تونس تسعى لشراكات مع تركيا ودول أوروبية للنفاذ إلى أسواق أفريقيا

17 يناير 2018
تونس تبحث زيادة صادراتها إلى أفريقيا (فرانس برس)
+ الخط -


تسعى بلدان عديدة إلى الاستفادة من موقع تونس للنفاذ إلى القارة الأفريقية، سواء في إطار شراكة اقتصادية أو عبر استغلال المنصات التونسية كمنطقة عبور نحو سوق به نحو مليار مستهلك، فيما تدرس الحكومة التونسية عروض الشراكات الثنائية الأنسب لمساعدة اقتصاد البلاد على الخروج من وضعه الصعب.

ومثّل هذا الملفُ محورَ نقاشٍ مع عدد من القيادات التي زارت تونس، مؤخراً، على غرار الرئيسين، الفرنسي إيمانويل ماكرون والتركي رجب طيب أردوغان، اللذين عبّرا عن رغبتهما في الوقوف إلى جانب تونس ومساعدتها من أجل تحسين حظوظها لضمان موطئ قدم في هذه السوق، فيما يشتد السباق بين كبرى اقتصاديات العالم لغزوها.

وخلال سنة 2017 كثفت الحكومة مساعيها من أجل عقد شراكات متنوعة مع عدد من البلدان الأفريقية، فضلاً عن إبرام اتفاقيات تبادل تجاري وتعزيز خطوطها الجوية والبحرية نحو عدد من بلدان القارة، بما يسهل انسياب السلع وتنقل الأشخاص بينهما.

ويعتبر خبراء الاقتصاد، أن التركيز التونسي على السوق الأفريقية وموقعها الاستراتيجي الرابط بين القارتين (الأوروبية والأفريقية) يوفر لها نوعاً من الامتياز الذي لا تتمتع به دول أخرى، ما يفسر رغبة دول أوروبية على غرار فرنسا، وتركيا وآسيوية على غرار الصين بالمرور إلى السوق الأفريقية عبر البوابة التونسية.

وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي محسن حسن لـ "العربي الجديد" إن هناك توجهاً عالمياً نحو السوق الأفريقية يجب أن تكون تونس جزءاً منها سواء عبر إمكانياتها الخاصة أو في إطار تحالفات اقتصادية تقوم على مبادئ الربح المشترك، مشيراً إلى أن الدول التي تسعى إلى استغلال موقع تونس للنفاذ إلى السوق الأفريقية تدرك جيداً الإمكانيات التونسية في هذا المجال.




وأضاف حسن، أن فتح خطوط جوية وبحرية جديدة في اتجاه دول أفريقية سيمكن الاقتصاد التونسي من تحقيق قيمة مضافة عبر تنشيط خطوط النقل والسياحة في البلاد، معتبراً أن الدول التي تمثل مناطق عبورٍ بين قارتين أو أكثر تستفيد كثيراً من الامتياز التفاضلي.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى وجود ثلاثة محاور رئيسية يمكن لتونس الاعتماد عليها هي دعمٌ لضمان تواجدها الدائم في السوق الأفريقية سواء عبر الاستثمارات التونسية في القارة أو تحويل تونس لقاعدة تصدير منتجات دول أخرى لأفريقيا مثل الصين وتركيا والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تشجيع التصدير للبلدان الأفريقية.

ولا يخفي حسن، وجود منافسة مع دول مغاربية أخرى قادرة على تحويل وجهة الشركاء الاقتصاديين الجدد لتونس على غرار المغرب مستندةً في ذلك إلى أسبقيتها في السوق الأفريقية وامتلاكها لأذرع مالية قادرة على مرافقة المستثمرين وفق قوله.

ويعتبر الخبير أن السوق الأفريقية هي أحد الحلول الممكنة للخروج من الأزمة الاقتصادية إذ هناك مليار مستهلك في القارة السمراء التي تتزاحم عليها الدول من كل العالم.

وفي الفترة الأخيرة حركت الحكومة التونسية دبلوماسيتها الاقتصادية في جمع اتجاهات جديدة، ما يمكّنها من جلب حلفاء اقتصاديين.

وتستعد تونس في الفترة القادمة للانضمام للسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا "مجموعة الكوميسا" ما سيدفع صادرات البلاد خارج الأسواق الأوروبية التقليدية في إطار سعي حكومي لتعديل الميزان التجاري.

كما نالت تونس مؤخراً صفة عضو ملاحظ في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والتي تشكل مع الكوميسا سوقاً استهلاكية تتوفر على 300 مليون مستهلك.

وتعد الكوميسا واحدة من أبرز الأسواق المشتركة في العالم إذ تضم 19 بلداً من دول شرق أفريقيا. وتنص الاتفاقية الإطارية على تحرير المنتجات الزراعية والصناعية والخدمات بين الدول الأعضاء.

ووفقاً لوكالة "إيكوفين" للدراسات الاقتصادية في القارة السمراء، فإن منطقة المغرب العربي تلتفت أكثر نحو منطقة الصحراء، في مقابل تراجع اهتمامها بالبحر الأبيض المتوسط. وقد تطور هذا الاهتمام إلى سباق حقيقي بين المغرب وتونس والجزائر من أجل غزو الأسواق الأفريقية والحصول على نصيب من هذه القارة.

في المقابل، يرى رئيس مجمع رجال الأعمال "كونكت" طارق الشريف أن تونس في حاجة أكثر من حلفائها الاقتصاديين للنفاذ للسوق الأفريقية، مشيراً إلى أن رغبة عدد من البلدان لاستغلال تونس كمحطة عبور نحو القارة السمراء سيكون لها أثر إيجابي على الاقتصاد التونسي بما في ذلك مساعدتها على تحسين إمكانياتها في النقل لا سيما منها المتعلقة بالبنية التحتية على غرار المطارات والموانئ.

وأضاف الشريف أن الحكومة مدعوة إلى تثمين كل الفرص التي تعرض عليها من دول أوروبية أو آسيوية للدخول المشترك للقارة الأفريقية، مؤكداً في حديث لـ"العربي الجديد" على محدودية الإمكانيات التونسية للمنافسة المنفردة في هذه السوق التي تستقطب أنظار أكبر الاقتصاديات في العالم، وفق قوله.

ووفق بيانات رسمية، لا يتجاوز حجم التجارة التونسية مع دول القارة نحو 5% من حجم المبادلات التجارية، بينما تبلغ أكثر من 50% مع أوروبا.

وتعتبر القارة السمراء التي ينمو اقتصادها بمعدل 5.8 % سنوياً، وفق طارق الشريف طوق نجاة للاقتصاد التونسي للتخلص من تبعات اقتصاره لعقود على أسواق تقليدية استنفدت إمكانيات التوسع فيها.


المساهمون