لا يجد خبراء اقتصاديون جدوى في رفع مستوى أجور التونسيين، في ظل وضع اقتصادي متردٍ، معتبرين أن الزيادات التي حصل عليها موظفو القطاع الحكومي والخاص في السنوات الأخيرة لم تساهم في تحسين ظروفهم المعيشية، بل إن نحو ثُلثهم تقريباً انزلق إلى خانة الفقر.
وأعلنت الحكومة التونسية أخيراً، رفع الأجر الأدنى المضمون بنسبة 5.65% في إطار حماية الطبقات الضعيفة من تداعيات التضخم وارتفاع كلفة المعيشة، لكن يبدو أن هذه التعديلات لم تؤت ثمارها أيضاً.
ويربط الخبير الاقتصادي، معز الجودي، الزيادة في الأجور بضرورة تحسن الوضع الاقتصادي وزيادة نسبة النمو وتراجع التضخم، معتبرًا أن الزيادة في غياب هذه العوامل لن تساهم إلا في تكديس أعباء جديدة على الدولة وضغوط على الموازنة ستضطر الحكومة معها إلى الاقتراض الخارجي.
وأشار الجودي في حديث لـ "العربي الجديد" إلى أن كتلة الأجور في السنوات الست الماضية تضخمت بشكل قياسي نتيجة الزيادات المتتالية في الرواتب، غير أن عموم المواطنين لم يلحظوا أي تحسن في مستوياتهم المعيشية، لافتاً إلى أن هذا الصنف من الزيادات لا يدفع محركات الاقتصاد بقدر ما يؤدي إلى ارتفاع نسب التضخم نتيجة الزيادة في الاستهلاك.
وأضاف الجودي، أن الشلل طاول أغلب محركات الاقتصاد التونسي ما عدا محرك الاستهلاك، ما تسبب في قفز نسب التضخم إلى معدلات قياسية وعجز الميزان التجاري المدفوع بالتوريد العشوائي لمواد كمالية استنزفت رصيد البلاد من العملة الصعبة مقابل انحسار الاستثمار وتراجع التصدير، وفق تأكيده.
ودعا الخبير الاقتصادي إلى مراجعة طريقة المفاوضات بين النقابة والحكومة حول الزيادات في الرواتب تماشياً مع مقتضيات المرحلة الاقتصادية معتبراً أن المسار الحالي في التفاوض حول الزيادة في الرواتب منهك لجميع الأطراف.
وأشار الجودي أن النفقات والأجور تلتهم نحو 10 مليارات دولار من ميزانية الدولة المقدرة بنحو 15 مليار دولار، معتبراً أن الرقم دليل على اختلال هيكلي في موازنة يفوق عجزها 6%.
وتقارب كتلة أجور التونسيين حالياً نحو 14.3 مليار دينار (5.8 مليارات دولار) سنوياً، ما يمثل 15% من إجمالي الناتج المحلي، تلك نسبة تعد بين الأكثر في العالم، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي الذي أكد في تقرير حديث، أن نسبة الأجور لا تتجاوز معدل 8% من الناتج في البلدان الصاعدة.
وعرفت هذه الكتلة تطورًا من 5.8 مليارات دينار عام 2010، إلى 14.3 مليار دينار حالياً. وسجّل بند الأجور ضمن الناتج المحلي الإجمالي زيادة من 10%، إلى 13.5% عام 2015، ثم 14.5% في سنة 2016، مع احتمال قويّ أن تبلغ نسبة الزيادة 15% في سنة 2017، وفق بيانات رسمية.
وبالرغم من تحذيرات خبراء الاقتصاد من مواصلة سياسة الزيادات في الأجور دون تحسين الإنتاجية ورفع نسب النمو يصر الاتحاد العام التونسي للشغل (النقابة العمالية الأكثر تمثيلاً) على ضرورة الدخول في جولة جديدة من المفاوضات الاجتماعية قبل شهر إبريل/نيسان 2018، لهذا الغرض، داعياً الحكومة إلى الأخذ بعين الاعتبار الزيادة في الرواتب في إعداد موازنة 2018.
