تونس: سحب لائحة اللوم ضد التطبيع.. وغضب نيابي

09 مايو 2014
كربول وصفر خلال جلسة المساءلة العلنية(فتحي بلعيد/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
تخلّى المجلس التأسيسي التونسي، اليوم، عن فكرة التصويت على سحب الثقة من وزيرة السياحة، أمال كربول، والوزير المكلّف بالأمن، رضا صفر، على خلفية لائحة اللوم التي تقدّم بها عدد من النواب في حقّهما بسبب "التطبيع مع إسرائيل".

وأوضحت المصادر أنّ رؤساء الكتل وممثلي المجموعات النيابية تشاوروا في ما بينهم حول إمكانية سحب لائحة اللوم، التي تفرض التصويت على سحب الثقة أو عدم سحبها، وإصدار بيان يتضمّن توصيات موجّهة للحكومة بخصوص مسألة السياسة الخارجية لتونس وعلاقاتها مع إسرائيل.

وتقدّم 81 نائباً، في 25 أبريل/ نيسان الماضي، بلائحة لوم بحق الوزيرين على خلفية السماح لـ61 سائحاً إسرائيلياً بالدخول إلى تونس.

وكانت جلسة المساءلة البرلمانية قد انعقدت، بعد جدل دام أياماً عدة، صباح اليوم، وانتهت في ساعة متأخرة من الليل.

وافتتح الجلسة الصباحية، النائب فيصل الجدلاوي، (الذي قاد هذه الحملة منذ بدايتها)، وقال إن "التونسيين لم يقوموا بثورة من أجل التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، ولكي يكون أول إجراء ثوري هو إصدار مذكرة تسمح بدخول الإسرائيليين إلى بلادنا". 

وتساءل النائب أياد الدهماني: "كيف يدخل إسرائيلي إلى تونس وعجوز فلسطينية تصطدم بحواجز المعابر؟ وأضعف الإيمان هو أن نقاطع الكيان الصهيوني وألا تخيفنا فزّاعة الاقتصاد. وإذا كانت البرتغال والنرويج قد فسخت عقوداً اقتصادية مع إسرائيل بسب تماديها في الاستيطان فكيف لا نقاطع نحن؟".

وأضاف الدهماني، أن "كل الإسرائيليين، بما فيهم الذين قد يدخلون تونس، هم جنود احتياط في جيش الاحتلال، وبالتالي فهم ليسوا مجرد سياح، والنجاعة الاقتصادية لا تقوم على التنازلات لأن بابها إنْ فُتح فلن يُغلق أبداً".

وذكّر النائب عن "حركة النهضة"، الصحبي عتيق، بمبادئ تونس الأساسية والتزامها المطلق تجاه القضية الفلسطينية العادلة، وقال إن "ما كان استثنائياً في ميناء حوّله الوزير بمذكرته المعمّمة إلى قاعدة، وهو خطأ بالتأكيد".

من جهته، قال النائب عن حزب "التكتل"، المولدي الرياحي، إنه "ينبغي ألا نضيع البوصلة حتى في حالات الزوابع، وهدفنا هو الانتهاء من المرحلة الانتقالية، ولكن هناك خطأ ارتكبته وزارة الداخلية وعليها أن تعتذر".

في المقابل، دافع النائب من حركة "نداء تونس"، خميس قسيلة، عن الوزيرين، وقال إن "الحق أُلبس بالباطل وإن الوزيرين عوملا بمبدأ المُدانين إلى أن تثبت براءتهما، وإن هناك خطابات مبالغ فيها في حين لم يثبت التطبيع بعد".

أما النائب عن حزب "الوطنيين الديموقراطيين الموحد"، منجي الرحوي، فقد وجّه لومه إلى المجلس التأسيسي، وقال إن "فلسطين هي البوصلة، ولكن نواب التأسيسي ضيعوا الفرصة على أنفسهم عندما رفضوا تجريم التطبيع في الدستور".  

وفي ردّه على التدخلات أكّد الوزير المعتمد لدى وزارة الداخلية المكلف بالأمن، رضا صفر، أن تونس لم تتعامل مع جوازات سفر إسرائيلية، بل مع أشخاص، على اعتبار أن السياح القادمين في رحلات بحرية منظمة يستحصلون على تصريحات بالدخول لمدة 6 ساعات، ثم يكملون رحلاتهم الى دول أخرى.
وأضاف أن هناك ثلاثة أطراف معنية بالدخول إلى تونس في هذه الوضعية، وهم حجيج الغريبة وفلسطينيو 48 والسياح العابرون. وقال "إننا كلنا تونسيون وملتزمون بالدفاع عن القضية الفلسطينية ونحن لم نطبّع أبداً مع إسرائيل".

وقالت وزير السياحة، أمال كربول، في إطار إجابتها على لائحة اللوم، إن "ما ورد في اللائحة غير صحيح"، وإنها لم تذهب لاستقبال أي وفد سياحي في ميناء حلق الوادي، بل لم تذهب إليه منذ أن أصبحت وزيرة للسياحة.

وأضافت أنها حريصة على كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وبثوابت الحكومة المتعلقة بسيادة تونس، وأكدت أنها لا تعرف تونسياً واحداً لا يلتزم بالقضية الفلسطينية.

واعتبر كثير من النواب أن "تهمة التطبيع" قد سقطت عن الوزيرة، بما أنها لم تشارك في دخول الإسرائيليين بأي صفة. فيما أصرّ أخرون على أنها متورطة في التطبيع منذ اليوم الأول.

وقالت وزيرة السياحة إن هذه الأزمة تسببت في إلغاء عديد من الحجوزات السياحية الخاصة بالجولات البحرية، وأن جهات دولية كثيرة اتهمت تونس بالتمييز بين الديانات، وأن ذلك تسبّب في خسارة 500 ألف يورو على الأقل.

وأضافت أن "أربع شركات أميركية تتحكّم في مجال الجولات البحرية قد قررت إلغاء عقودها، علماً أن مليوني تونسي يعيشون من قطاع السياحة".

وبعد سلسلة من المداخلات التي كانت كلها تذكّر بوحشية إسرائيل وبالدم التونسي والفلسطيني الذي امتزج على الارض التونسية، وضرورة التصدي لكل محاولات التطبيع، قال الوزيران إنهما، والحكومة ككل، ملتزمون بما جاء في الدستور وبثوابت تونس في الدفاع عن القضية الفلسطينية.

وعندما كانت الجلسة تتجه إلى التصويت على لائحة اللوم، أعلن جزء كبير من النواب (الذين كانوا وقعوا عليها) عن سحب تواقيعهم، وبالتالي سقطت لائحة اللوم وجرى الاكتفاء ببيان يذكّر بأن دخول إسرائيليين إلى تونس مخالف للدستور.

وقد سبّب البيان حالة من الهرج والفوضى في القاعة من طرف نواب اعتبروا أن هذا يعدّ استهتاراً بالمجلس واستغلالاً للقانون من أجل القيام بحملة انتخابية ومهرجان خطابة ثم التراجع عن سحب الثقة.

ووافق رئيس المجلس، مصطفى بن جعفر، على سحب لائحة اللوم وتعويضها بالبيان، بطلب من رؤساء الكتل، الذي أقر بمصادقة 80 صوتاً، ورفعت الجلسة وسط حالة من الاحتجاج.

دلالات
المساهمون