تونس: تماثيل بورقيبة تعود للساحات العامة وتثير الجدل

25 مايو 2016
أعيد التمثال إلى شارع الحبيب بورقيبة (العربي الجديد)
+ الخط -
يبدو أن الثورة التي أطاحت الرئيس، زين العابدين بن علي، نفخت الروح في تماثيل غريمه، الحبيب بورقيبة، والتي تركت في أقبية قصر الحكومة والرئاسة، لتعود بقرار سياسي إلى الساحات العمومية، وبالتحديد وسط شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس.

القرار الرئاسي الذي أذن بعودة تمثال الزعيم بورقيبة إلى العاصمة ليأخذ مكانه في ساحة (14 جانفي)، المحاذية لوزارة الداخلية، أثار كثيراً من الجدل، إذ يرى بعضهم أنه جاء في إطار المصالحة مع الماضي، في حين يراه بعضهم الآخر ضرباً للقيم التي جاءت بها الثورة.

الأمين العام للتيار الديمقراطي، محمد عبو، اعتبر أن "الثورة قامت ضد بن علي ونظامه، الذي هو امتداد لنظام بورقيبة، الذي مهما كانت إنجازاته لا يجب أن ننسى أنه حكم البلاد كرئيس دولة في الستينيات، وخرج من حكمها وهي دولة متخلفة وخزائنها خاوية".

وأضاف عبو، المحسوب على أشرس المعارضين لحكم بورقيبة، "ساحة الثورة تحتاج لتمثال يجسد يوم 14 جانفي (كانون الثاني) 2011 أمام الداخلية، وتصنعه أياد تونسية، ويذكر التونسيين بلُحمتهم في ذلك اليوم التاريخي؛ بداية الانتقال من الاستبداد إلى نظام ديمقراطي".

في المقابل، ترى النائبة بحزب "نداء تونس"، أنس الحطاب، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن "إرجاع تمثال الحبيب بورقيبة الى مكانه الأصلي هو اعتراف بالجميل لرمز من رموزنا الوطنية في تحرير تونس"، مضيفة "نحن الجيل الذي يعرف جيداً مكانة الزعيم بورقيبة على الصعيدين الوطني و الدولي، نبارك هذه البادرة".

النائبة قالت، إن "من يحمل الفكر البرقيبي دافع بشراسة بعد الثورة عن مكاسب تونس ومكاسب المرأة"، وأضاف الحطاب أن "العديد من السياسيين سعوا بعد حكم بورقيبة أو حتى بعد الثورة مباشرة، لطمس بعض المراحل الهامة في تاريخ تونس الجديدة وأهمها المرحلة البورقيبية".

وللعلم فإن الرئيس المخلوع، بن علي، قرر بعد أيام من حكمه في نوفمبر/تشرين الثاني من سنة 1987 إزالة كل تماثيل بورقيبة، وبعد الثورة عادت الحركة البورقيبية بقوة، لا سيما بعد فوز حزب "نداء تونس" بالحكم، القريب فكرياً من بورقيبة، وأيضاً بعد فوز الباجي قايد السبسي برئاسة الجمهورية، الذي كثيراً ما يُنتقد على تشبهه بالزعيم الراحل حتى في مظهره.

بدوره، اعتبر المؤرخ عبداللطيف الحناشي، أن "الجدل الذي أثاره قرار إعادة التمثال يمكن قراءته من منظورين، الأول ديني والثاني سياسي"، مستشهداً على الأول بـ"رفض بعض الأطراف الإسلامية التي تتبنى فكراً متطرفاً فكرة التماثيل"، أما في ما يخص تفسيره للجانب السياسي، فأشار الحناشي إلى أن "بعض الأطراف التي ترفض ذلك القرار مازالت لم تتجاوز عقدة بورقيبة، على الرغم من أن حركة النهضة مثلاً تجاوزت ذلك بعد الثورة وقد كانت من أشد المنددين بسياسة بورقيبة".

مواطنة تونسية تدعى سلمى بلغايب (خمس وعشرون سنة)، قالت لـ "العربي الجديد"، "لم أعش في فترة حكم بورقيبة ولكن سمعت وقرأت عمّا فعله من أجل تونس خاصة قبل الاستقلال .. وكل هذا يشفع له ليكون أمام أعين كل من يريد تهديد مكتسباتنا".
أما بسام الجبري (أربعون سنة)، فيرى أن نصب تمثال بورقيبة، يعتبر نوعاً من الاستفزاز للعديد من التونسيين الذين عذبوا في عهده، مضيفاً أن تكاليف نصب هذا التمثال التي يقال، إنها باهضة، يمكن رصدها للدفع بملف التنمية في المناطق المهمشة.

وبورقيبة، هو أول رئيس للجمهورية التونسية (25 يوليو/تموز 1957 - 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987)، عُزل عن الحكم بانقلاب من قبل بن علي، وفُرضت عليه الإقامة الجبرية في مَنزله كما حُجبت أخباره عن الإعلام إلى حين وفاته سنة 2000.​