ويعتبر القيادي النقابي، منعم عميرة، أن موقف المنظمة واضح في هذا المجال وأن الحديث عن العجز في الميزانية والظروف الصعبة لا يمكن أن يكون على حساب الطبقة الضعيفة، مشيراً إلى أن الاتحاد بدأ في الإعداد لجولة مفاوضات اجتماعية حول الزيادة في أجور الموظفين في القطاع العام والوظيفة العمومية بجانبيها الترتيبي والمالي، تجسيماً للاتفاق الممضى بين الاتحاد والحكومة، وكذلك في القطاع الخاص وفق المحضر الممضى مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
وأضاف عميرة في تصريح لـ "العربي الجديد" أن الطبقة العاملة لا يمكن أن تتحمل تبعات الخيارات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة، خاصة أن تجميد الزيادات لن يكون مصحوباً بتجميد للأسعار، مؤكداً ضرورة خلق موارد شغل قادرة على دفع عجلة التنمية والنهوض بالاقتصاد.
ولفت عميرة إلى أن تحسين القدرة الشرائية للتونسيين، يحتاج إلى جملة من العناصر المتكاملة، بما في ذلك زيادة الرواتب، مشددًا على أن النقابات العمالية تسعى من خلال المطالبة بالزيادات إلى استيعاب جزء من تداعيات الزيادات المتواصلة في الأسعار وعجز الحكومة على احتواء نسبة التضخم.
وأقرت وزارة التجارة، أول أمس الأحد، بصعوبة بلوغ الهدف المرسوم في نسبة التضخم بنحو 3.7% لكامل سنة 2017، بحسب وثيقة الميزان الاقتصادي بالنظر لتواصل انزلاق سعر صرف الدينار أمام أهم العملات الأجنبية وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وبلغت نسبة التضخم، حتى نهاية أغسطس/آب الماضي 5.7%، نتيجة ارتفاع أسعار مجموعة من الأغذية والمشروبات.
وتعهد رئيس الحكومة يوسف الشاهد، في جلسة منح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد في 11 سبتمبر/أيلول الماضي، بالعمل على تقليص كتلة الأجور من 40% حالياً من ميزانية الدولة إلى 12.5% بحلول عام 2020.
ومن المنتظر أن تكون آليات خفض كتلة الأجور أحد أبرز عناوين الزيارة القادمة لوفد صندوق النقد الدولي إلى تونس بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
اقــرأ أيضاً
وأعلنت الحكومة التونسية أخيراً، رفع الأجر الأدنى المضمون بنسبة 5.65% في إطار حماية الطبقات الضعيفة من تداعيات التضخم وارتفاع كلفة المعيشة، لكن يبدو أن هذه التعديلات لم تؤت ثمارها أيضاً.
ويربط الخبير الاقتصادي، معز الجودي، الزيادة في الأجور بضرورة تحسن الوضع الاقتصادي وزيادة نسبة النمو وتراجع التضخم، معتبرًا أن الزيادة في غياب هذه العوامل لن تساهم إلا في تكديس أعباء جديدة على الدولة وضغوط على الموازنة ستضطر الحكومة معها إلى الاقتراض الخارجي.
وأشار الجودي في حديث لـ "العربي الجديد" إلى أن كتلة الأجور في السنوات الست الماضية تضخمت بشكل قياسي نتيجة الزيادات المتتالية في الرواتب، غير أن عموم المواطنين لم يلحظوا أي تحسن في مستوياتهم المعيشية، لافتاً إلى أن هذا الصنف من الزيادات لا يدفع محركات الاقتصاد بقدر ما يؤدي إلى ارتفاع نسب التضخم نتيجة الزيادة في الاستهلاك.
وأضاف الجودي، أن الشلل طاول أغلب محركات الاقتصاد التونسي ما عدا محرك الاستهلاك، ما تسبب في قفز نسب التضخم إلى معدلات قياسية وعجز الميزان التجاري المدفوع بالتوريد العشوائي لمواد كمالية استنزفت رصيد البلاد من العملة الصعبة مقابل انحسار الاستثمار وتراجع التصدير، وفق تأكيده.
ودعا الخبير الاقتصادي إلى مراجعة طريقة المفاوضات بين النقابة والحكومة حول الزيادات في الرواتب تماشياً مع مقتضيات المرحلة الاقتصادية معتبراً أن المسار الحالي في التفاوض حول الزيادة في الرواتب منهك لجميع الأطراف.
