذا السند المالي بصدد فقدان قيمته، وهو ما يمثل خطرا كبيرا على جميع المتعاملين الاقتصاديين، بحسب قوله.
وتشير بيانات رسمية حصلت عليها "العربي الجديد"، من مصالح الإحصاء في وزارة العدل إلى تسجيل زيادات سنوية في عدد قضايا الشيكات من 120 ألف قضية في السنة القضائية 2014/ 2015 إلى 173 ألفاً خلال 2016/ 2017 ثم إلى 193 ألفاً في 2017/ 2018.
ولم تذكر البيانات الرسمية لوزارة العدل التونسية أي تفصيل عن القضايا التي تتعلق بالأفراد أو الشركات، فيما يؤكد محامون لـ"العربي الجديد"، أن أغلب عملائهم في قضايا الشيكات هم من صغار المستثمرين والتجار.
ويقدر عدد المتورطين في قضايا شيكات بدون رصيد بأكثر من 50 ألف شخص، منهم ما لا يقل عن 10 آلاف متورط في قضايا شيكات خارج تونس رغم إقرار العديد من الإجراءات بشأنهم، بحسب منظمات قانونية.
ويقول الخبير المالي محسن حسن إن الصكوك البنكية سندات مالية مهمة ويتم التعامل بها وفقا لقوانين ملزمة لجميع الأطراف، غير أن هذه المعاملات لا تخلو من انحرافات، بحسب تصريحه لـ"العربي الجديد".
وأقرّ حسن بمواجهة المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تشكل أكثر من 50 في المائة من النسيج الاقتصادي، صعوبات كبيرة في غياب تمويلات ميسرة من البنوك لمساعدة هذه المؤسسات للحصول على قروض الاستثمار والاستغلال.
ودعا حسن إلى ضرورة المسارعة للحد من تزايد قضايا الشيكات دون رصيد من الجانبين الاقتصادي والقانوني لحماية المؤسسات الاقتصادية والأفراد، مشددا على ضرورة النزول بآجال خلاص المزودين من 120 يوما حاليا إلى 60 يوما على أقصى تقدير.
وطالب الخبير المالي بضرورة مراجعة التشريعات الخاصة بالصكوك البنكية عبر تجريم استعمالها كآلية للضمان والدفع المؤجل، وضبط آجال قصوى لإصدار الأحكام المتعلقة بقضايا الشيكات دون رصيد.
وأكد أن منع رجال أعمال من الحصول على شيكات أو منعهم من السفر يعود بالضرر على المؤسسات والاقتصاد المحلي.
ويمنح القانون التونسي لمصدر الشيك دون رصيد أجل 3 أشهر لتسوية وضعيته تجاه البنك. وبحسب آخر تحديث للشركة المصرفية المشتركة للمقاصة، يمثل التعامل عبر الشيكات البنكية 23 بالمائة من مجموع المعاملات المالية، كما يبلغ عدد الشيكات المصدرة بتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي 96237 شيكا.
وتقول المندوبة العامة للجامعة التونسية للبنوك والمؤسسات المالية، منى سعيّد، إن القانون التونسي الخاص بالشيكات يوفر ضمانات مهمة للمتعاملين بهذه الآلية، مشيرة إلى أن ارتفاع المخاطر وزيادة قضايا الشيكات دون رصيد مرده سوء التقدير لدى بعض المؤسسات أو الأفراد.
وأضافت في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المصارف تسعى إلى إضفاء مرونة في التعامل بآلية الشيك عبر توفير المهلة القانونية للعملاء لتسوية وضعياتهم قبل إحالة الملفات إلى القضاء بعد انتهاء آجال التسوية.