تونس : زيادة متدرجة للوقود تجنباً لانفلات الأسعار

23 يونيو 2018
الحكومة تسعى لخفض الدعم (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

أقدمت الحكومة التونسية على إقرار زيادة جديدة فيأسعار الوقود بنسبة وصلت إلى 5.6% للمرة الثالثة خلال ستة أشهر، ضمن حزمة إصلاحات يطالب بها المقرضون الدوليون لخفض العجز.

ويظهر مسح أجرته "العربي الجديد" أن الحكومة التونسية رفعت أسعار الوقود بنحو 15.2% منذ إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في 2016 لتنفيذ برنامج اقتصادي، يتضمن تقليص الدعم وترشيد الإنفاق مقابل تمويل بقيمة 2.98 مليار دولار يصرف على مدى أربع سنوات.

وبينما اعتبر نقابيون وخبراء اقتصاد أن زيادة أسعار الوقود ستزيد من أسعار الكثير من السلع والخدمات، أكدت الحكومة أنها ضرورية لخفض العجز في الموازنة، كما رأها مستثمرون متدرجة للتحوط من انفلات معدلات التضخم في البلد الذي يشهد تزايدا في الأعباء المعيشية.

وكانت تونس رفعت أسعار البنزين والوقود في شهري مارس/ آذار ويناير/ كانون الثاني هذا العام. ووفق بيان لوزارة الطاقة والمناجم مساء الجمعة، يرتفع سعر البنزين الخالي من الرصاص (الرفيع) بـ 75 مليما (الدينار يحوي ألف مليم)، ليصبح 1925 مليما للتر(0.77 دولار)، بزيادة تبلغ نسبتها 4%.

كما يزيد السولار بدون كبريت بنفس القيمة، ليصبح السعر الجديد 1685 مليما للتر (0.674 دولار)، بزيادة نسبتها 4.6%، ويصعد سعر السولار العادي إلى 1405 مليمات للتر (0.562 دولار)، بزيادة 5.6%.

وذكرت الوزارة أن "هذه الزيادة تأتي في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار النفط ومشتقاته العالمية، حيث بلغ سعر النفط الخام خلال الثلاثي الثاني (الربع الثاني) من هذه السنة حوالي 75 دولارا للبرميل"، مشيرة إلى أنها "تسعى إلى مزيد التحكم في منظومة الدعم، علما وأن كل زيادة بدولار واحد في سعر برميل النفط يقدّر انعكاسها على ميزانيّة الدولة بحوالي 120 مليون دينار (45.6 مليون دولار)".

وكان صندوق النقد الدولي قد دعا السلطات التونسية في بيانه الذي صدر في 12 من يونيو/حزيران الجاري إلى "سن زيادات ربع سنوية في أسعار الوقود".

وسبق أن أعلن الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي، في إبريل/ نيسان الماضي أن الحكومة تعتزم رفع أسعار الوقود 4 مرات خلال هذا العام.

وبرّرت الحكومة رفع أسعار الوقود بصعود قيمة النفط عالميا وارتفاع قيمة الدعم إلى 4 مليارات دينار (1.6 مليار دولار)، مقارنة بالقيمة المقدرة في ميزانية 2018 والتي تحددت بنحو 1.5 مليار دينار (600 مليون دولار).

وحددت الحكومة سعر برميل النفط في الموازنة بنحو 54 دولارا للبرميل، مشيرة إلى أن كل زيادة في الأسعار عن هذه المستويات بدولار واحد تؤدي إلى زيادة في نفقات الدعم بنحو 121 مليون دينار (45.6 مليون دولار).

وقال نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، جاءت دون التشاور مع الأطراف الاجتماعية، متوقعا "انعكاسات فورية على كلف المعيشة، التي تفاقمت بشكل ينذر بالخطر".

وأضاف الطبوبي أن منظمته تتجه إلى عقد اجتماع لاتخاذ جملة من الخطوات حيال السياسة الاجتماعية للحكومة التي انعكست سلبا على المواطنين من خلال الزيادات في أسعار المحروقات والزيادة المرتقبة في سعر الحليب.

وتابع أن "سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية تأتي في إطار وصفات جاهزة لصندوق النقد الدولي، دون مراعاة خصوصية الواقع الاقتصادي المحلي".

وقال: "اليوم زيادات في المحروقات والحليب وغدا فيالق جديدة من العاطلين عن العمل"، متوقعا تسريحا لموجات من العمال في حال توقف المؤسسات الاقتصادية ذات القدرة التنافسية الضعيفة على الاستمرار في النشاط.

كما قال بلحسن الزمني الخبير الاقتصادي، إن الزيادات في أسعار المحروقات ستؤثر على أسعار كل المواد الاستهلاكية والخدمات، متوقعا قفزات جديدة في سعر النقل بكافة أشكاله البري والبحري والجوي، فضلا عن زيادة المواد الغذائية التي تأهبت الصناعات الغذائية لها بإعلان زيادات في سعر الحليب لتليها زيادات أخرى قد تشمل المواد المدعمة.

لكن طارق الشريف، رئيس تكتل رجال الأعمال "كونكت"، دعا إلى التعامل بموضوعية مع زيادة أسعار الوقود، مشيرا إلى أنها متوقعة ومهدت لها الحكومة عبر تصريحات متكررة.

وأضاف الشريف في حديث لـ"العربي الجديد" أن الحكومة لا تملك العديد من الخيارات في ظل الوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع مديونية الدولة إلى أكثر من 30 مليار دولار، مشيرا إلى ضرورة تطبيق التعديل الآلي لأسعار المحروقات على غرار ما تقوم به الدول المتقدمة، وذلك برفع الأسعار أو خفضها حسب حركة الأسعار العالمية.

المساهمون