وأشار الجودي أن النفقات والأجور تلتهم نحو 10 مليارات دولار من ميزانية الدولة المقدرة بنحو 15 مليار دولار، معتبراً أن الرقم دليل على اختلال هيكلي في موازنة يفوق عجزها 6%.
وتقارب كتلة أجور التونسيين حالياً نحو 14.3 مليار دينار (5.8 مليارات دولار) سنوياً، ما يمثل 15% من إجمالي الناتج المحلي، تلك نسبة تعد بين الأكثر في العالم، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي الذي أكد في تقرير حديث، أن نسبة الأجور لا تتجاوز معدل 8% من الناتج في البلدان الصاعدة.
وعرفت هذه الكتلة تطورًا من 5.8 مليارات دينار عام 2010، إلى 14.3 مليار دينار حالياً. وسجّل بند الأجور ضمن الناتج المحلي الإجمالي زيادة من 10%، إلى 13.5% عام 2015، ثم 14.5% في سنة 2016، مع احتمال قويّ أن تبلغ نسبة الزيادة 15% في سنة 2017، وفق بيانات رسمية.
وبالرغم من تحذيرات خبراء الاقتصاد من مواصلة سياسة الزيادات في الأجور دون تحسين الإنتاجية ورفع نسب النمو يصر الاتحاد العام التونسي للشغل (النقابة العمالية الأكثر تمثيلاً) على ضرورة الدخول في جولة جديدة من المفاوضات الاجتماعية قبل شهر إبريل/نيسان 2018، لهذا الغرض، داعياً الحكومة إلى الأخذ بعين الاعتبار الزيادة في الرواتب في إعداد موازنة 2018.
ويعتبر القيادي النقابي، منعم عميرة، أن موقف المنظمة واضح في هذا المجال وأن الحديث عن العجز في الميزانية والظروف الصعبة لا يمكن أن يكون على حساب الطبقة الضعيفة، مشيراً إلى أن الاتحاد بدأ في الإعداد لجولة مفاوضات اجتماعية حول الزيادة في أجور الموظفين في القطاع العام والوظيفة العمومية بجانبيها الترتيبي والمالي، تجسيماً للاتفاق الممضى بين الاتحاد والحكومة، وكذلك في القطاع الخاص وفق المحضر الممضى مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
وأضاف عميرة في تصريح لـ "العربي الجديد" أن الطبقة العاملة لا يمكن أن تتحمل تبعات الخيارات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة، خاصة أن تجميد الزيادات لن يكون مصحوباً بتجميد للأسعار، مؤكداً ضرورة خلق موارد شغل قادرة على دفع عجلة التنمية والنهوض بالاقتصاد.
ولفت عميرة إلى أن تحسين القدرة الشرائية للتونسيين، يحتاج إلى جملة من العناصر المتكاملة، بما في ذلك زيادة الرواتب، مشددًا على أن النقابات العمالية تسعى من خلال المطالبة بالزيادات إلى استيعاب جزء من تداعيات الزيادات المتواصلة في الأسعار وعجز الحكومة على احتواء نسبة التضخم.
وأقرت وزارة التجارة، أول أمس الأحد، بصعوبة بلوغ الهدف المرسوم في نسبة التضخم بنحو 3.7% لكامل سنة 2017، بحسب وثيقة الميزان الاقتصادي بالنظر لتواصل انزلاق سعر صرف الدينار أمام أهم العملات الأجنبية وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وبلغت نسبة التضخم، حتى نهاية أغسطس/آب الماضي 5.7%، نتيجة ارتفاع أسعار مجموعة من الأغذية والمشروبات.
وتعهد رئيس الحكومة يوسف الشاهد، في جلسة منح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد في 11 سبتمبر/أيلول الماضي، بالعمل على تقليص كتلة الأجور من 40% حالياً من ميزانية الدولة إلى 12.5% بحلول عام 2020.
ومن المنتظر أن تكون آليات خفض كتلة الأجور أحد أبرز عناوين الزيارة القادمة لوفد صندوق النقد الدولي إلى تونس بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.